هذا المقال متوفر أيضاُ باللغة English

تصوير محمد التوم

في الأعوام الماضية بدأ تيار متوسع لأعمال تعمل أساسياً بواسطة و خلال مواقع التواصل الإجتماعية المشهورة على الإنترنت. سمحت هذه الأوساط للشركات أن تزدهر، في حين سدت فجوة التواصل بين الملاك والعملاء. للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، عالم الإنترنت يقدم مختلف الموارد والأدوات لتشغيل نماذج فعالة في التسويق والترويج، وإختبار ورصد أنشطة الأعمال دون إنفاقات هائلة من المال و الموارد البشرية. فيما تعثرت الأعمال التقليدية بشكل ملحوظ لعدم إستفادتهم من هذه الفرص. قضينا وقتاً ممتعاً في مقابلة أحد المشاريع المبتكرة في الخرطوم و مؤستتها داليا عبد المنعم. دنيا داليا مخبز و متجر إلكتروني جديد يدار بحنكة فذة لمزايا التكنولوجيا. إستضافتنا داليا في مطبخها لتصويرها في قلب الحدث و إستمتعنا بطعم وصفة جديدة تفكر إضافتها للقائمة الذيذة و المستجدة دوماً. تحدثت داليا عن إستمرارية الإبتكار في مجال الأعمال، التعامل مع العملاء و طلباتهم والمشهد الغذائي المحلي والدولي الذي تنصح الجميع بتجربته.

أندريا: حدثينا عن رحلة إنشائك “دنيا داليا”.

دنيا داليا: كانت الفكرة دائما في ذهني، ولكني تشجعت أخيراً عندما أخذت دورة في الخبز قبل 3 سنوات. ببساطة أحببت الخبز جداً حينها. أدركت أن هذا ما أريد القيام به من الآن فصاعداً و ليس الصحافة. وهكذا بدأت ببطئ شديد المهمة الشاقة المتمثلة في التخطيط، وشراء اللوازم، والبحث عن الإمدادات في السوق، وحساب التكاليف – هل يستحق الأمر الإستثمار فيه، هل يستحق الجهد، هل هو عملي، و هل هناك طلب كافي لهذا الغرض. علمت أنه سينجح و لكن لابد من أن يكون كل شيء في مكانه لذلك أن يحدث. بصراحة، لمدة عام كامل كنت أختبر الوصفات، و ألتمس ذوق الناس بإستخدام أسرتي كنماذج. حاولت العثور على أفضل المكونات، عالية الجودة و لكن غير مكلفة جدا و في نفس الوقت لا تؤثر سلباً على المنتج النهائي – لأنني مقتنعة أن الكعكة السيئة هي سيئة بغض النظر عن جمالها. الدفعة الأخيرة لي كانت عرضي في بازار عيد الميلاد في مدرسة بنات أختي، فمنه ولدت دنيا داليا رسمياً. 

undefined undefined

أندريا: ما هي ردود فعل العملاء حتى الآن؟

دنيا داليا: ردود الفعل كانت رائعة الحمد لله! إيجاد توازن مستوى الحلاوة كان تحدياً في البداية لأن البعض أراد زيادة الحلاوة، بينما أراد آخرون أن يكون مخفف قليلاً. عند إستطاعتي لضبط هذا الأمر، كانت دفعة هائلة فالأمر ليس بالسهل. التسعير أيضا كان تحدياً في البداية و ترددت حوله كثيراً – فالرخيص جداً سيعاني في جودة و الغالي جداً لن يشتريه أحد. مثل أي شيء في الحياة إيجاد التوازن سهل كهدف و لكنه أصعب قليلاً في التحقيق. أعتقد أن أسعاري عادلة للعملاء ولي، خصوصاً أنني أفعل كل شيء – من الخبز و التزيين وتشكيل وتلوين زخارف عجينة السكر. ومع ذلك، أنا أعيش في خوف أن تكلفة بعض المكونات سترتفع قريباً. 

undefined

أندريا: ما هو الجانب المفضل لديك في عملك و ما هو الأقل تفضيلاً؟

دنيا داليا: الفرحة المطلقة على وجوه الناس عندما يذوقون كبكيك أو شريحة من كعكة. لا شيء يفوق ذلك في المتعة. هناك شيء مميز عن الكعك وكيف أنه يلبي الرغبة الشديدة لدى الشخص للحلويات بشتى أنواعها – سواء كانت شوكولاته مُرة، كرميل مملح أو ليمون منعش أو فانيليا حلوة. و بالتأكيد وجود فنجان من القهوة أو الشاي مع الحلو أمر حقاً ممتع. الأمر الذي لا أفضله هو التردد. أحياناً العميل لا يعرف ما يريد أو يغير رأيه كثيراً. أتعامل مع هذا بمحاولة مساعدة العميل في تحديد ما يبحث عنه، لأن في بعض الأحيان لا يعلم العميل ما يريده بالظبط. 

