هذا المقال متوفر أيضاُ باللغة English

تحذير وإخلاء المسؤولية: المحتوى الذي أنت على وشك قراءته يحتوي على تجارب مصورة وحساسة لحرب السودان. تعكس الآراء الواردة في هذه المقالة آراء المؤلف فقط وليس آراء أندريا. ننصح القارئ بالتقدير وحرية الإختيار. اقرأ إشعارنا التحريري الكامل هنا.



المقدمة :

عام من الحرب في السودان بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وسط الإستقطاب الهائل والكم الكبير من المعلومات المضللة والخاطئة، بالإضافة إلى ذلك هشاشة الإعلام السوداني ما أدى إلى الاعتماد شبه الكلي على الإعلام البديل وسائل التواصل الاجتماعي لتلقي الأخبار.


أدى اندلاع النزاع المسلح وسط الخرطوم في أبريل المنصرم ٢٠٢٣ إلى تعطيل كل الأجهزة الإعلامية الموجودة بالعاصمة، حيث توقفت الصحف عن الصدور وتوقف بث القناة الرسمية (تلفزيون السودان) بجانب عدد من القنوات الفضائية الأخرى، وكذلك توقفت الإذاعة القومية إذاعة أمدرمان وعدد من الإذاعات المحلية ذات الموجات القصيرة (FM). بناء على الوضع الخانق الذي يشهده الإعلام و الصحافة السودانية من قيود لنقل الحقائق، منذ عهد النظام السابق و طوال ثلاثون عاماً ١٩٨٩ -٢٠١٩، ليتنفس مجال الإعلام الصعداء قليلاً في الفترة التي تلت ثورة ديسمبر، ثم يعود الوضع إلى ما كان عليه بعد الانقلاب العسكري في أكتوبر ٢٠٢١.


يعاني الشعب السوداني، و يتعرض لانتهاكات مستمرة، موجات نزوح و تهجير تقدر بالملايين ، بالإضافة لعشرات الآلاف  من القتلى و الجرحى وسط الحرب الطاحنة، القطاع الصحي على شفا الانهيار، مع إزدياد تفشي الأمراض و إنعدام الأمن الغذائي, بجانب مقومات الحياة الأساسية التي أصبحت أشبه بـ الرفاهيات , ضعف و تذبذب في شبكات الإتصال و خدمات الإنترنت من التوقف التام وخروج ثلاث شركات اتصالات عن الخدمة في مناطق متفرقة بفبراير ٢٠٢٤ إلى عودة جزئية في غالب مدن السودان الشمالية والشرقية، لتتضاعف معضلة التعتيم وتصبح المعاناة السودانية في طي النسيان.


عانى السودانيون حروباً طويلة في دولة جنوب السودان اليوم ـ اقليم الجنوب سابقاً ـ و دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، وعلى رغم ما خلفته هذه الحروب من مآس وحياة مليئة بحالات اللجوء والنزوح والشتات، إلا أنها ارتبطت بإنتاج إرث فني بأشكاله المختلفة اتخذه الأفراد وسيلة للمقاومة، وأضحت تاريخ موازي وثقت فيه الأحداث.


لوحة من أعمال مبارك عباس في معرضه عن دارفور في فيرجينيا


كما لعب الفن والفنانين دور نموذجي بالثورة السودانية عام ٢٠١٨، و خصيصاً باعتصام القيادة العامة الذي تلوّنت حدوده أجمع بجداريات عن الحرية والسلام والعدالة.


أحد جداريات إعتصام القيادة العامة إبريل ٢٠١٩


هذا المقال محاولة لاستعراض شباب و شابات فنانين سودانيون كرسوا جهودهم باختلافاتها في سبيل توثيق و عكس المعاناة السودانية ليكونوا نافذة مفتوحة المصرعين على ما يجري، وتذكير دائم بالحرب المنسية.

الحكايات:

  1.  الفنان التشكيلي المغيرة عبدالباقي

عاد إلى منزله من المدينة المفعمة بالحياة ليلاً، لتداهمه الحرب صباحاً بوسط العاصمة و يظل حبيساً هناك لأيام بعد إنفجار الوضع فجاةً و لم ينقذه سوى هدنة خرج فيها إلى أمدرمان. إصطدم في هذا الوقت القصير بما حالت إليه الخرطوم. خلت المدينة المحببة و طغت عليها آثار الدمار والجثث بالشوارع.


