ولد في عام 2000 وترعرع في الخرطوم، وليد طالب في السنة الثالثة بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، متخصص في الرسم. حضر العديد من ورش العمل والرحلات الميدانية طوال سنوات دراسته، حيث اكتشف أسلوبه الفريد أثناء رسمه لمجموعة من الصور الفوتوغرافية التي وجدها. كانت فرصته الأولى لعرض أعماله في المعرض الجماعي "عبر الأجيال" بجانب أعمال محمد عبد الله العتيبي، وصلاح عبدالحي، وخالد عبد الرحمن وعبير فهد. أمطرته الفرصة بالإهتمام في المشهد الفني، ولفتت انتباه هواة تجميع اللوحات إليه.
وليد في المعرض
عكس الإتجاه (Reverse) هو عنوان أول عرض فردي لوليد، يأتي بعد 6 أشهر فقط من معرضه الجماعي الأول. يعرض قوة أساليبه ويظهر إلهامه من خلال الصور السودانية القديمة للعائلات والأزواج والأصدقاء والنساء. كانت لوحاته تلتقط فترة زمنية تراوحت بين الثلاثينيات وأواخر السبعينيات، شبيهة بالصور التي تجدها في كل بيت سوداني. جذب هذا الحنين الجماهير نحو عمله.
"ها أنا أكتب لأول مرة عن معرضي الفردي الأول. إذا كنت موسيقيًا، فسأكتفي بالعزف على الألحان الموسيقية الجميلة ولن أزعج نفسي بالبحث عن الكلمات. الموسيقى ستفسر كل شيء ". كتب وليد على أحد مواقع التواصل الاجتماعي.
يستحضر الفنان وليد محمد من خلال مجموعته "العاطفة الجياشة والحنين". تعكس اللوحات وقتًا من البساطة والإتصال الأعظم، مما يخلق تلقائيًا إحساسًا بالتوق لتلك الفترة الزمنية ووهم الإرتباط بذكريات لم نكن جزءًا منها أبدًا.
يقصد وليد رسم ملامح محددة بدلاً من رسم ملامح وجه غامضة، مما يشير إلى الجوهر الحقيقي لأسلوبه. يعتقد أن ضبابية لوحاته ربما تكون سر ارتباط الجمهور بفنه.
"التقطت فرشاتي المليئة بالزيوت والأكريليك، عفويًا بدون دراسة أو رسومات تحضيرية. فقط حاملاً الذكرى و "هؤلاء الشخصيات" في الصورة التي أمتلكها. أحملها أمامي أو في ذهني لإستخدامها كمصدر إلهام ... من هذه المحفوظات القديمة صور أولئك الذين عاشوا ثم ماتوا. أجسادهم ... الملابس التي يرتدونها ... مظهرهم ... إبتساماتهم كلها ملهمة للغاية، لدرجة أنني أجد التوازن والكتلة والإيقاع والظل والضوء. انتهى بي الأمر بأن أجد نفسي. انتهى بي الأمر برسم ذاكرتي الصغيرة " يصف وليد.
تعكس أعمال وليد كلاً من شخصيته الأكاديمية الكلاسيكية وطبقاته الشخصية ومشاعره تجاه الصور. يختار بين الصور الفوتوغرافية بناءً على كيفية لعب الضوء والظلال والكتلة والملمس على إنشاء التركيبة الجمالية. في الوقت نفسه، يجد الإلهام في صور الأشخاص من الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ويركز اهتمامه على نقل قصصهم وإحيائها ويصبح هدفه إحياء هذه الذكريات المفقودة.
يقول وليد: "تتناثر الذكريات عبر الفرشاة الرقيقة على سطح "القماش" بعد مزج ظل رمادي محايد للونين. من هنا تبدأ رحلة رسم "أحادية اللون" ، والتي تعد بالنسبة لي عملية إنشاء أو رسم أكثر صعوبة من التلوين بالألوان الأساسية والألوان الفرعية. إن الرسم "أحادي اللون" يتطلب إدراكًا بصريًا وتجربة بصرية وممارسة ".
بصفتي منظم ومديرغاليري داون تاون، ومنسق مشاركة للمعهد الفرنسي الإقليمي في الخرطوم ، ولدي أكثر من 6 سنوات من الخبرة في العمل عن كثب مع الفنانين المرئيين السودانيين، اكتشفت لأول مرة موهبة وليد وأسلوبه الفريد في يونيو 2021 أثناء تنظيم عرض جماعي "عبر الأجيال: قصة تنوع وجوهر السودان".
"إن النظر إلى أعمال وليد كمشاهد قد يركز أولاً على ما يلهم هذه اللوحات: صور لجيل أكبر من الرجال والنساء السودانيين. إن الملاحظة الأطول قليلاً للتعبيرات المجردة على وجوه الشخصيات في صوره والخلفيات الباهتة إلى حد ما التي يرسمها تلقائيًا ستسحر المشاهد. تجسد خشونة الخطوط والكتلة اللونية التي يزخر بها أسلوب وليد الشخصيات التي يرسمها، وتنقل الصورة إلى مستوى أعلى بكثير من التفاعل مع المشاهد. حيث تتجلى فجأة محادثة مع الذاكرة والموت والزمن ".
تطرح دراسة لوحات وليد مجموعة متنوعة من الموضوعات للمناقشة. على سبيل المثال (ومعظمها يكون واضحًا) دور التصوير الفوتوغرافي في الاستوديو بين الستينيات والتسعينيات في السودان وما شعرت المجتمعات أنه مهم لتوثيقه. كما أن قواعد اللباس أو الموضة في تلك الأوقات مثيرة للإهتمام وتتحدث عن نظام سياسي واجتماعي مختلف لم يعيشه وليد بنفسه. طرح وليد، ربما عن غير قصد هذه الأسئلة وجعلنا نفكر في هذه الرحلة عبر الزمن. لقد جعلنا نفتقد وقتًا لم نعيش فيه ونتوق إلى مقابلة أفراد لا نعرفهم.