هذا المقال متوفر أيضاُ باللغة English

جميع الصور بواسطة كاتبة المقال

يشتكي كثير من الناس من تضرر جداول أعمالهم جراء الحجر الصحي. ويوجد معظم هولاء الناس في المراكز الحضرية مثل كمبالا. من جهة أخرى تختلف الحياة في القرية قليلاً، فالوضع مماثل لما كان عليه. كنتُ أحسبه حقيقة بالنسبة لي فقط، لكن بعد التحدث إلى عدد من صديقاتي/أصدقائي الذين يقضون فترة العزل في القرى يبدو الوضع مشابه للجميع.

النشاطات اليومية

تتمثل النشاطات اليومية لأغلب الناس في العمل المكتبي، أو الذهاب إلى المدرسة. يصاحب هذه النشاطات في القرية حلب البقر، الطبخ، الزراعة، جلب المياه والحطب، الصلاة معاً والذهاب إلى النوم. حافظت هذه الأنشطة هنا على طابعها ولم تتغير. ففي منزلنا الواقع في قرية روتاما في مقاطعة شيما نذهب إلى المزرعة بشكل يومي فدائماً هنالك عمل لإنجازه. ربما إزالة الأعشاب الضارة أو زراعة شئ جديد، أو أكثر الأشياء المفضلة عندي؛ إنشاء تلال رملية صغيرة من أجل البطاطس.

أخبرتني صديقة لي من كيرهورا أنهم يستيقظون عند الخامسة صباحاً لحلب البقر، وهذا عمل منفصل عن واقع عملها في وظيفة مكتبية في كمبالا. بعض أصدقائي يدرسون في جامعة ماكيريري ويتمنون لو أنهم بقوا في كمبالا. فمن الواضح أن الأعمال المنزلية ستقضي عليهم قبل أن يفعل فيروس كورونا. أحدهم، وهو في بوشيني حالياً، قال " لا أفهم عندما يتحدث الناس في كمبالا عن شعورهم بالملل. لا أشعر بالملل هنا فالأعمال المنزلية لا تنتهي". كأن عيد الكريسماس أتى مبكراً فأغلب الناس يقرون بأن الأعمال المنزلية في الكريسماس في القرية مضنية. لكنها طبيعة الحياة في القرية حيث لا يوجد زمن للرفاهيات الصغيرة كالجلوس بدون عمل أي شيء. ولذلك عندما تظن أن أعمالك المنزلية أنجزت، صدقني، فأهلك سيكونون جاهزين بالمزيد.

undefined

العمل في الحدائق لا ينتهي أبداً.

زمن الحظر

للعديد من الأسابيع، الحظر في أوغندا بدأ من السابعة مساءاً. صديقة من كمبالا أخبرتني أنها اضطرت للركض من قوات الدفاع المحلية في مرات عدة وهي في طريقها إلى المنزل من السوبرماركت الذي تعمل به في كيساسي. أما هنا فنحن نجلسُ في المنزل سوياً عند السابعة للعشاء و نبدأ بصلوات عائلية ومن ثم الذهاب إلى النوم مع حلول الظلام. في الغالب نعود من المزرعة عند الثالثة عصراً ، نطبخ للغداء والعشاء معاً، ونقوم ببعض الأعمال المنزلية الخفيفة كغسل أواني المطبخ. في القرية يعود أغلب الناس إلى منازلهم في الثالثة أو الرابعة ، بسبب عدم امتلاك عدد كبير من المنازل للإمداد الكهربائي لذا يجب إنجاز كل شئ قبل غروب الشمس. لذلك نظل غير منزعجيبن من الحظر.

undefined

طاولة العشاء جاهزة.

الشوارع

تبدو شوارع كمبالا مليئة بناس يمشون. تقول صديقة من نتندا " بينما تقلص عدد السيارات في الشوارع، فالناس يتمشون، يمارسون الركض ودراجات البودا بودا تحتل كل الشوارع". بينما الشوارع شبه خالية في قريتي، هنالك بعض السيارات و دراجات البودا بودا ، و عدد قليل من سائقي الدراجات وأقل من هذا الطريق السريع من Mbarara إلى Bushenyi عبر بلدة Kabwohe. الشوارع كانت فارغة لهذا ويقصهو عدد الأشخاص الذين يسيرون أو يمارسون الركض. دائماً ما تكون نزهاتي يوم الأحد حينما لا يكون هنالك أعمال منزلية فحتى في حال عدم ذهابنا إلى الكنسية نستمر في تقدير يوم الأحد كيوم للراحة. لكن الشوارع تكون مهجورة كما في مساء الكريسماس حيث يحتفل الجميع في المنزل.

