”الناس دون معرفة ماضيهم، أصولهم وثقافتهم كالشجرة بلا جذور”– ماركوس قارفي، جمايكي قومي مؤسس حركة “العودة إلى أفريقيا” في الولايات المتحدة في أوائل القرن العشرين.
العودة إلى السودان الأفريقي هو ما يفعله الممثل وفنان الهيب هوب الأمريكي السوداني ذو ال 25 عاماً رامي داؤود بألبومه الجديد، كاشتاعبر الموسيقى، يأمل رامي بإطلاق حركة جديدة في الهيب الهوب السوداني والأفريقي تنشر رسالة حب الذات وتقبل الجذور الأفريقية. كاشتاوالتي تعني حرفياً (الكوشي)، يُعتقد أنه مؤسس الأسرة 25 الكوشية. حكم النوبة من نبتة التي تقع على بعد 400 كلم شمال الخرطوم. وهو أول حاكم كوشي عُرف عنه أنه وسع نطاق مملكته حتى مصر العُليا.
لأولئك الذين يعرفون موسيقى رامي، فإنه يتعهد أن كاشتا سيكون مختلفاً عن كل ما قدمه من قبل. “إنه ليس ما تتوقعه من إلبوم هيب هوب ولكنه ليس سودانياً خالصاً كذلك. إنه مزيج من كليهما – حيث يلتقي الشرق بالغرب” يقول رامي موضحاً. الآلات الموسيقية ك كالطار و والكسر (طمبور) يمكن سماعها عبر 11 أغنية باللغة الإنجليزية، العربية وحتى النوبية – كلها من كلمات رامي نفسه. بالإضافة إلى ذلك فإن المستمعين سيجدون الكثير من الإشارات الكوشية والأفريقية في كاشتا.
بالرغم من إنبهاره بالتاريخ والثقافات الأفريقية، أمضى رامي معظم حياته في الخارج، في الأغلب في كنساس، في الولايات المتحدة، حيث يقيم حالياً. “لم يحدث أن عشتُ في السودان، لكن الطريقة التي تربيتُ بها، كانت سودانية. يحرص والداي دائماً من التأكد من إندماجنا في المجتمع السوداني بطريقة أو أخرى. عندما كنا في مصر، كنا محاطون دائماً بالسودانيين، و كانت زيارة النادي النوبي في الإسكندرية جزءاً من حياتي. عندما إنتقلنا للولايات المتحدة، كان هناك مجتمع سوداني متماسك، معظم أفراده كانوا قد أتوا حديثاً مثل والدي” يقول رامي.
بداية كاشتا حدثت في 2014 خلال زيارة رامي الأخيرة للسودان، ” قريبتي التي كانت تبلغ ال 11 من العمر في ذلك الوقت، طلبت مني مساعدتها في الدراسة لإمتحان التاريخ. عندما نظرت في كتبها لم أكن متفاجئاً بل محبطاً أن تاريخ السودان القديم قد تم إهماله من المقرر. كنت محبطاً لقلة التركيز على تاريخ السودان وإفريقيا. دولة إفريقية ترفض أن تُدرس أبنائها عن تاريخهم هو شئ غير مقبول، إنها طريقة أخرى من طرق الحكومة الحالية لتطبيق خطتها نحو التعريب الكامل للناس” يقول رامي. نتيجة لذلك، يقول، الأجيال القادمة لن يكون لديهم معرفة عن هويتهم الحقيقية مما سيؤدي إلى إصابتهم بالضياع.
“أريد أن يعرف الشباب أن أجدادهم كانوا من أعظم الملكات، الملوك، المحاربين والمفكرين على مر العصور، مذكورين حتى في الكتب السماوية. الوجه الذي يطالعك في المرآة، هو وجه من علم العالم الرياضيات، علم الفلك، علم النفس وبنى الحضارة الإنسانية” يقول رامي. مؤمناً أن التحرر الحقيقي يبدأ على المستوى الفكري، يقول أنه وفي سبيل أن يتقدم السودان إلى الأمام، يحتاج الناس لأن يحرروا عقولهم وأن يتعلموا أن يحبوا أنفسهم.
