تصوير صالح بشير
كتابة و تحرير: عزة أسامة
عاش الشعب السوداني وسافر إلى مصر على مدى أجيال. فالكثيرون، مثل النوبيين، لديهم روابط عائلية طويلة الأمد، في حين يذهب آخرون إلى هناك سعياً إلى حياة أفضل أو تعليم وتطور وظيفي، وهناك الآلاف الذين ذهبوا كلاجئين في العقود القليلة الماضية التي تشوهت بالصراعات داخل السودان. جاب المصور صالح بشير شوارع القاهرة للقاء بعض السودانيين الذين شاركوه أفكارهم وصراعاتهم وآرائهم وذكرياتهم وروحهم الطيبة بسخاء و شفافية.
عم جمال


كنت ممن سافروا إلى المملكة العربية السعودية بين 1979 إلى 1986م. عدت إلى السودان شأني كشأن كل مغترب يريد أن يحسن وضعه ويستقر في بلاده. تزوجت واشتريت سيارة وإفتتحت محل بوتيك كان مشهوراً جداً اسمه شانيل في حي المهدية الحارة الخامسة. إستمر العمل حتى العام 1989م بعدها تغيرت الأوضاع وزادت الأسعار وأصبح البيع ضعيفاً للغاية. في يوم من الأيام جاءني محصل الضرائب وطلب مبلغا كبيراً، وكنت وقتها أحمقاً فإعتديت على ذلك الموظف. حين أغلقت المحل وجدت الشرطة تنتظرني فتم القبض علي وقضيت فترة الحبس التي تقررت علي. عندما أنهيت فترتي قررت أن أغادر السودان لذلك بعت البضاعة في المحل وجئت إلى مصر، أقيم في مصر الآن منذ قرابة سبع وعشرين سنة ولم أعد إلى السودان.
فيصل مصطفي


كنت أدرس في جامعة القرآن الكريم في كلية الإعلام، نسبة لظروف حصلت لي تقدمت إلى جامعة في كوالالمبور في ماليزيا و قبل أن أنهي نصف العام في السودان جاءني إشعار أنني قد قبلت بتلك الجامعة. سافرت من مطار الخرطوم وحينما وصلت إلى المطار في ماليزيا اكتشفت أن الفيزا قد خلصت مدتها ولم أنتبه لذلك لأنها كانت تجربتي الأولى مع السفر. تم حبسي في المطار مدة 13 يوماً وقد حاولت الجامعة أن تتدخل لتحل الأمر ولكن من دون جدوى. عدت إلى السودان ووجدت زملائي قد أنهوا العام الدراسي. لذلك قررت السفر إلى مصر وفي بالي أفكار الهجرة، لحسن حظي وجدت فرصة للتقديم للجامعات وعليه قدمت إلى جامعة القاهرة وقررت أن أواصل هنا.
عبدالفتاح


كنت أقف على شرفة المنزل أفكر في تعاطي الحشيش، وضعت ملابسي في الغسالة وفي الليلة التالية حلمت بأنني وصديقي ذهبنا وإشترينا كمية كبيرة من المخدرات وقمنا باستئجار سيارة كبيرة و بها ذهبت مع صديقي إلى مكان بعيد، بعدها تدلى صديقي ليقضي حاجته. وجلست في السيارة وبدأت بلف سيجارة حينها سمعت صوت عربة شرطة وأنا ألف سيجارتي لذلك رميتها وجريت ولحقتني الشرطة وألقوا القبض علي حينها إستيقظت من نومي مفزوعاً. عانيت من مشكلة تعاطي المخدرات أنا و أصدقائي. تركت الجامعة في السودان وجئت هنا، حالياً أدرس بالمستوى الثاني ويعتقد أبي أنني بالمستوى الثالث وإن علم بذلك سيحزن ويرجعني إلى السودان وإذا عدت إلى السودان أخشى أن أعود إلى عادتي القديمة.
عم خميس
إن التراث هو الذي يشكل هويتنا وجذرونا. بدون تراثنا نصبح تائهين. تقاليدنا و تراثنا تحفظ إرتباطنا بالسودان في غربتنا.

