هذا المقال متوفر أيضاُ باللغة English

الصور بواسطة كينث واتسالا و ايريك ماجيك

تعتبر مدينة تورورو والتي تقع شرق أوغندا مدينة هادئة ومنظمة. إنها تحوي معلماً خلاباً ينتصب في منتصف المدينة، والتي تعتبر مركزاً تجارياً بالقرب من الحدود الكينية الأوغندية. تبرز صخور تورورو البركانية الخاملة العظيمة في منتصف المدينة، و تلوح لزوار المدينة حيث يمكن رؤيتها من أي زاوية.

تقع صخور تورو على ارتفاع 1.483 متر وهي تمثل علامة مميزة في هذه المدينة. أيضاً تعرف محلياً باسم “صخور اوسكو". قبل ست سنوات كنت أدرس في إحدى أبرز المدارس (مدرسة تورو للبنات) في هذه المدينة التجارية وكثيراً ما تساءلت كيف ستكون تجربة تسلق هذه الصخور الشهيرة. وبعد عدة سنوات ذهبت مع عدد من أصدقائي في مغامرة لتسلق صخور التورورو.

اطلعنا ديفيد ابونج –وهو مرشد سياحي محلي- بأن صخور تورورو هي صخور تاريخية و تعتبر ثاني أطول فوهة بركانية في إفريقيا حيث تقع الأولى في نيجريا والثالثة في جنوب إفريقيا. تعتبر صخور التورورو وجهة سياحية جذابة يقصدها الأوغنديون والأجانب –على حد سواء. مع وجود أنواع مختلفة من النباتات، هنالك فرص غير محدودة لمشاهدة الطيور، بينما تستمع بنزهة صحية في أحضان الطبيعة.

undefined

كنا فريقاً مكوناً من أحد عشر شخصاً. خرجنا في أحد أيام شهر مايو لتسلق هذه الصخور الشهيرة. بدأت رحلتنا في مدينة كمبالا وسافرنا في تحدٍ للازدحام المروري واستغرقنا أربع إلى خمس ساعات كي نصل إلى مقاطعة تورورو. تقع مقاطعة تورورو على بعد 208 كيلومتر تقريبا في جهة الطريق البري شرق كمبالا العاصمة والمدينة الأوغندية الأكبر. عند الساعة الثالثة والنصف مساءً كنا على مشارف مدينة تورورو. تشكل فريقنا من قسمين أحدهما التحق بنا من المقاطعة المجاورة (مبالي) والآخر كان قادما من كمبالا.

أولاً وصلنا إلى مكتب السياحة الذي يقبع في سنيور كوارتر بالقرب من النادي الرياضي وملعب تدريب الجولف الذي تديره ماجستيك للسياحة والرحلات. قامت ماجستيك برسم طريقٍ واضحٍ يمكن للمشاة اتباعه بسهولة. في بداية الطريق كان هنالك كهف فيه مجموعة من النقوش التذكارية للزوار الذين مروا من هنا. أحد النقوش البارزة كانت "كنت هنا، ديريك1964 " دلالة على أن الناس كانوا يتمشون على هذه الصخور منذ أكثر من خمسين عاماً. الآن أصبحت النقوش أكثر وضوحاً بعضها كُتب بالطباشير والأخر كان عبارة عن رسومات جرافيتية. في هذه المرحلة كان الجميع متحمساً ولم نستطع إخفاء توقعاتنا عما سيحدث، و قررنا بأن نستغل كل دقيقة في رحلتنا بأن نلتقط صوراً. وقد ألهمنا الصديق والمصور المبدع كينث واتسالا الذي التحق بنا في هذه الرحلة.

undefined

كانت بداية الطريق مسطحة وملساء وكلما تقدمنا بات الطريق أضيق وأكثر انحداراً. نصحنا مرشدنا سامسون اوكيلو -والذي كان مهذباً وداعماً- بالا نستعجل وبأن نتروى كي نحتفظ بأكبر قدر من طاقتنا ولا نُجهد بسرعة. أيضاً كان يحمل علباً فيها الجلوكوز والمياه المعدنية والمياه غازية. وبعدها صار الطريق اعلى وأعمق بوجود الكثير من النباتات والحيوانات التي تنمو بين الصخور. نسبة لوجود نباتات الكانوبي فانه من الصعب رؤية ما بعد الطريق، فيما عدا الطريق الذي هو أمامنا مباشرة. ولكن كلما تقدمنا للأعلى أصبح الطريق والمحيط أكثر وضوحاً. على عكس رحلاتنا السابقة فانه لم يكن هناك سكان بالقرب منا أو أي نوع من الأنشطة البشرية.

بعدما مشينا لمدة تقارب الساعة وضح لنا بأن الجميع بات متعباً ومتعرقاً و معظم الفريق لم يكونوا قادرين على الاستمرار. في هذه المرحلة ألححنا على مرشدنا بالتوقف لأخذ استراحة كي نلتقط انفاسنا، فقد نفذت مياه الشرب من معظمنا وذلك لأننا كنا نسكبها على رؤوسنا كي نبردها. لم تكن هنالك نقاط للاستراحة وعليه جلسنا على الصخور وتسلقنا بعض الأغصان القصيرة. دامت الاستراحة لمدة ثلاثين دقيقة وبعدها واصلنا التسلق مرة أخرى.

undefined

استمررنا في المشي لمدة ساعة ونصف وكان ذلك الجزء الأصعب إذ كان يتوجب علينا تسلق أكثر من ست سلالم معدنية كي نصل إلى منتصف الطريق. كان هذا أصعب جزء في الرحلة وأصبح جزء من فريقنا خائفاً ولم يعد يريد المواصلة واستغرقنا بعض الوقت في إقناعهم. بهذا الوقت بات المشي صعباً جداً. بالرغم من ذلك فإننا بدانا نشاهد منظراً بديعاً. كنا بالقرب من القمة حيث أصبحت الصخور في مستوى اعلى من سطح الأرض وبات الأفق ممتداً بينما صارت المدينة تحت مستوى أقدامنا.

كانت هذه تجربة التسلق الأولى لمعظم فريقنا وكنا جميعاً مذهولين بروعة المنظر. أعربت صديقتي بليندا عن سعادتها قائلة: "أريد البقاء هنا للأبد ومشاهدة الناس يمرون بالقرب وهم على مستوى أقدامي". بدت الكثير من المنحدرات واضحة ومزينة بالكثير من الخضرة الخلابة التي تنتشر حوالينا ومن فوقنا. كنا نبحث عن نقطة مرجعية كي نعرف كم من المسافة تبقت ولكننا كنا سعداء بالمستوى الذي وصلنا إليه من القاع.

undefined

واصلنا المشي لمدة ساعة إضافية وبعدها وأخيراً وصلنا إلى قمة الصخور. لقد بهرنا المنظر من القمة حيث تمكنا من رؤية مدينة تورورو كاملةً ببيوتها ومزارعها وملاعب الجولف. قضينا قرابة الساعتين ونحن نلقط صورا قبل نزولنا إلى الأسفل. لم يستطع جوش مهمازا -والذي يعمل طبيباً-بأن يخفي متعته وصرح بأنها تجربةٌ وقصةٌ تروى ومزيجٌ من المرح والأدرنالين.

يفضل بأن يقام نشاط المشي في الشهور الجافة لأن الشهور المطيرة ستجعل المشي صعباً نسبة للطبيعة المنحدرة للطريق.
 


ديزي ناقودي

ديزي ناجودي صحفية ومقدمة برامج إذاعية وتلفزيونية ومدربة ترشيدية وكاتبة ورائدة أعمال مبدعة.