.تم إنشاء كاشتا خلال ستة أشهر، وهو الألبوم الرابع لرامي. في 2006 أطلق رامي ألبوماً منوعاً كجزء من “ذي أمباسادورز”وهو دويتو هيب هوب يضم رامي و ه. أ. كريم الذي أصبح المنتج الأساسي لرامي منذ ذلك الحين. في 2008 أطلق أول مشروع منفرد “يوميات مهدد”ثم جاء “إنعكاسات إي بي” في 2013. كاشتا سيضم إعادة تسجيل بعض أغاني رامي من مشاريع سابقة مثل “شكراً لك” التي جاءت في مشروع “ذي أمباسادورز” .
سيطلق رامي كاشتا في 28 مايو 2016. و لكنه أعطى الناس لمحه عن ما سيكون عليه الألبوم عندما أطلق الفيديو الموسيقي “المقرن” في 23 أبريل 2016. الفيديو يأخذ المشاهدين في رحلة عبر السودان تبدأ بالغرب في دارفور عبر كردفان، إقليم النيل الأزرق، مع وقفة في كسلا والبحر الأحمر، يزور البطانة، ثم أخيراً يذهب شمالاً مع النيل عبر النوبة. ” يركز على جمال السودان وأهله. يتجه بعيداً عن العنف الذي إعتدنا أن نسمع عنه، يحاول أن يذكر الناس بطبيعتنا الجميلة ويبعث فيهم الأمل” يوضح رامي. إسم الأغنية، “المقرن” ، تشير إلى مكان إلتقاء النيلين، حيث يلتقي النيل الأبيض بالنيل الأزرق في الخرطوم.

في إحدى أغاني كاشتا، “صحارى أوناتي” والتي تعني “قمر الصحراء”، سيغني رامي الراب بلغته الأم، النوبية، للمرة الأولى. الأغنية التي ستقدم الفنان المغني السوداني الأمريكي “موسنو الموسيقي” هي عن “الأفارقة كشعب ضائع، هنا أنا آخذ الأمور بشكل شخصي، وأسأل قمر الصحراء بل أستجديه أن يأخذنا إلى حيث ننتمي” يوضح رامي. “في الوضع الراهن، مع وجود السدود وإحتمال الفيضانات وتهجير النوبيين، أريدهم أن يعرفوا أن هناك من هم مثلنا ممن يقاسمونهم الألم ويرغبون بمشاركة قصصهم مع العالم. أريدهم في السودان وفي أي مكان من العالم، أن يعلموا أن هناك جيلاً يعرف ما يحدث وليسوا خائفين من التحدث عنه” يقول.
بالإضافة إلى “موسنو الموسيقي”، فإن الألبوم سيقدم “سناء أرماو” و “سماني هجو” الذي سينتج ثلاثة أغاني بالإضافة إلى موسنو و ه. أ. كريم. رامي يقول أنه قد يكون هناك ضيف مفاجأة سيفصح عن إسمه بعد إطلاق الألبوم.
.كاشتا يحتوي على أغنية بعنوان “مكان للإختباء” مهداة خصيصاً للنساء الإفريقيات في السودان. “تنشأ فتياتنا الصغيرات وهن يلعبن بدُمى “باربي” ذوات البشرة البيضاء، يشاهدن المسلسلات التركية والهندية، ولا يرون أناس ناجحين يشبهونهم. هذا يقود لكراهية النفس، وهي مشكلة كبيرة في السودان وفي القارة الإفريقية ككل. “مكان للإختباء” هي محاولتي لجعل أخواتنا يشعرن بأنهن محبوبات وأن لا حاجة لأن يشعرن بالخجل من أنفسهن “توقفي عن إخفاء وجهك، ليس هنالك مكان للإختباء” يوضح رامي.
كاشتا سيأخذ المستمعين، السودانيين تحديداً، لأرض الوطن بحثاً عن جذورهم الحقيقية. بعضهم قد يتحد مع جذوره بينما قد يشعر آخرون بالحنين ويشتعلون بحب الوطن. بعضهم قد يفعل كما يقول رامي في “المقرن” “، “إذا كنت فخوراً بمن تكون، إرفع يدك وقُل شكراً. ربما عندما ينتهي ذلك كله، قد نستطيع أن نلتقي في المقرن”.
لمزيد من المعلومات يمكنكم زيارة موقع رامي الرسمي هنا يمكنكم أيضاً أن تجدوه في تويتر، الفيسبوك، إنستاغرام و يوتيوب.