ماذا إذا علمتم أن نظامكم الغذائي سبب في تغير المناخ؟ اي نوع من الأغذية هو المفضل لديك؟ هل تفضل اللحم أم النبات أو التوازن بين النظامين؟ ما علاقة كل هذا بتغير المناخ ؟ هناك علاقة وثيقة بين إنتاج اللحوم واستهلاكها وبين تغير المناخ؛ إذا كنت تأكل اللحوم بكثرة عليك مراجعة نظامك الغذائي حرصاً على البيئة وعلى نفسك. قد تراها مجرد قطعة، شريحة، ساندويش من اللحم أو الفراخ أو السمك و تظن أنه لا يمكن أن يكون له دور بالتغير المناخي. ولكن هل تعلم أن إنتاج اللحوم سبب من أسباب تغير المناخ والإحتباس الحراري، تلوث الماء والتربة، إزالة الغابات والتصحر، استنزاف الأراضي و سبب أيضاً في إنقراض بعض أنواع النبات والحيوان.
كيف تساهم الزراعة الحيوانية وإنتاج اللحوم في تغير المناخ ؟

تعتبر إزالة الغابات وإستخدام الأراضي لزراعة أعلاف كطعام لهذه الحيوانات سبب أساسي ورئيسي لتغير المناخ وزيادة الغازات الدفينة. وحسب منظمة الأمم المتحدة للزراعة والأغذية "الثروة الحيوانية تعتبر أكبر مستخدم في العالم لموارد الأراضي" – فالثروة الحيوانية تستغل أكثر من 80% من الأراضي الزراعية للرعي ؛ وثلث المحاصيل التى يتم إنتاجها تذهب كغذاء للماشية. مساحة الأراضي المستخدمة لزراعة الأعلاف وللرعي ضعف مساحة الأراضي المستخدمة لأنواع الزراعة الأخري مرتين. ومع الزيادة السكانية ستكون هناك زيادة على طلب اللحوم وبالتالي إستغلال أراضي أكثر، قد يأتي يوم ولا نجد فيه أراضي لزراعة المحاصيل التى يستغلها الإنسان مباشرة .
مثلاً أكثر من 90% من غابات الأمازون المطرية تمت إزالتها لزراعة محاصيل غذائية للحيوانات. لأجل ماذا؟ لتلبية إحتياجات البشر من اللحوم/ لأن الحصول على رطل لحم بقري واحد يتطلب 5 رطل علف "إذا كان غني بالبروتين؛ و20 رطل إذا كان لا يحتوي على نسبة بروتين كبيرة". لهذا تستهلك الثروة الحيوانية مساحات ضخمة جداً من الأراضي. هل تعلم أن وجبة اللحم الواحدة تساوي كم قدم مربع من هذه الغابات؟ وجبة لحم واحدة = 55 قدم مربع من الغابات. لذا من الأفضل التوجه للخيارات الأخري أو تقليل استهلاكك من اللحوم.
أما بالنسة للماء فهذه المحاصيل الغذائية للحيوانات تستهلك كميات كبيرة من الماء غير ماء الشرب. المنتجات النباتية لا تستهلك نفس كمية الماء التي تحتاجها المنتجات الحيوانية. تخيلّ أننا زرعنا محصول قمح وتم إستهلاكه مباشرة، وفي نفس الوقت زرعنا محصول كغذاء للماشية ثم تناولنا نحن ما تنتجه هذه الماشية. الهدف النهائي من زراعة المحصولين إنتاج غذاء للإنسان و الفرق هو الحصول على غذاء بصورة مباشرة في المحصول الأول وبصورة غير مباشرة في المحصول الثاني. هل تتساوى كمية الماء المستهلكة لإنتاج المحصولين ؟ الرجاء التفكير في هذه الأسئلة في كل مرة تتناول فيها اللحوم، لو كانت الإجابة نعم عندها يمكنك المواصلة في تناولها بكل سعادة. كم شجرة تمت إزلتها، وكم لتر ماء شربته الماشية وتم إستخدامه لمحصولها الغذائي، وما هي كمية الغازات التي أطلقت بسبب هذه الوجبة؟ هل تحصل على فائدة غذائية كبيرة من هذه الوجبة؟
إليك هذة المقارنة: حسب الخبراء فإننا لإنتاج كيلو جرام من الذرة نحتاج ل 1222 لتر ماء. ما هي كمية الماء التى نحتاجها لإنتاج كيلو جرام من اللحم البقري؟ هل لك أن تتخيل ذلك؟ الإجابة الصحيحة هي أننا نحتاج 15400 لتر من الماء للحصول على كيلو جرام واحد فقط. حسناً يمكنك إذاً حساب كمية اللحم التى تستهلكها في اليوم – الأسبوع - السنة مع حساب كمية الماء المستهلك لإنتاج هذه الكمية . هذا الموقع يساعدك على حساب كمية الماء التي تستهلكها المنتجات الحيوانية والنباتية.