مدن الأشباح

أصبحت أغلب البلدات في كمبالا مدن شبحية، أرسل لي أصدقائي عدداً من الصور من مدن مختلفة تظهر الأبواب المغلقة، ليس لدينا ذلك هنا. فبينما الشوارع خالية حتى في المدن ، فالمتاجر مفتوحة. أخبرني صديق من إيشاكا بأن نفس الأمر يحدث هناك، المحلات مفتوحة لأن معظمها مقابلة لمنازل الناس، بعض المحلات الأخرى مغلقة بالطبع كمحلات الهواتف والمكتبات لكن عدد كبير من المحلات مفتوحة جزئياً، و بالطبع محلات بيع السلع الحيوية كالطعام. هنالك بالطبع إزعاج خفيف نسبة لقلة الناس المتنقلين من متجر لآخر لكن المتاجر ما تزال تعمل بشكل جيد جداً.

undefined

الطريق السريع من مبارارا إلى بوشني عبر بلدة كابوهي كما الحال عليه لأسابع

أخبرني أصدقائي أنهم يبقون مستيقظين حتى الرابعة صباحاً يشاهدون الأفلام ويستخدمون الإنترنت، فلم أستغرب فلماذا تمنع نفسك إذا كان بمقدورك فعل ذلك؟ لا يمكننا ذلك في القرية حيث يكون الإنترنت جيداً في أعلى قمة شجرة ولا تستطيع تسلق شجرة في ظلام الليل الدامس. في الواقع لأكون متصلة بالإنترنت فأنا أمشي مسافة 2 كيلومتر للإستمتاع بتجربة تصفح جيدة. لذا في الليل وبدلاً من مشاهدة التلفاز أو الإنترنت نقوم بالقراءة ببعض مصابيح البارافين التي تعطينا ضوء خافت، والتي فيها جانب رومانسي ولكن بالطبع متعبة للعيون. وعند حضور القمر يكون الوضع ساحراً، لعدم وجود كهرباء من حولنا. وعندما يكون القمر مكتملاً ومضيئاً فبإمكاننا رؤية المتاجر في مركز المدينة، فكل شئ واضح وهادئ. عادة الرياح تهب بلطف ويمكننا سماع حفيف الأشجار العظيم. مثل هذه الليالي تجعلني ممتنة للقرية حيث أنني استمتعت بليال قمرية في كمبالا ولم تكن كهذا البهاء السماوي والأصيل كما ينبغي.

undefined

جد كاتبة المقال قبل إخبارها بقصة عن فترة الحرب

ربما تكون الأعمال المنزلية مثيرة للأعصاب في بعض الأوقات، لكن الحجر المنزلي في القرية مدهش، ففي منزل ممتلئ نحافظ على روح المرح واستمرار المحادثات. استمتعت في هذه المرة بقصص الحرب بصورة خاصة، حيث يحكى أن الشوارع كانت بمثل هذا الخواء وقتها، و أحس الناس بنفس الخوف على الحياة والموت الوشيك. كلما نسمع في الراديو عن إرتفاع عدد حالات الإصابة فأنني ألمح جدي وقد طرق الحزن ملامحه كحالة مشابهة مر بها من قبل. على الرغم من ذلك فإن الحياة توجد كلما ذهبنا إلى القرية، المناظر الطبيعية مدهشة، بالقرب منا طاحونة هواء كبيرة محاطة بالأشجار تجعل الواحد منا يشعر بالطمأنينة. كما أن الهواء منعش جداً، والطيور تصدح بأعذب الأصوات. كعاشقة للسماء فأنا مسرورة لرؤيتها. لا توجد عمارات بالقرب منا لذلك تظهر السماء ممتدة وتمنحنا أفضل منظر. وشروق وغروب الشمس جميلان بما يكفي لملئ قلب أي شخص. بعد أسابيع من الحجر المنزلي في القرية، أشعر بالتعب و الانتعاش معاً.


توسيمي توتو

توسيمي توتو كاتبة ومدونة أوغندية تحب وسائل الإعلام الاجتماعية. هي أيضاً مدربة وشاعرة مهووسة بالقراءة و تستمتع ببعض من الفن و الرقص. توسيمي حاليًا منتجة محتوى رقمي في أندريا. حصلت على درجة البكالوريوس في الصحافة والاتصال من جامعة ماكيريري، و على دبلوم في القانون من مركز تطوير القانون.