تأسست في أواخر 2012، محطة الراديو كابيتال 91.6 و هي رائدة الإذاعات الموسيقية المبثوثة باللغة الإنجليزية في السودان، مع أكبر قاعدة مستمعين، إختيارات موسيقية متنوعة وبرامج تفاعلية تهم المجتمع. مع الموسيقى، الأحداث الحالية، تعليم اللغات وبرامج الأطفال، كابيتال اف ام في مهمة لعكس شعارهم في أن يكونوا “القلب النابض للأمة”. تأسست بواسطة الدي جي والموسيقي المحترف طه الروبي، كابيتال اف ام الآن لها القيادة في البرمجة الحديثة والإختيارات الموسيقية لتعزيز دور الإذاعات في المجتمعات المحلية، كما هو الحال في كثير من الدول في الإقليم وحول العالم. بالرغم من عمر المحطة الصغير، مقارنة ببعض المحطات التي تبث منذ 10-50 سنة، فإن نمو كابيتال اف ام غير مسبوق، يعتمد بشكل كبير على شريحة الشباب التواقة دائماً للإستماع لآخر الألحان العالمية التي تبثها المحطة، والأجانب والدبلوماسيين الذين يرغبون في التعرَف على الثقافة المحلية ومواكبة الأحداث والصيحات.
المحطة تستهدف أكثر الموسيقىين و الأفراد المهتمين بالمجتمع للإنضمام إلى فريق عملها، العديد من مقدمي البرامج قد غادروا المحطة لكن بعد أن تركوا بصمةً في أذهان الناس بمواضيعهم الشيقة، خفة ظلهم وذوقهم الموسيقي. إذاعة كابيتال كانت طموحة دائما و بأهداف عديدة لتبقى الرائدة في المجال والموجهة للمزاج العام. تخطط كابيتال قريباً لإطلاق تطبيق هاتفي يُمَكِن الجميع الإستماع للبث الحي بواسطة الهاتف المتنقل، في خطوة غير مسبوقة في إستخدام تقنية التطبيقات في السودان.
إذاعة كابيتال فازت قريبا بجائزة اف ام مونديل نسبة لنموها وتطورها المبهر. جلسنا مع أحمد حكمت، مدير المحتوى البرامجي في راديو كابيتال لمناقشة فوزه الشخصي في مونديل، ورحلته في أن يكون أحد المشكلين الرئيسيين لثقافة الراديو في السودان.
أندريا: أخبرنا عن خلفيتك
أحمد حكمت: ولدت عام 1987 فتنسمت عبير أواخر الثمانينات وعصر التسعينات. بدأت سنوات دراستي المبكرة في السودان ثم إنتقلت مع والدتي للملكة العربية السعودية إلى أن وصلت المرحلة الثانوية. ثم انتقلت لعمًان، الأردن وكانت تلك نقطة مفصلية في حياتي. نلت دبلوماً في علوم الكمبيوتر، بالرغم من أنني كنت حريصاً على أن أتقدم اجتماعيا أكثر من أكاديميا. تعلمت الكثير ونجحت في أن يصبح منظوري للحياة أكبر قليلاً عن ما كان عندما كنت أعيش في المملكة العربية السعودية.
ثم حدث تغيير كبير في حياتي، إنتقلت مجدداً، هذه المرة إلى نيروبي، كينيا، فكان لذلك الأثر الأكبر في حياتي، خاصة في ما أفعله حاليا. إلتحقت بكلية إدارة أعمال راقية، ذات خلفية كاثوليكية متشددة، لحسن الحظ، تم قبول الدبلوما التي تحصلت عليها سابقاً وقبولي في مجال تقنية الأعمال الإدارية. بعيداً عن الأكاديميات، بدأت الثقافة الأفريقية بتشكيلي فكريا واجتماعيا، كنت منخرطا جدا إلى درجة تعلمت اللغة السواحيلية أسرع من أي لغة أخرى. كنت مأخوذا جدا بالألوان، الموسيقى، الثقافة والإيقاعات، فكان لها الأثر الأكبر في تشكيل ما أصبحت عليه اليوم، والأهم، ما صرت أمثله.
أندريا: كيف إنتهى بك الأمر بالعمل في الإذاعة؟
أحمد حكمت: انا شغوف جداً بالموسيقى، لا أجيد العزف على آلة بعينها، عدا بعض اللمسات على العود والنقرات على الدف؟ فأنا مجرد مستمع، لكنني مستمع غير عادي؛ أستطيع أن أميز القدود الحلبية من الطرب الشامي إلى مسكاندي قبائل الزولو في جنوب إفريقيا، إستمعت لذلك كله وكنت أحفظ الكثير مما أسمع حتى صرت كالأرشيف البشري.
عند تأسيس كابيتال 91.6 المحطة الإذاعية الناجحة وذات الخدمات المجتمعية بكل الرعاية التي تجدها والحضور المميز، إتصلت بهم لتطوير المحتوى الموسيقي الإفريقي والإخباري. بعد أن إقترحت بعض الأغنيات الإفريقية لأحد المدراء في المحطة، وجهوني لعمل إختبارات صوت لتقديم برنامج إفريقي إسبوعي. لم أتوقع ذلك إطلاقاً.