ثريا ادم


من الأشياء التى أفتقدها هنا إرتداء الثوب السوداني، لأنني إذا إرتديته و مشيت في الشارع سينظر إلي الجميع، وذلك لأن الثوب غريب بالنسبة إليهم.
روعة حسن


سافرنا إلى القاهرة لأول مرة قبل 5 سنين، مررنا بظروف صعبة لذلك إضطررت إلى العمل كمربية منزلية لكي أساعد أهلي مادياً. في البداية كانت المسؤولية كبيرة بالنسبة لي، لأنها كانت المرة الأولى التي أعمل فيها. لقد كان الأمر مخيفاً للوهلة الأولى، أن تجلس في منزل أناس غرباء وترعى أطفالهم، ولكن مع الوقت تعودت على عملي هذا وأحببته وكذلك بنيت علاقات وثيقة حميمة مع اللذين عملت معهم، حتى وأنني متواصلة معهم حتى الآن. الغربة تجعلنا بعيدين عن الوطن ولكنها تعلمنا الإعتماد على النفس، كذلك تجعلنا نغير مفاهيم كثيرة وهذا الأمر يكوٌن شخصياتنا.
عزت نصرالدين

أقيم هنا-في مصر-منذ سبع سنين. لازلت أذكر أول موقف حدث لي عندما قدمت للمرة الأولى، كنت وقتها أعمل في العتبة-حي في القاهرة-وحدثت مشادة كلامية بيني وبين رجل مصري فقام بشتيمتي وحزنت وقررت الذهاب إلى قسم الشرطة لأشتكيه فقام الضابط المسؤول بالقسم ونادى عسكري أقل منه رتبة وقال له إشتمني وفعلياً قام بشتمه، حينها قال لي أن الأمر بسيط ولا يستحق أن يفتح له بلاغ.
محمد بكري


أقيم في مصر منذ ثماني سنوات، كان هذا القرار-قرار السفر-قد إتخذته الأسرة. كان الأمر صعباً لأنني بسببه لن أتمكن من رؤية أصدقائي والمكان الذي ترعرعت فيه. أفتقد لعب كرة القدم مع أصدقائي و جيراني في الحي.
أحمد الغالي


إضطررت إلى مغادرة السودان هرباً قبل أن يمنع إسمي من السفر. وذلك لأنني ضمنت شخصاً على مبلغ مالي كبير ولم يفِ الرجل بدينه، لذلك كان لابد أن أسدد المبلغ وعليه غادرت السودان وأفكر حالياً في السفر إلى مكان آخر لأن الوضع هنا بات صعباً.
ليب غنور


درست الثانوية العامة في مدينة رفاعة بولاية الجزيرة، كنا آخر دفعة من الطلاب من جنوب السودان قبل الإنفصال. كنت أدرس في مدرسة الشيخ لطفي، كانت لي ذكريات جميلة جداً هناك وكان يطلق على طلابها لقب لطفجي أو لطفجيين. لازلت أذكر أننا كنا نقتحم الحواشات في مشروع الجنيد الزراعي و نأكل قصب السكر. أورشليم و كوكادام هما أسماء العنابر التي كنا ننام فيها.
خالد


هنا يتمكن الواحد منا من أخذ حريته كاملة بأن يفعل ما يريد على عكس السودان حيث يقوم بحساب أفعاله كي يرضي أهله، فمثلاً هناك أفعال إن قمت بها سيسئ الناس فهمي ويقولوا إنني قد انحرفت.
كنت أغني في الحفلات الشعبية في أمدرمان و الثورات. لازلت أذكر أول حفل لي حيث جنيت مائة جنيه وكنت مسروراً جداً. كانت أمي الشخص الوحيد الذي يعرف بعملي. وفي يوم عندما علم أبي بالأمر غضب علي وقال لي لقد إنحرفت وأن هذه أفعال “الصعاليك” من الناس. عندما قدمت إلى القاهرة تعرفت على شباب يعزفون على الآلات الموسيقية وبتنا نحي حفلات في مراكز الجاليات السودانية ونجني قدراً كبيراً من المال أقله ثلاثة آلاف جنيه.
أحمد

أنا أغني الراب منذ خمس سنوات. كانت بدايتي مع الشعر، ولكني توجهت إلى الراب بعد إستماعي إلى كلاش و ابوالنيس. لقد سجلت قرابة الثلاثين أغنية، أنا أكتب وأسجل وأعدل أعمالي بمفردي. أطمح إلى أن أطرح قضايا عن طريق الغناء وأن أصبح مشهوراً. انا الآن أدرس في المعهد العالي للسينما في القاهرة.