 ولخطر فقدان حياته قرر الخروج من العاصمة نهائياً، شاهداً على نزوح المئات معه وفي أعينهم الحسرة فخلق لنا بخليط من الأسى والفن سلسلة " الخروج من المدينة "،التي عبّر من خلالها بأن لا نجاة حتى بالابتعاد عن مناطق النزاع، حيث لا تنطوي الحرب فقط على الأعيرة النارية. في سلسلة أخرى عنونها " ناجون "، روى ووّثق قصص ملايين السودانيين. 


المصدر: المغيرة عبدالباقي

المصدر: المغيرة عبدالباقي



(2) نشيد الرحيل

 في ظل الظروف غير الاعتيادية ومحيط غير داعم، وسط حالة الصدمة العامة من إندلاع الحرب وإنهيار الأنظمة بجانب الشتات الذي حل بالمواطنين لم يعلم أحد وقتها ما العمل، إلا هؤلاء الشباب! حددوا الهدف ووضعوا الخطة، بالرغم من صعوبة التنفيذ بمكان جديد عليهم بمدينة ود مدني، ولاية الجزيرة، بدأت رحلة البحث عن اللازم لإنجاز الفكرة، لم يحصلوا و بصعوبة سوى على أداتين كاميرا و مايك ولوقت محدود وقصير، فانطلقوا بهم إلى موقع التصوير المختار ليواجهوا تحديات أخرى حول إمكانية إنجاز العمل وسط حساسية الوضع بالنسبة للأفراد.


 سرعان ما توصلوا لحلول وبدائل وهيئوا المساحة المناسبة والمريحة للأشخاص لمشاركة قصصهم وتجاربهم، فنتج عن ذلك المجهود فيلم روى أحداث حرب الخرطوم من خلال المشاعر الخالصة لمن خرجوا عن صمتهم و و حكوا ما إلتصق بالذاكرة السودانية إلى الأبد. نشيد رحيل مشروع وثائقي مستقل يرتكز على العاطفة والمجتمع والأدب السوداني، هو أحد إنتاجات مشروع مدّخَل، و فريق الشباب المثابرين من خلفه.


المصدر: مشروع مدخل

المصدر: مشروع مدخل


(3) المصور إسلام طه

 بعد أن رأى التعتيم الإخباري، اتخذ قرار تحمل مسؤولية توثيق ونقل حقيقة ما يحدث بالعاصمة الخرطوم - مدينة أمدرمان وسط النزاع المسلح، وثّق مخلفات الحرب والدمار على المناطق التي شابها نوع من الأمان، و نقل تجارب الناس الحية وسط ذلك. سلّط الضوء على انعدام الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء، ونقل شكل الحياة اليومية في ظل انقطاع شبكات الإتصال والإنترنت. ليست تجربة جديدة فحسب على إسلام، بل مريرة وصادمة ، و لكنه وقف شامخاً يحمل الكاميرا.


المصدر: إسلام طه

المصدر: إسلام طه


          

(4) عدلان يوسف

التقديرات الأولية تشير إلى أن أكثر من 700 منزل دمر بشكل كامل أو جزئي وأصبح غير صالح للسكن تماما في العاصمة الخرطوم؛ كما تضرر أكثر من 600 متجر في الأحياء والأسواق واحترق بعضها بشكل كامل نتيجة للقصف المتواصل وإطلاق النار المستمر. عبّر عن ذلك الفنان التشكيلي الشاب عدلان يوسف في عمل وصفه بنصب تذكاري نحتي لكافة المساحات الخالية التي غادرها أهلها قسراً في تجربة لتوثيق الآماكن التي مزقتها الحرب ليعكس شكل الحياة في مناطق النزاع.


المصدر: عدلان يوسف

المصدر: عدلان يوسف


(5) مصعب أبو شامة

عرف بشخصيته الفكاهية وأعماله الفوتوغرافية الفريدة، وبين الإبداع والتوثيق وسط اشتداد النزاع الدامي وتدهور الأوضاع الأمنية، ودون إنقطاع يستمر مصعب في نقل تفاصيل الحياة اليومية في مدينة أمدرمان. يركز عمله على عكس الترابط المجتمعي في وجه الظروف من انعدام الخدمات من كهرباء ومياه، وتعاضد الشباب لخلق أجواء تصبح معها الحياة ممكنة، و تسهيل أوضاع السكان عبر مبادرات متنوعة مثل التكايا لتوفير الطعام ومبادرة مستشفى النو. لازم مستشفى النو، المستشفى الوحيد العامل بأمدرمان، ووّثق إنهيار النظام الصحي بالعاصمة، بتسليط الضوء على القصص الإنسانية للمتطوعين الذين حاربوا لكي لا يغلق المشفى أبوابه. و عكس أبعاد الحرب المختلفة من تأثر الأطفال بها، و المظاهر العسكرية وسط الأحياء المدنية.