كنتُ متحمساً، وسعيداً وملىء بمجموعة من المشاعر تلخصت كلها في إنشاء أفروديزياك، برنامج موسيقي إفريقي إسبوعي، يضم الثقافة الإفريقية، الموسيقى والفنون ككل، أعتبره دائماً كنسخة ثانية مني. بعد شهور من التدريب الصوتي ولحظات الخوف أثناء البث المباشر، نجحت في أن أصبح مقدم البرنامج صباحي، يستمع إليّ 1.1 مليون مستمع تقريباً على مورنينغ بريكفاست ، البرنامج الرائد في إذاعة كابيتال.
أندريا: أخبرنا عن رحلتك منذ البداية وكيف إختلفت الأشياء في مشوار عملك في الإذاعة؟
أحمد حكمت: إنشاء أفروديزياك كان شيئاً جديداً، لم أرَ نفسي كمقدّم في الراديو نهائياً. إعتدت أن أستمع إلى الراديو وألحظ الأثر الذي يمكن أن تحدثه أغنية أو رسالة إيجابية على شخص ذاهب إلى العمل، مكان الدراسة أو أي مكان آخر. أيضاً ملاقاة من يشاركونك نفس الشغف، وهم فريق عمل إذاعة كابيتال، أو الأسرة إذا جازت لي التسمية، كان لها أثر كبير علي. على صعيد آخر، كان لبرنامج الصباح الأثر الأكبر على مهنتي، اللقاءات/الإستضافات/الدعوات للأشخاص كانت أفضل تجربة على الإطلاق. تعرفت على معظم إن لم يكن جميع المبادرات والمنظمات في السودان وغطيت كل حملات التوعية الدعائية والإجتماعية.
إذاعة كابيتال تبنّت معظم الأحداث الإجتماعية في البلاد، لحسن الحظ، في النهاية تمكنت من التحدث إلى أشخاص مهمين على الصعيد الشخصي والتعرف عليهم أكثر وعلى أفكارهم في العديد من المواضيع المختلفة. وجدت نفسي أنمو بوتيرة متسارعة، أقدم أحداثاً مهمة إعتدت على متابعتها من موقع المتلقي. حصلت على علامتي التجارية الخاصة وصارت توضع جنباً إلى جنب مع العلامات الشهيرة، أسرد أفلاماً وثائقية عالية المستوى – واضعاً صوت مورجان فريمان كهدف. لم أتمكن من بلوغ ذلك الهدف حتى الآن، لكنني وجدت الكثير من المساندة والتشجيع من العديد من الأشخاص، بجانب الأصدقاء والأسرة وخصوصاً والدي. والدي كان داعمي الأكبر في مهنتي، مع ملاحظة أنه في السودان إن لم تصبح طبيباً أو مهندساً فأنت متخلف عن أقرانك. لا أريد أن أقول أنني نجحت في إثبات العكس، لكنني أتقدم بخطى متسارعة لإقناع قريبتي التقليدية أن العمل في محطة إذاعية لا يقل أهميةً عن تلك المهن المصنفة كمهمة، لأنني أتفاعل مع المستمعين وأبني الإيجابية.
أندريا: كيف تطورت ذائقتك الموسيقية عبر الزمن؟
أحمد حكمت: أن ذائقة الشخص الموسيقية مستمدة من الوسط والبيئة المحيطة به بجانب تجاربه؛ على سبيل المثال: لا أتذكر الكثير عن طفولتي لكنني أتذكر الأسطوانات الموسيقية الضخمة التي كان يملكها والدي. بالتحديد أسطوانة لإلبوم لبوب مارلي أذكرها جيداً، أتذكر حتى الغطاء الأصفر لمشغّل الأسطوانات العتيق الذي كان يملكه والدي. منذ سن مبكّرة، نشأت في أسرة موسيقية، إلى درجة أن غنّى عبدالكريم الكابلي في عيد ميلادي الثالث! أسرتي كانت موسيقية وكانت جدّتي من عشاق الطرب الأصيل.
بجانب إحتكاكي الدائم بالموسيقى، إنتقالي بين السودان، السعودية، الأردن وكينيا شكّل ذائقتي الموسيقية. قائمة موسيقاي غير مسئولة إذا جاز لي التعبير، فأنا لا أعرف أحداً يستمع إلى صباح فخري متبوعة بلي وانيكا؛ أغنية شامية تقليدية متبوعة بأخرى كينية كلاسيكية.أو جوهرة أومو سانجارا متبوعة بمذهلة لمحمد عبدو. قد يبدو ذلك مربكاً للكثيرين، لكنني أستطيع أن أجد رابطاً عبر دراسة وتحليل أي أغنية. أصبحتُ مهووساً وتحولت إلى ذلك الشخص الذي يستمع إلى كل الأغاني الثانوية في القائمة. الغريب أن التركيز دائماً يكون على الأغاني الرائجة الشهيرة، أما بقية أغاني الألبوم فلا تجد حظها من الشهرة والإستماع مع إن معظم أغانيّ المفضلة من المجموعة الأخيرة.