في شرق إفريقيا، يستمر الصراع والعنف في إجبار الناس على الفرار من ديارهم بما في ذلك حوالي 9.6 مليون نازح داخلي و 4.7 مليون لاجئ وطالب لجوء. كل بلد في المنطقة إما في حالة نزاع أو مجاور لبلد في حالة نزاع.
في عام 2022، تسببت الأزمة في إثيوبيا في نزوح ملايين الأشخاص من ديارهم مما تسبب في ارتفاع حالات النزوح في منطقة أجبرت فيها الأزمات في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ورواندا، وبوروندي، والصومال، وجنوب السودان، والسودان الملايين من السكان على الفرار في السنوات الأخيرة. يظل القرن الأفريقي أيضًا طريقًا رئيسيًا للحركات المختلطة من وإلى شبه الجزيرة العربية وإلى أوروبا.
فقد العديد من الروانديين الإتصال بأسرهم وأقاربهم بعد الإبادة الجماعية عام 1994 ضد التوتسي. بعد 28 عامًا، لا يزال بعض الناس يخمنون ما إذا كان أقاربهم ما زالوا على قيد الحياة أو أمواتًا. كما أدى التاريخ الطويل والمعقد لرواندا والدول المجاورة لها إلى تعقيد بعض الأنساب العائلية. أصبح تقفي أثر الأقارب رحلة مدى الحياة مصحوبة بالمفاجآت وخيبات الأمل. وصل بعض الشباب الذين يبحثون عن أقاربهم إلى طريق مسدود بينما أستستلم آخرون.
منصة تتبع الحمض النووي
البحث عن الأقارب ليس فقط من قبل الضحايا وأولئك الذين تيتموا خلال الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994 ولكن يوجد مواطنين آخرين مثل ديكسون موهيزي، مهندس برمجيات يدعو أربعة بلدان مختلفة بالمنزل، حيث كانت طفولته متفرقة في جميع أنحاء رواندا وبوروندي وأوغندا وتنزانيا. موهيزي لديه عائلة وذكريات وثيقة في جميع البلدان الأربعة ويواصل العمل والسفر عبر دول شرق إفريقيا. يضيف بفخر أعلام الدول الأربع عندما يكتب اسمه في الوسائط الرقمية. مثل أي عائلة رواندية نموذجية تتمتع عائلة موهيزي بتاريخ طويل من كونهم لاجئين.
عند اكتشافه أنه يشارك هذه المعضلة مع العديد من الشباب الروانديين استفاد الشاب البالغ من العمر 32 عامًا من مهاراته في الكيمياء الحيوية وهندسة البرمجيات لإيجاد منصة لتتبع الحمض النووي تستخدم بيانات الحمض النووي وشجرة العائلة وذكريات الطفولة لمطابقتها مع الأقارب. حيث من المتوقع أن تكون النتائج متاحة في غضون خمسة أسابيع تقريبًا.
أنشأ موهيزي تطبيق Igitree بعد عام واحد من البحث لاحظ خلاله أنه خلال معظم المناسبات العائلية التقى الأفراد بأفراد الأسرة الجدد وتبادلوا أرقامهم الهاتفية ولكن بعد مثل هذه المناسبات لم يكلف بعض الأشخاص أنفسهم عناء الإتصال والتعرف على بعضهم البعض وهو ما اعتقد أنه لم يكن صحيحا.
يمكن الوصول إلى إيقيتري، وهو اسم مشتق من الكلمة الكينيارواندية "igisekuru" والتي تعني النسب والشجرة، عبر الإنترنت من أي مكان في جميع أنحاء العالم. يتعين على المستخدمين التسجيل وإدخال تفاصيل الأسرة ودفع 30 دولارًا لعرض النتائج.
صورة لتطبيق إيقيتري مثبت على هاتف محمول. المصدر: نيو تايمز رواندا
"أنا رائد أعمال أعمل بشغف، وإيجاد حلول مبتكرة هو جزء مما أفعله، حيث تهدف منصتي إيقيتري إلى لم شمل العائلات. سيستغرق الأمر وقتًا لأن نجاحه يعتمد على بيانات مسجلة لكنني أعتقد أن العديد من الأشخاص مثلي سيستفيدون" قال موهيزي. و أضاف موهيزي أن نتائج إيقيتري تستند على عدد الأشخاص الذين سجلوا تفاصيل عائلاتهم. كلما زاد عدد الأشخاص زادت دقة النتائج. ومع ذلك، يختلف هذا عندما يريد المستخدم تتبع الحمض النووي الخاص به لأن العملية يمكن أن تكون أكثر تكلفة اعتمادًا على البلد.
يمكن لأي شخص لديه هاتف ذكي، سواء كان نظام أندرويد أو iOS، تحميل التطبيق مجانًا ولا تفرض أي رسوم على أي شخص لبناء شجرة عائلة وإعادة الإتصال بأقاربهم. يوفر التطبيق أيضًا نظامًا أساسيًا يمكن لأفراد العائلة من خلاله إضافة بعضهم البعض والدردشة وإنشاء مجموعات عائلية. لا يحتاج المستخدم إلى رقم جهة اتصال هاتفية للجميع لأن النظام الأساسي يوفر خيار دردشة لكل شخص.