المصدر: مصعب أبوشامة

المصدر: مصعب أبوشامة



(6) فائز أبوبكر

قبل امتداد النزاع إلى ولاية الجزيرة: كانت مراكز الإيواء في الولاية ما يقارب ٢٠٠ معسكراً، قائمة على الجهد الشعبي والقاعدي لشباب الولاية، الذين أضحوا الآن نازحين قسراً بعد امتداد الإشتباكات لتطال الولاية التي شكلت ملاذاً آمناً لملايين السودانيين. فائز أبوبكر المصور الصحفي و الوثائقي، عكس حقيقة الوضع الإنساني بالبلاد، و في تركيز على النازحين بحثاً عن الأمان و استهدف مراكز الإيواء ليروي قصصهم وما كانت لهم من حياة حافلة مزقتها الحرب.


المصدر: فائز أبوبكر

المصدر: فائز أبوبكر



(7) بهديك ولا شيء

المصوران ولاء ياسين، و محمد بابكر

 بين الهجرة الطوعية من السعودية حيث نشأوا إلى موطنهم السودان، ليصنعوا حياة لطالما أرادوها لتقودهم الحرب إلى الهجرة القسرية، قاموا بتوثيق قصصهم الفردية أثناء رحلة النزوح الشاقة إلى الحدود المصرية بالتصوير الفوتوغرافي. و بسرد بصري أرادوا تسليط الضوء على القصص غير المسموعة بعيداً عن الخطوط الإخبارية العريضة عن أعداد و إحصائيات النزوح، و أن يرووا قصص هؤلاء وتوثق للتاريخ، ليالي الإغتراب في القاهرة، العمل الشاق، الشغف والفن، اثمروا كتاب السرد البصري " بهديك ولا شيء ".


المصدر: ولاء ياسين



(8) علاء الخير

 في كل يوم، يعبر المزيد من الأشخاص الفارين من الصراع في السودان، وتحديداً من إقليمي دارفور و كردفان، إلى دولة جنوب السودان المجاورة عند نقطة جودة الحدودية في ولاية أعالي النيل، من النازحين السودانيين، و اللاجئين العائدين الذين كانوا يعيشون بالبلاد منذ فرارهم من الحرب الأهلية في جنوب السودان.


بمنطقة غير بعيدة من مدينة الرنك الحدودية يضطر الوافدون إلى المبيت في الخلاء بلا خدمات ودون معسكر قبل الوصول إلى مركز اللاجئين المكتظ على نحو متزايد والتسجيل فيه. وأدى موسم الأمطار والقصور في التمويل من قبل الجهات المانحة بالفترة السابقة إلى إعاقة الجهود المبذولة لمساعدة الأشخاص على الابتعاد عن الحدود إلى تفاقم الوضع الإنساني هناك. علاء الخير مصور سوداني عمل على توثيق هذه الرحلة والمعاناة من منظوره الشخصي و بطريقة سردية للقصص عبر الصور، وثّق و حكى تفاصيل النزوح في حدود جنوب السودان.


المصدر: علاء خير

المصدر: علاء خير


(9) كونترا باند، ذاكرة النزوح

سلسلة مقابلات تروي تجربة الحرب والنزوح القسري من جانب أفراد لم تكن حرب ٢٠٢٣ بالخرطوم هي الأولى لهم و شهدوا حروب عانى منها تاريخ السودان والسودانيين لعشرات السنوات، أعادت لهم الذكريات المظلمة وسلطوا الضوء على المعاناة بمشاعر خالصة تعكس كارثة الفقد، للبيت، و الممتلكات وشكل الحياة الذي ألفوه بمناطقهم المحببة بالخرطوم ومختلف مناطق السودان. وسط المستقبل المجهول و الماضي المفقود، و في حاضر طغت عليه دموية الإقتتال هناك ملايين السودانيين الذين لم يستمع إليهم أحد، و لكل فرد منهم قصته الخاصة. أنتجتها كونتراباند، و هي منصة أسسها الشاب أحمد الطيب من الخلفية الطبية، منذ 2018 بهدف إستعمال الفنون بأنواعها للتغيير المجتمعي مع خلق المساحات للفنانين لبرز أعمالهم.


