هذا المقال متوفر أيضاُ باللغة English

في الثلاثين من مارس 2020، أعلن الرئيس يوري كيجيتا موسفني تطبيق الحظر الجزئي لمدة 14 يوماً ثم جددها بضع مرات بعد ذلك في محاولة للحد من انتشار فيروس كورونا المميت. وقت التجديد كانت البلد قد سجلت 33 حالة إصابة، والتي ارتفعت مباشرة إلى 54 حالة، تعافت منها 4 حالات. مُدِدَ الحظر ، مع المحافظة على التوجيهات العامة التي شملت تنقل الناس؛ حركة السيارات العامة والخاصة، إغلاق الحدود والمطارات، وقف بعض الاسواق و المحلات التجارية، الأروقة، محلات التجارة العامة، النُزل، الصالونات، وورش العمل. وكما تأتي المقولة "عندما يتصارع فيلان، فإن العشب هو الأكثر تضرراً"، يشعر السكان المحليين واللاجئيين في أوغندا بالعبء من إغلاق الحكومة الجزئي للبلاد في مواجهتها جائحة فيروس كورونا. ومع ما يقارب نصف السكان في غولو وأدجماني كونهم عُمال ولاجئيين، فبمقدورنا فهم التأثير الإقتصادي المتفاقم للحظر الجزئي في البلاد.

يقول ريشارد أُوبوكا، وهو سائق بودا بودا (دراجة نارية تعمل كموصلات عامة) في مدينة غولو أن الحظر أثر على دخله اليومي بدرجة كبيرة، بمتوسط 50,000 شيلنغ أوغندي. ووضح أنه استدان الدراجة النارية التي يستخدمها من منظمة تقوم بمنحها للشباب على أن يكون السداد بعد سنتين على الأقل. أضاف لنا "اضطررت لإرسال زوجتي وأبني ذي الأربع سنوات إلى القرية، لا يمكنني شراء الطعام لأسرتي. وأعيشُ الآن على حمل الأمتعة للناس، وهو ليس عملاً مستقراً يمكن الإعتماد عليه". ويضيف: "أنا محبط من تركيز الحكومة على المجموعات الضعيفة في واكيسو وكمبالا فقط، وكأننا لا نعيش". ويشير أُوبوكا، أنه برغم ذلك تعلم درساً واحداً؛ "أعتقد أنني أملك فهماً للتوفير الآن، وذلك لقيامي بإدخار بعض النقود والتي سأعيش بها مع أسرتي".

undefined

Image via blogs.lse.ac.uk 

يقول فليكس أوبيو، سائق آخر لدراجة بودا بودا، ويعمل في مركز ليبي التجاري في بلدية غولو أن الوضع يزداد سوءاً خاصة مع إضافة أسابيع متتالية للحظر، وتقليص ساعات العمل من 12 ساعة إلى 8 ساعات وتوقف كل التعاملات في الساعة الثانية بعد الظهر (تم تمديدها لاحقاً إلى 5 مساءاً). حسب أوبيو، فإن إطعام أسرته ودفع فواتيرهم الطبية هما التحديان الكبيران اللذين يواجههما خلال الحظر الجزئي، فقال أنه تزامناً مع إحتياجات أخرى للمال، ما يقلقه أكثر هو وضع إبنته ذات العشر سنوات والتي تعاني من ملاريا دورية تصيبها كل أسبوعين. ويتسائل عن كيفية نقل إبنته إلى المستشفى ودفع فواتيرها والتي عادة تتراوح ما بين 90,000 إلى 120,000 شيلينغ، تبعاً لحالتها والمرفق الصحي.

في مقاطعة غولو، يتصدى لمهمة فايروس كورونا مفوض المنطقة السكنية سانتو أوكوت لابولو، الذي أغلق في يوم الأثنين 13 أبريل ثلاثة أسواق، يشغلها حوالي 25,000 عاملاً ، أغلبهم نساء، صرح بأنهنْ لا يتبعنْ الإرشادات والموجهات التي أقرتها وزارة الصحة والرئيس موسفني. أليس إيوما، بائعة السمك الفضي في سوق كيرمينو ببلدية غولو، تقول أن الأمر غاية في السوء مع أطفالها الستة، وتضيف أن الحياة صعبة في هذا الوقت غير المتوقع. حسب إيوما، كانت تكسب بصورة أساسية ما بين 30,000 إلى 50,000 شيلينغ على الأقل، وهي أرباحها من بيع السمك. لكن الأمر يتسم بالغموض حالياً، خاصة بعد إغلاق سوقهم من قبل السلطات في مقاطعة غولو. و تقول "أتفقنا كبائعين على العمل بالتناوب يوم بعد يوم، للحصول على بعض المال ومساعدة إطعام أسرنا. وما يجعل الأمور أصعب أن مخزوني من السمك مغلق في السوق، تاركاً إيايّ دون شئ لبيعه من المنزل إذا قررت ذلك." أُجبرت كريستين أرشروكان، بائعة في سوق محطة ليبي على نصب طاولة بيع مؤقتة أمام منزلها، وتشير إلى أن مجمل البيع ليس جيداً كما في السوق. لكن على الأقل هي تحصل على بعض المال لإطعام أسرتها. و تقول لنا "زوجي سائق بودا بودا، لكنه عاطل منذ بداية الحظر، تاركاً مسؤولية إطعام الأسرة كلها على عاتقي".

