لمحة عن الرحلة الموسيقية للملحن والموسيقي السوداني أيمن الربع، مع بعض التعليقات الجريئة على تعقيد موسيقى الزنق.
المصدر: فيس بوك
في عام 2012 ، قامت منظمة وسائل الإعلام في التعاون والانتقال- وهي منظمة غير ربحية مقرها برلين، بتصميم ملصق تم وضعه على غلاف صحيفة النيل. يظهر على هذا الملصق أحد أكثر الموسيقيين الموهوبين والمبدعين الذين عرفهم السودان. المعجزة الموسيقية التي نحن على وشك التعرف عليها هي فنان في موهبته ووتنوعيته فاق معاصريه ومعظم خلفائه براعة، كما يُزعم.
ينحدر أيمن الربع من عائلة موسيقية نشأت في جبال النوبة. والده، صلاح براون، موسيقي متخصص في الجاز و البلوز، كان أول من اكتشف العبقرية الموسيقية في إبنه. حتى أنه ذكر عدة مرات أنه يتوقع أن يكون ابنه من أعظم الموسيقيين -ليس فقط في السودان- بل في جميع أنحاء العالم.
المصدر: سودان موفز
بالإستماع إلى التسجيلات المختلفة التي شغلها والده في منزلهم، بدأ الربع في تطوير صوت فريد يمكن اعتباره مزيجًا من العديد من الأنواع الموسيقية، منها موسيقى الريغي والنوع المحلي في ذلك الوقت الذي كان يسمى أغاني البنات. ونتيجةً لذلك، تمكن من إحداث ثورة في أغاني البنات، وهو إنجاز أدى إلى ولادة نوع موسيقي امتد لعقدين من الشعبية المتزايدة وهو موسيقى الزنق.
المصدر: شوارع مصرية
"هو اندماج لإيقاعات غرب إفريقيا وأسلوب المهرجانات المصري" قال الصحفي مجدي الجزولي في محاولة لتحليل الصوت المعقد للربع، مضيفاً "مع تسريع متواتر وتكرارات على غرار تكرار اسلوب التكنو". بقدر ما يبدو مثيرًا للإعجاب، يبدو أن وصف الجزولي قد فاتته بعض الأشياء في وصف نوع موسيقى الزنق. تشبه موسيقى أيمن الربع، ولا سيما المعزوفات المنفردة، موسيقى سوكوس الكونغولية من إفريقيا الوسطى من العام 1990 إلى أوائل القرن الحادي والعشرين من حيث الموسيقى والتكرار جنبًا إلى جنب مع القيثارات النابضة والأورغن الحنين والطبول. غالباً تبدأ الأغنية بشارة موسيقية بطيئة بمقياس زمني 3/4 وتتسارع بعد ذلك في جزء الزنق بمقياس زمني 6/4 أو مقياس زمني 4/4 والذي يسمى جزء السيبين في موسيقى السوكوس الكونغولية).
المصدر: كولو ميلي الرقص والطبل الأفريقي
بالإضافة إلى ذلك، تميل بعض أعماله بشكل كبير نحو نوع موسيقى الريغي، والتي تنعكس بوضوح في الأورغن والباس لاين. علاوة على ذلك، لا يوجد عنصر واحد في موسيقى الربع يشبه موسيقى كورا في مالي، وموسيقى الطوارق المحيطة بالنيجر، وموسيقى بالم واين في سيراليون وغانا. أو أي موسيقى أخرى من غرب إفريقيا. و لكن هذا ليس مجرد تخمين أعمى وبديهي، فهناك بعض المقطوعات الموسيقية لأيمن الربع التي توحي عناوينها بهذا الاستنتاج، عادةً ما يكتبها الأشخاص على الإنترنت بعناوين موحية مثل "إبداع أيمن الربع الزائيري" - مما يعطينا تلميحًا عن الطريقة التي يتصور بها عشاق الربع موسيقاه. هناك المزيد من الأدلة على هذا الاستنتاج وهو أن مقدمة أحد أغانيه صولات هي في الواقع مقدمة لأغنية إيتات ميجرالكونغولية.
المصدر: قراندموزر افريكا
المصدر : WMRA
بالإضافة إلى رحلته الخصبة في موسيقى الرقص، ساهم الربع في العديد من المشاريع الأخرى، من بينها تعاونه مع منظمة وسائل الإعلام في التعاون والانتقال - في إنتاج موسيقي جديد لأغنية محمد وردي "عذبني" مع ابن وردي عبد الوهاب وردي. كما أن الربع كان في السابق يعزف مع المرحوم محمود عبد العزيز وكذلك مع طه سليمان.
المصدر: النيلان
قال أيمن الربع في حواره مع البرنس في برنامجه عشرة ونسة: "أستمع إلى كل أنواع الموسيقى بشكل أساسي". وربما تكون هذه الطريقة في التجربة والإختبار هي مصدر أصالته وتفرده. نظرًا لكونه عازفًا لآلات متعددة، لم يفشل أيمن الربع أبدًا في إمتاع جمهوره من خلال براعته الساحرة في العزف على مفاتيح الأورغن وقدراته المفعمة بالحيوية في عزف الطبلة، وقبضته الفاترة والمثيرة للإعجاب إلى حد ما على الغيتار الجهير.
يعتبر العديد من المعلقين موسيقى الزنق بأنها طريقة تعبير متمردة، وغالبًا ما توصف بأنها صوت الثورة والأجيال الشابة. تم القبض على أيمن الربع نفسه في الثورة السودانية الأخيرة بعد إصداره أغنية "تسقط بس"، وهي مقطوعة موسيقية مستوحاة من شعار ثورة ديسمبر. من المدهش أن تكريم منصة ألوانxاستوديو للسودان لعام 2019 - والذي تضمن مشاركة العديد من الفنانين السودانيين من خلفيات موسيقية مختلفة - لم يشمل الربع؛ حيث كان مؤثراً في المشهد الموسيقي السوداني (وربما السياسي أيضاً) في ذلك الوقت.
بالمقابل، هناك وجه آخر حيوي لموسيقى الربع يستحق التركيز عليه. وكأن الربع ومعجبيه يرقصون فوق معاناتهم على إيقاع الصولات المنفعلة والدافئة والمليئة بالحماس، لدرجة أنهم يدفعون بأنفسهم (والبيئة المحيطة) إلى الفوضى المطلقة. من الفريد أن بعض مؤلفاته تحتوي على المزامير ذات الطبقات والبيانو المتأرجح الناعم ، و لا توحي إلا بالحنين إلى الماضي.
المصدر: فيس بوك
وضع أيمن الربع بصمته على الساحة الموسيقية، وستمتد أعماله الفنية الخالدة إلى عقود وعقود. لقد كنا محظوظين بما يكفي لأن نشهد سنوات ذروته، ونأمل أن نكون أكثر حظًا بأن نبتهج بما لم يخرج بعد من موسيقاه الوفيرة.