بالإضافة لذلك، نجد دور الثروة الحيوانية في زيادة غازات الإحتباس الحراري ،لأن الثروة الحيوانية مصدر لإنبعاث أكبر ثلاثة غازات من غازات الدفينة، و هي ثاني اكسيد الكربون والميثان والنيتروجين. في تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة فإن تربية المواشي تطلق 81% من إنبعاثات الغازات الكربونية ؛ خصوصاً غاز الميثان المنتج في الجهاز الهضمي للبقر. وقدرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة كمية الميثان الذي تطلقه الماشية سنوياً ب100 مليون طن وتأثيره أكبر من ثاني أكسيد الكربون. كما قدرت إنتاج 9% من ثاني أكسيد الكربون الذي يطلق بسبب روث الحيوانات و إزالة الغابات "لأن الغابات تقوم بتخزين كميات كبيرة جداً من الكربون وعند إزالتها تقوم بإطلاقه". هذا بالإضافة للطاقة المستخدمة في مزارع الحيوانات "مثل الآلات الزراعية والوقود المستخدم لنقل اللحوم" لها دور أيضاً في الإنبعاثات الكربونية. أما روث الحيوانات ومخلفاتها السائلة والصلبة مصدر آخر للميثان والنيتروجين الذي يلعب دور كبير في تدمير طبقة الأوزون. يمكن الأطلاع على نسب مساهمة الماشية في الإنحباس الحراري من هذا الموقع.
مخلفات ما بعد الذبح (الدماء والأمعاء والماشية النافقة وغيرها) ليست أقل ضرراً، وإذا لم يتم التخلص منها بصورة ملائمة قد تحدث كوارث بيئية. خاصة إذا تم التخلص منها في الأنهار أو اي مصدر مائي فأنها تسب الضرر للكائنات البحرية، بجانب تلوث الماء. وقد ربطت منظمة الأمم المتحدة للزراعة والأغذية بين محاصيل تغذية الحيوانات وبين تلوث الماء والتربة بالفضلات والأسمدة والمبيدات الحشرية. لذا يجب الحرص على التخلص من هذه النفايات بطريقة صحيحة لا تسبب أي أضرار بيئية. هناك مخلفات يتم التخلص منها نهائياً ومخلفات يتم الإستفادة منها لكن المهم هو التخلص الفوري من النفايات الغير مرغوب فيها وعدم تراكمها أو تجميعها لفترات طويلة. احياناً يتم التخلص من النفايات بصورة عشوائية ويتم رميها في الشارع، كما توجد بعض المسالخ قرب المناطق السكنية. وحتى داخل المسالخ هناك عدد من الإجراءات لا بد من التأكد منها مثل: نظافة المسالخ والتأكد من التخلص من النفايات بطريقة صحيحة والنظافة الشخصية للعاملين والكشف الدوري عليهم والتأكد من معاملة الحيوانات بطريقة جيدة. لتحقيق كل هذا يجب سن قوانين تحافظ على البيئة بدءاً من عملية تربية المواشي، إنتاج اللحوم، توزيعها وفرض ضريبة على كل مخالفة لهذه القوانين، مع مراقبة الأسواق والقيام بحملات تفتيشية والفحص على المواشي والدواجن قبل وبعد الذبح.
ما الحل؟
إذا كنت تريد المساهمة في الحد من تغيّر المناخ يجب أن تغير نمطك الغذائي. بالتحديد يجب عليك الحد من تناول اللحوم وإعتماد النظام الغذائي النباتي. على الجميع أن يقوموا بدورهم سواء الأفراد، المجتمعات، الحكومات و المنظمات. قد يكون تغيير العادات الغذائية لأفراد ومجتمعات بأكملها ليس سهل ولنكن أكثر واقعية لن تتحول المجتمعات إلى النظام الغذائي النباتي بشكل كلي. و لكن تحقيق التوازن بين النظامين سيكون أكثر واقعية، لذلك لا بد من قيام حملات توعوية بآثار إستهلاك اللحوم وحث المجتمع على المشاركة في هذه الحملات وإستهداف طلاب المدارس والجامعات للإنخراط في العمل البيئي عموماً. كما أن على الصحافة والإعلام المرئي والمسموع المشاركة أيضاً - مع التركيز أن المقصود ليس التدخل في العادات الغذائية للأفراد أو منعهم من تناول ما يحبون، ولكن فقط التقليل من تناول اللحوم والموازنة بين تناول اللحم والنبات.
في حال اتباع النظام النباتي فإن المجتمعات هي الرابح الأكبر، مثلا ً من الناحية الغذائية الأفضل أن نتناول النباتات مباشرة للإستفادة من قيمتها الغذائية الكبيرة، بدل الدهون المشبعة في اللحوم وذلك يساعدنا في الحفاظ على صحتنا والوقاية من الأمراض. هل هذة الفائدة الوحيدة فقط ؟ لا بالطبع. هناك فوئد بيئية ومناخية وصحية مثل: تقليل الإنبعاثات وعدم استهلاك الماء لأن إنتاج اللحوم يستهلك كمية مياه أكثر بنحو 15 مرة، مما يلزم لإنتاج كمية متساوية من الغذاء النباتي، والمحافظة على خصوبة الأراضي، و إنتاج محاصيل غذائية أكثر وتوفير الغذاء بصورة مستدامة للجميع .
السودان كمثال: هل يستطيع الأفراد التحول للنظام الغذائي النباتي؟

ربما يكون هذا شبه مستحيل لأن تناول اللحوم مرتبط بعادات اجتماعية من الصعب تغييرها، مثلاً مناسبات الزواج وإستقبال المواليد الجدد حيث يتم ذبح المواشي. هذه عادات متجذرة في المجتمع منذ سنين، مع غياب التوعية التامة بمخاطر إنتاج وتناول اللحوم. حتى المنظمات البيئية لا تقود أو تتبني حملات توعية بمخاطر اللحوم . لذلك في البداية لا بد من حملات توعية مكثفة يقودها الشباب الناشطين في مجال البيئة. ثم التركيز على مشاكل إنتاج وتوزيع وعرض اللحوم.