هل يختلف الحال بالنسبة للاجئيين؟

فلورينس إيكورو، لاجئة من جنوب السودان وتعيش في معسكر أُجوجو للاجئيين في مقاطعة أدجماني. تقول أنها أكثر تضرراً من إيقاف و لاحقاً تقليص الموصلات العامة لأنه ليس باستطاعتها الذهاب لموقع استخراج الحجارة، حيث تستخرج الحجارة كمواد للبناء وتحصل على مال إضافي ليكمل حصص الطعام التي توفرها المنظمات الإنسانية. وحسب إيكورو، فهي تحصل على 12 كيلوغرام من الذرة ، وكيلوين من الفاصوليا مرة كل شهر، والذي تصفه بغير الكافي. تضيف "إعتدنا الذهاب إلى مواقع المحاجر لإستخراج الحجارة وفي طريق العودة نجمع الحطب من أجل بيعه لدعم حصص الطعام التي تقدمها المنظمات. والآن مع توقف الموصلات خاصةً، قمنا بإعادة ترتيب تناول الطعام بتحديد وجبة واحدة يومياً ليكفي الطعام حتى نهاية الشهر". وهي تطلب من المنظمات زيادة حصة الطعام، خاصة الذرة من 12 إلى 15 كيلوغرام، والفاصوليا إلى خمسة كيلوغرام ليتمكنوا من تناول الطعام كما ينبغي.

أتير قرنق أتير، لاجئ آخر من معسكر باجرينيا الموجود أيضاً بمقاطعة أدجماني يقول أن حصص الطعام تقلصت بصورة مفاجئة. قللت الذرة من 12 كيلوغرام إلى 8 والفاصوليا من كيلوغرامين إلى الكيلو وثلث للشهر برغم عدد أفراد أسرهم الكبير. ويوضح قرنق أنه كان يجني بعض المال من خلال العمل كميكانيكي في مدينة أدجماني لكن مع إيقاف سبل التنقل العامة والخاصة وأيضاً إغلاق الورش ، لم ترجع الحياة إلى سابق عهدها. يقول "لا أجني المال حالياً لأنه ليس من عربات للصيانة، وحتى في هذه الحالة فإن الورشة غير مسموح لها بالعمل". وفي حالة رغبت في السفر من أدجماني إلى معسكر ماجي حيث تعيش أسرتي الأخرى فالمسافة تزيد عن ال100 كيلومتر والتي لا يمكن قطعها بالأقدام". وبحسب قرنق، يجب على المنظمات إعادة النظر في قرار تقليل حصص الطعام لهم كلاجئيين لأنها الوسيلة الحالية لحصولهم على الطعام.

undefined

Image by Sally Hayden via Irish Times  

وقالت ليديا وامالا المتحدثة الأوغندية باسم برنامج الغذاء العالمي أن البرنامج يواجه مشاكل تمويل ملحوظة من أجل الإستجابة للاجئيين هذا العام. وأشارت "لدينا عجز يبلغ 137 مليون دولار أمريكي مقابل الإحتياج الكلي 219 مليون دولار أمريكي للمحافظة على الدعم الكامل للطعام خلال 2020. نخوض حواراً حالياً مع الداعمين حول الطريقة المثلى لدعم اللاجئيين، فالمساعدات الممنوحة من المنظمات تلعب دوراً حيوياً في نجاح سياسة اللاجئين في أوغندا". وتضيف وامالا "مع تقييد الحركة المفروضة في البلاد من قبل الحكومة للحد من انتشار فيروس كورونا، فمن المحتمل تقلص الزراعة، الوظائف أو عمل اللاجئيين الذين يحاولون سد الفجوة التي سببها الحظر. والذي ربما يتسبب في كارثة كبيرة تتمثل في مواجهة الللاجئيين لسوء التغذية". وتضيف " كلما كان هنالك نقص في الطعام، فإن اللاجئيين يعيدون ترتيب تناولهم للطعام عبر تقليله لمستويات متدنية لهم ولأسرهم. وبالمقابل يضاعف هذا الأمر مخاطر سوء التغذية. ومن المرجح زيادة حوادث العنف المنزلي، وربما يتبنى بعض اللاجئيين آليات التكيف السلبي، كممارسة الجنس لتوفير الطعام. علاوة على ذلك ربما تجبر الفتيات الصغيرات على الزواج المبكر، والأطفال لترك المدرسة لمساعدة أسرهم في المعيشة".

في أوغندا إلى الآن 686 حالة إصابة مؤكدة، مع 161 حالة شفاء منذ ظهور أول حالة في البلاد. وحالياً، مع إنخفاض حصص الطعام للاجئيين في أوغندا بمعدل 30% من قبل برنامج الغذاء العالمي، فإن المجتمع حقاً يشعر بالتأثير السلبي خاصة المتعلق بمسائل التغذية. وبالمثل، إيقاف الموصلات العامة والخاصة لأسابيع عديدة و عودتها تدريجيا بلوائح مقيدة تسبّب في تقييد الحركة ولا يستطيع اللاجئون تكملة النقص في الطعام وتوفير النقود. بالنسبة للأوغنديين فإن المعيشة ليست بالأمر السهل، خاصة للذين خارج القطاع الرسمي حيث ترك أغلب الرجال مسؤولية إطعام العائلة على عاتق زوجاتهم. يعني هذا وجود حاجة ملحة للدعم من الحكومة إما بتوفير الطعام أو تخفيف بعض شروط الحظر ليتمكن الناس من إيجاد طرق يدعمون بها أنفسهم مع مراعاة الموجهات والإرشادات. من الواضح أن الناس يعانون للتأقلم مع الحياة في الحظر لكن بالرغم من ذلك فأنهم يأملون ويُصَلون من أجل تحسن الوضع أجلاً غير عاجلاً ليتمكنوا من العودة إلى حياتهم الطبيعية.
 


مايكل اوجوك

مايكل أوجوك مراسل قنوات متعددة مقره في منطقة جولو (شمال أوغندا) ، يهتم بالقصص الإنسانية والثقافة ومواضيع النزاعات والبيئة والصحة والتعليم