هذا المقال متوفر أيضاُ باللغة English

undefined

Image by Zohra Bensemra for Reuters via weforum.org  

في الدراسات العليا في مجال الاتصال التسويقي، درسنا استراتيجية فعالة في كورس الإعلان: مناشدة حس الخوف. للخوف قدرة على دفع المواطن للتصرف حسب الطلب إذا تم توظيفه بفعالية. فقد رأيناه يُستخدم في الحملات الصحية بما في ذلك مكافحة التدخين ورسائل الصحة الجنسية والإنجابية. ولتحقيق تلك النتائج فنٌ يتبع، فيجب صياغة الرسالة للتعبير عن تهديد مهم ووشيك، وإخبار وإطلاع الجمهور بما يعرفه وما لا يعرفه، والأهم من ذلك التأكيد أن الوقاية ممكنة فقط إذا التزموا.

بدأ الرئيس الأوغندي أحد الخطابات الأخيرة بفيديو يضم عدة مقاطع إخبارية من جميع أنحاء العالم، تظهر الآثار المروّعة لفيروس كورونا. إحتوى الفيديو مقاطع قصص إخبارية وشهادات من الناس حول كيفية إصابتهم بالفيروس، ومرضى يترجون الآخرين للالتزام بالإرشادات المحددة. وفي نهاية الفيديو حذر الرئيس أولئك الذين كانوا يخرقون القواعد معرضين الجميع للخطر. ثم كرر تهانيه للأوغنديين لعدم تسجيل أي وفاة؛ قائلاً إن جهودنا هي التي أوصلتنا إلى هذا الإنجاز "الرائع". لكن في 21 يوليو سجلت أوغندا أول حالة وفاة في مبالي.

هناك ناحيتين إيجابيتين لتطبيق موسفني هذه الطريقة في التواصل: الأولى، كان من المهم أن يشاهد هذا الخطاب ويستمع إليه جمهور غير متعاون إلى حد كبير، ورؤية أسوأ ما يحدث في مكان آخر. هناك تراخٍ عام في متابعة إجراءات الوقائية: إما أن تكون الأقنعة على الذقن، أو عدم ارتداء أقنعة، ولا يوجد تقريباً أي تباعد جسدي في الأماكن المزدحمة. ويمكن أن يُعزى معظم هذا السلوك إلى حقيقة أن تهديد فيروس كورونا لم يكن مرعباً للكثيرين بدون أية وفاة مسجلة حتى تاريخ 21 يوليو. الأمر الثاني هو نشر الحلول التي يتولاها المجتمع. فموسفني عندما يهنئ الأوغنديين على إدارة الوباء، يخاطب المواطن العادي بأن لأفعاله وزن وأهمية. في الوقت الذي تقوم فيه سلطات تطبيق القانون (الشرطة ووحدات الدفاع المحلية) باستخدام القوة الوحشية في محاولة لإقناع المواطنين بالالتزام بالمبادئ التوجيهية الحكومية، فمن الضروري أن يسلّم الرئيس مسؤولية تنفيذ التوجيهات المتعلقة بفيروس كورونا للمواطنين بمهارة. إن العلاقة المتوترة بين الشرطة والمواطنين المكلفة بحمايتهم ستدفعنا إلى واقع جديد غير مستقر. الاعتقالات الجماعية لم تنجح في السابق، فجمع الناس معًا في شاحنة شرطة لفشلهم في الحرص على التباعد الجسدي لهو فعل يناقض نفسه. إن الوقت مواتٍ لاستكشاف طرق بديلة تعمل على إصلاح الثقة المهدومة، وتجعل جهات تنفيذ القانون والناس يعملون معًا. ويجب أن توجد مسؤولية جماعية بقدر مواجهة طرق تنفيذ القانون القديمة وربما الإستغناء عنها بالمرة. إن نهج القيادة والسيطرة الذي تتبعه جهات تطبيق القانون لا ينفع مع الأشخاص اليائسين الذين يخاطرون بالوحشية التي تقع عليهم لكسب لقمة العيش. وربما يكون أسلوب القيادة الرؤيوي الذي يؤكد السيطرة على الوضع والارتقاء بالمواطن أكثر ذكاءً. ليس فقط للإبحار عبر العواصف الوبائية، ولكن أيضًا لضمان استدامة الالتزام بأي سياسات أخرى.

سيستغرق الأمر منا وقتاُ للتكيف، حيث ثبت أن إنزعاج المرء من ارتداء الأقنعة فاق ما توقعه الكثيرون. في استطلاع أُجريته على تويتر حول أسباب مخاطرة الناس بإنزال أقنعتهم إلى الذقن، اختار 69 ٪ من المشاركين خيار "الصعوبة في التنفس مع ارتداء القناع". يمكننا بالطبع تعلم التنفس باستخدام الأقنعة، فقد قام الجراحون بذلك لعقود وعلى مدى ساعات خلال العمليات. لم يكن لدى العاملين الطبيين في الخطوط الأمامية لمكافحة هذا الفيروس امتياز العودة إلى سياراتهم وخلع القناع. واضطر الكثير منهم إلى التباعد الجسدي عن عائلاتهم لشهور. و يعلم المطلعون على نظامنا الصحي أننا لا ننعم بترف الانتظار حتى تربك الأرقام مستشفياتنا والعاملين الصحيين لدينا. فلا ينبغي أن ننتظر أن ترتفع أرقام الوفيات المسجلة أكثر حتى نبدأ في العمل. وبينما تقوم منظمة الصحة العالمية بعمل جدير بالثناء في توفير كل ما يجب وما لا يجب فعله، فإن ما قد يدفع الناس إلى التصرف بحذر هو نشر قصص بشرية حقيقية عن تأثير الفيروس من جميع أنحاء البلاد. ما هي تجربة المواطن العادي؟ كيف يتأقلم مع الوضع؟ كيف يرى المواطن طرق تحسين الإستجابة القومية لجائحة الكورونا؟

إن حقائق العلم مهمة، حيث تخبرنا مقالات البحث ما نحتاج إلى معرفته. لكن سرد القصص غالبًا ما يجسد القضايا المعقدة، مما يجعلها في متناول الجميع حتى أولئك الغير مهتمين. لذا، وبينما همش الرئيس الأوغندي في هذا الخطاب ساردي القصص، فإن فنهم في نهاية المطاف هو ما قد يحقق التحول الاجتماعي الذي نحتاج إليه بشد لمواجهة هذه الجائحة.

 


إدنا نينسيما

إدنا نينسيما كاتبة نسوية أوغندية تعمل في مجال الاعلام و التواصل وهي وناقدة اجتماعية بخبرة خمس سنوات تتمحور حول تحرير المرأة ووضع السياسات للشباب والصحة الإنجابية الجنسية وعدم تجريم الأقليات الجنسية. تنشر على مدونتها beingedna.com وشاركت في تأسيس منشور نسائي على شبكة الإنترنت بإسمlakwena.org . تساهم إدنا في جريدة الديلي مونيتور في أوغندا وقصتها القصيرة "العثور على الحرية" نشرت في كتاب Odokonyero