موهيزي في مهمة لمساعدة عميلة في العثور على أفراد عائلتها المفقودين. المصدر: إيقيتري/ ديسكون موهيزي
إنجاز لم شمل الأسرة
يؤكد موهيزي أن حلمه هو أن يكون لدى الجميع منصة حيث يمكنهم البحث عن أقاربهم الذين فقدوا منذ فترة طويلة والتعرف على الأقل على بعضهم البعض، حتى قبل لم شمل الأسرة واللقاءات. يحتوي التطبيق حتى الآن على مئات المسجلين، ويتم تعقب العائلات بعد التسجيل في التطبيق بالإضافة إلى التنقل من بلد إلى آخر للقاء أفراد العائلة. يعلق موهيزي: "الأمر يتطلب الكثير من حيث الموارد والوقت ولكن الإنجاز مُرضي جدا لأنني أعرف كيف تبدو معضلة الهوية."
من أوائل مستخدمي المنصة جوزفين بيرونجي، مصممة أزياء أوغندية تبلغ من العمر 31 عامًا. أصبحت بيرونجي وموهيزي صديقين بعد أن ساعدها في تتبع أقاربها من جهة الأب الذين سمعت عنهم فقط من القصص. فر والد بيرونجي من رواندا إلى أوغندا عندما كان يبلغ من العمر 6 سنوات. كان هو وعائلته ومئات الآلاف من التوتسي الآخرين يفرون من المذابح التي ارتكبها نظام الهوتو ضد التوتسي في ذلك الوقت. بدأت بيرونجي رحلتها للعثور على أقاربها الروانديين عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها بعد أن علمت أن والدها الذي وافته المنية كان روانديًا. لسوء الحظ، لم تكن تعرف أي شخص يمكنه الكشف عن مزيد من التفاصيل حول جذور عائلتها حتى صادفت منصة موهيزي على وسائل التواصل الإجتماعي وتواصلت معه.
جوزفين بيرونجي وأعمامها الذين عثرت عليهم حديثاً في رواندا. المصدر:
استغرق الأمر ما يقرب من عام من العمل المكثف معًا وجمع كل التفاصيل الدقيقة للعثور أخيرًا على اسم مكان كان يعيش فيه والد بيرونجي قبل أن يفر إلى المنفى. حدد موهيزي مجموعة من 70 شخصًا من المنطقة بنفس عمر والد بيرونجي أو أسماء عائلة مماثلة أو أولئك الذين ادعوا أنهم يعرفونه. بعد عشرات المقابلات وجدوا العديد من الخالات والأعمام وأبناء عمومة بيرونجي في بييمانا في منطقة روهانجو، جنوب رواندا. تقول بيرونجي أن ذلك كان أسعد وقت في حياتها على الإطلاق. كما علقت بيرونجي: "لا يمكنني العثور على الكلمات لوصف ذلك اليوم. كان خالاتي وأبناء عمومتي سعداء للغاية برؤيتي وكنت عاجزةً عن الكلام. اتصالاتنا محدودة لأنني لا أتحدث لغة كينيارواندا ولا يتحدثون الإنجليزية لكننا تمكنا من الاحتفال بلم الشمل. كانت القرية بأكملها متحمسة للترحيب بي."كانت هذه هي المرة الأولى التي تسافر فيها بيرونجي إلى رواندا ، لكنها أصبحت منذ ذلك الحين زائرة متكررة وتمكنت من تعريف العائلات على جانبي الحدود والتواصل معهم.
بيرونجي مبتسمة مع أقاربها الجدد الذين تم العثور عليهم في رواندا. المصدر: إيقيتري/ ديسكون موهيزي
النجاحات تعد بمستقبل أفضل
التطبيق هو الأول من نوعه في رواندا وإفريقيا ويتوقع موهيزي أن تتقارب العائلات مع التعرف على أسلافهم وتتبع الحمض النووي. يتم الإحتفاظ بتفاصيل كل لم شمل عائلي ناجح على المنصة للمستخدمين المستقبليين. ويتصور موهيزي أن تصبح المنصة عاملة ومفيدة ليس فقط في رواندا ومنطقة شرق إفريقيا ولكن أيضاً في بلدان أخرى في إفريقيا والإنطلاق إلى العالمية.
هناك أمل في أن الأجيال بعد الأجيال ستبدأ في فهم الأمور إذا تتبعوا الأيام الخوالي. يلاحظ موهيزي أنه بالنسبة للإخوة والأخوات الأفارقة في الغربة الذين ربما نشأوا من أسلاف العبيد فإن إيقيتري هي منصة ستمنحهم حلاً من خلال تتبع أصول الحمض النووي الخاصة بهم والصلات المحتملة لمطابقات الحمض النووي للعائلة.
صادف أغسطس 2019 الذكرى السنوية الـ 400 للعبودية، وهي فرصة للعديد من الأمريكيين الأفارقة لتتبع أصولهم بعد أن رست أول سفينة تحمل عبيدًا أفارقة في جيمس تاون في فيرجينيا بالولايات المتحدة عام 1619. وقد تعهد العديد من الأمريكيين السود مؤخرًا بالعودة إلى أرض أجدادهم ومنصات مثل إيقيتري ستوفر لهم أفضل طريق.