أندريا: ما هي بعض مصادر الإلهام المفضلة لكي؟

دنيا داليا: هناك الكثير! أشاهد جميع عروض الطبخ: Masterchef, Barefoot Contessa و Great British Bakeoff؛ أعتقد انني أتابع كل برامج الطبخ. كتب Hummingbird Bakery و كتب إريط لانلارد في حالة يرثى لها من كثر الإستخدام. المحلات التجارية “نولا” و “كرمبز” للكعك في القاهرة أيضا مصادر إلهام واسعة النطاق. تطبيق و موقع بينتيريست،Sweetapolita وWhisk-Kid (الذي بدأ ظاهرة كعكة قوس قزح). يمكنني أن أستمر، و لكن خلاصة الأمر أنني أجد الإلهام سواء من جميع أنواع الطهاة، و أجد أن لديهم دائما طعام شهي و معلومات أو طرق من شأنها أن تفيدني بإستخدامها في شيء ما. 

undefined

أندريا: هل لديك قائمة إنجازات للحلويات؟ و كم منها أنجزتي إلى الآن؟

دنيا داليا: ليس لدي قائمة و لكن ربما ينبغي أن أبدأ واحدة. أضع لنفسي أهداف مثل إتقان هذا أو ذاك و بعد ذلك أنتقل إلى المرحلة التالية أو الشيء التالي من قائمة الأمنيات و أثابر حتى أتمكن من الوصول لما أريده. لا يزال هناك الكثير من الأشياء التي أريد أن أحاوله إتقان صنعها حتى أتمكن من إضافتها للقائمة، لذلك أعتقد أنني إن بدأت قائمة إنجازات فسأزيد لها بدل أن أزيل منها. 

undefined

أندريا: من هم صانعوا الحلوى الذين شّدو إنتباهك في السودان و ماذا يميزهم ؟

دنيا داليا: في الحقيقة ليسوا الخبازين المتخصصين ولكن من خبزوا كعكاً للتمتع بذلك او حتى للضرورة، فهن الأمهات والعمات والجدات، و حتى الشابات. لا يهم إذا كانت العجينة غير متوازنة و الكعكة جافة أو حتى سيئة للغاية؛ فقد ثابرن لصناعتها في المطبخ و حاولن إتقان الوصفات، وتقاسمنها مع عائلاتهن وضيوفهن وجيرانهن وهذا ما يميز الخبز بالنسبة لي. العيش في السودان بعد غيبة أيقظ حواسي للآيس كريم وبصراحة لم أجد ما يفوق توتي فروتي والمطعم الكوني في هذا القسم – نكهة الأمرتو (المفقودة لبعض الوقت الآن، للأسف) والشوكولاته بالنعناع من ألذ ما تذوقت. 

undefined

أندريا: هل لديك مطاعم مفضلة تنصحيننا بتجربتها في السودان أو بالخارج؟

دنيا داليا: الأكل العظيم! في الخرطوم أحب الطعمية من لذيذ، لحم العجل بصوص الليمون في المطعم الكوني يليه كابتشينو (كوبان لأن أكوابهم صغيرة)، مطعم سيدار يوم الجمعة للغداء، مطعم تندوري للأكل الهندي. عندما أكون في لندن أتوجه مباشرة إلى Busaba (سلسلة تايلاندية ولكن طعامهم رائع دوماً) ومطعم Sketch من الذين أحبهم للغاية. أحاول أن أذهب إلى مطاعم مختلفة في أي مدينة أزورها؛ أخذني صديق إلى مطعم مغربي في نيويورك مؤخراً، حيث أكلت أفضل بإستيلا دجاج. لازلت أتذكر كل وجبة أكلتها عندما كنت في سوريا قبل بضع سنوات، و بنفس الصدى في المغرب – أفضل و ألذ المأكولات ‘العربية’ هناك حتى الآن. أفضل شاورما كانت في السوق القديم في دمشق مع أنني أتذكر أن الطباخ فرز الدهون بيديه العاريتين. القاهرة و دبي فيهما أماكن كثيرة – و لكن أنصح بالإبتعاد عن مراكز التسوق لأنهم دوماً و بغير إستثناء يقدمون أكلاً سيئ المذاق. و لكن للذكر سوق البحر لديه خيارات جيدة. ربما أبدو صعبة الإرضاء ولكن بصراحة أنا أعشق الأكل و أستمتع وأقدر وجبة معدة في المنزل أو قائمة من 7 أطباق في مكان فخم. 