و تقوم أعمالهم الآن على توعية العالم بالأزمة السودانية من خلال فعاليات تقام بدولة كينيا، لتوصيل الرسالة عن طريق الموسيقى بالتعاون مع موسيقيين سودانيين لخلق المساحة الفنية لهم هناك، وبصورة مبتكرة لجذب الإنتباه على ما يجري في حرب السودان.


المصدر: كونترا باند

المصدر: كونترا باند



(10) محمد المصطفى

في ظل انقطاع خدمات الاتصال أصبح محمد المصطفى حلقة الوصل الوحيدة بين سكان مدينة الأبيض والعالم.

مع تدهور الوضع الأمني وانعدام النقد كان الحل الوحيد للتعاملات المالية التطبيقات البنكية والمحافظ الإلكترونية، والذي أضحى مستحيلاً أيضاً نتيجة إنقطاع الإنترنت، بدوام كامل يتحمل الضغط وحيداً يتلقى المهام وينطلق لتسهيل أزمات الناس، حاملاً معه نشرة يومية من الوصايا، وقائمة الوفيات. لم يكتفي بذلك، بل قام بتوثيق التجربة عبر عدسته. المصور الشاب محمد المصطفى أحد القلائل الذين استطاعوا التوّصل لشبكة إنترنت وسط الإنقطاع التام في شمال كردفان.


المصدر: محمد المصطفى

المصدر: محمد المصطفى


(11) مروان محمد

 تشهد مدينة نيالا حاضرة جنوب دارفور نزاع دامي والذي إمتد إلى النهب وتدمير ممتلكات المدنيين وشهدت مدينة الجنينة، حاضرة ولاية غرب دارفور، عمليات عنف وقتال منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. ثم انتقلت معارك الحرب الأخيرة إلى زالنجي، حاضرة ولاية وسط دارفور، ولم تسلم مدينة كُتُم في ولاية شمال دارفور (نحو 40 كيلومتراً شمال العاصمة الفاشر) هي الأخرى من العمليات القتالية.  

لم تجبر أعمال النهب والتدمير التي صاحبت الهجمات والعمليات القتالية السكان على الفرار فحسب، بل حرمتهم أيضا من الموارد التي تعينهم على البقاء على قيد الحياة وازداد الوضع هناك تأزماً وأضحى كارثة إنسانية، وثق و عكس مروان محمد المصور الشاب جانب من هذا الواقع المرير.


المصدر: مروان محمد

المصدر مروان محمد


(12) خرطون

مجلة جمعت فنانين من خلفيات متنوعة من أطباء، موسيقيين وصحفيون، لتسليط الضوء على رسامي الكاريكاتير السودانيين والحرب المنسية بالبلاد، ليصنعوا فناً يعكس الوضع السياسي والإجتماعي ويمدونا بالتقارير المرسومة عما يجري تحت مسمى خرطون أسسها رسام الكاريكاتير السياسي والمنتج الثقافي السوداني خالد ود البيه.


المصدر: مجلة خرطون



(13) أحمد فؤاد

" كلو ما كفاية " مجموعة رسومات كاريكاتيرية تعبر عن أنه و رغم كل الجهود الجبارة المبذولة من الفنانين والشباب، إلا أن حجم الحقيقة والمأساة أكبر بكثير، وما أنتجوه ما هو إلا جزء من حقيقة ما يحدث وما عاشوه و اختبره الشعب، و حجم الأضرار التي تعرض لها السودانيين، صنعها أحمد فؤاد، فنان الكاريكاتير الشاب.


المصدر: أحمد فؤاد



إسراء الريح

سودانية عمري 23 عامًا أعمل في المجال القانوني. لقد كنت طوال السنوات الماضية أحب التصوير الفوتوغرافي، لكنني لم أكن أمارسه بجدية. بعد إندلاع حرب السودان، قررت استخدام مهاراتي في التصوير الفوتوغرافي بشكل فعال لتوثيق التجارب الفريدة التي حدثت للسودانيين.