undefined

undefined

أندريا: ما رأيك في مشهد الأكل في السودان؟

دنيا داليا: بالتأكيد هناك تحسن من ما كنا عليه قبل 5 سنوات. ومع ذلك، هناك عدد من الأشياء الصغيرة التي عندما تضاف تصبح فقاعة كبيرة من المشاكل. الخدمة ؛ في بعض الأحيان على النادل إعطاء العملاء الإهتمام الكامل بدلاً من الدردشة مع زملائه. السكاكين، والأواني، والمناديل – عندما أطلب شريحة لحم أتوقع الحصول على سكين اللحم حتى لا أضيع نصف الوقت في نشر تلك القطعة من اللحم. من المهم جداً تنظيف حاويات الملح والفلفل و مسح الزجاجات. دائما وأعني دائما يجب وضع مناديل إضافية في متناول اليد. تبسيط القائمة – ليس من الضروري أن تكون القائمة 20 صفحة بمئات الخيارات، و لكن من الضروري أن يكون مستوى ونوعية الطعام جيد كل يوم. من الغريب و المحزن أن تكون الشاورما رائعة اليوم و في اليوم التالي مليئة بالزيت و غير مطهية جيداً وغير صالحة للأكل تماماً. 

undefined

أندريا: ما هي نصائحك لمن يريد الإستثمار في مجال الأكل في السودان ؟

دنيا داليا: الشغف. يجب ان يملك كميات مهولة من الشغف لما يريد أو تريد الشروع فيه، خاصة في مجال الغذاء. و يجب تحمل الأعباء كلها 100% و الإنخراط في جميع المهام و عدم الإعتماد أن بوسعك تفويض أي من المهام الضرورية في بداية بدء العمل في إستثمارك. أنصح أيضاً بدراسة السوق، ودراسة المنافسين. يجب أن تعرف ما يمكن تحقيقه و ما هو مستحيل تماماً و تكلفة كل شيء (الضرائب، واللوازم والمعدات والكهرباء والرواتب، وخيارات التسليم، وما إلى ذلك). مهم جداً البحث عن الموردين المحليين و تجربة جميع الوصفات والحصول على آراء الناس بعد تذوقهم لما تُعِد. يجب أن تكون جاهز للنقد (وسيكون هناك الكثير من هذا)، و مستعداً لسماع رأي المستنكرين و رؤية بعض الأشياء تفشل فشلاً ذريعا ومواجهة الإقتراحات بصدر رحب. هذه ليست وظيفة من التاسعة للخامسة، فخلال فترة الإختبار كنت أخبز أحياناً حتى الواحدة بعد منتصف الليل لمحاولة الوصفات أو التقنيات الجديدة، و أدركت أنني لا يمكن أن أضيف أي شيء إلى القائمة إذا لم أتمكن من تملك كيفية عمله تماماً. 

undefined

أندريا: ماذا يحمل المستقبل لدنيا داليا؟

دنيا داليا: لدي الكثير من الأفكار والخطط ولكن لا أستطيع أن أحكي عنهم الآن خوفاً من نحس نفسي وإهدار أسرار المهنة! ما أستطيع قوله هو أن هناك المزيد في المستقبل إلى جانب الكبكيك والكعك، فترقبوا المزيد.undefined

يمكنكم تصفح القائمة اللذيذة و طلب ما تشتهون من صفحة الفيسبوك و يمكنكم متابعة المغامرات الطيبة على إنستاجرام @dunyat_dallia 


أمنية شوكت

أمنية هي إحدى مؤسسات منصة أندريا