تشير التقديرات الى أن آلاف القطع البلاستيكية البحرية تطفو على كل ميل مربع من المحيط الهندي. ويشير تقرير توليفي صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة الى أن غرب المحيط الهندي معروف بتنوعه البيولوجي الرائع، وشواطئه الجميلة التي تدعم أنشطة الترفيه والسياحة وصيد الأسماك. ومع ذلك، فان التدهور المستمر في غرب المحيط الهندي بسبب القمامة البلاستيكية البحرية لديه القدرة على عكس المكاسب الاجتماعية والاقتصادية التي تحققت في المنطقة في الماضي القريب.
إن وجود القمامة البحرية له آثار خطيرة للغاية على الحياة البرية و البحرية ومصايد الأسماك وصحة الإنسان. تؤدي معدات الصيد المتروكة أو المهملة إلى تشابك الحياة البرية البحرية مثل السلاحف، مما يعيق حركتها، أو تشابك مراوح قوارب الصيد الشعبية المحلية، مما يعيق التنقل السلس. يمكن أن يعمل البلاستيك العائم أيضًا على نقل أنواع الحيوانات من موقع إلى آخر، وبالتالي نشر الأنواع الغازية منها إلى مناطق جديدة.
يجب أن يكون مصدر قلق كبير للبشر عندما تتحلل القمامة البحرية وتتحول إلى لدائن دقيقة. العديد من الحيوانات تبتلع هذا المواد البلاستيكية الدقيقة معتقدة أنه طعام. ثم تعتقد الحيوانات أن بطونها ممتلئة، لكنها تنتهي بعد ذلك بالموت بسبب الشبع الكاذب. تركز اللدائن الدقيقة في المحيط على الملوثات العضوية الثابتة والمعادن الضارة، والسموم بينما يشتمل بعضها بالفعل على مواد كيميائية ومواد مضافة سامة داخل هياكلها. ولذلك فهي تعمل كعوامل نقل لهذه السموم عبر المحيط، ونقلها إلى مناطق وأنواع مختلفة. ثم يبتلع البشر البلاستيك الذي تبتلعه الحيوانات عندما نأكل الأسماك والمحار واللافقاريات الكبيرة من المحيط. في الواقع، على مدى السنوات القليلة الماضية، نشرت العديد من المنظمات البحثية أوراقًا حول احتمال أننا نتناول كميات كبيرة من البلاستيك من هذه الكائنات البحرية.
وعاء للتخلص من النفايات البلاستيكية في واتامو
المصدر: إيفلين ماكينا
مبادرة المجتمع من أجل الخير
نشأ جيفري بالوسي في واتامو وهي قرية صغيرة في مقاطعة كيليفي على طول الساحل الكيني، معتمداً على الشواطئ البكر والمحيط الهندي لكسب العيش والدخل من خلال السياحة وصيد الأسماك. لذلك عندما تم منح بالوسي فرصة لتخليص الشواطئ من القمامة البحرية كجزء من مشروع عالم البيئة واتامو منذ 13 عامًا، قام بالتسجيل دون تردد.
"لقد رأيت كيف أصبحت القمامة البلاستيكية مقززة على الشواطئ الجميلة مخاطرة بإبعاد السياح. كان لا بد من القيام بشيء ما لحماية شريان حياتنا قبل فوات الأوان" قال لنا. بالوسي من بين الشباب والنساء من واتامو، الذين يجمعون القمامة البحرية من الشواطئ والمناطق المحيطة بها وإعادة تدويرها للحد من تلوث المحيطات. القمامة التي تتكون من البلاستيك والزجاج والمعادن وغيرها من المواد غير القابلة للتحلل التي تُترك على الأرض ينتهي بها الأمر في نهاية المطاف في المحيطات، مما يؤدي إلى تلويث الشواطئ وتهديد الحياة البحرية المعرضة للخطر. عالم البيئة (EcoWorld) هي مبادرة لإعادة التدوير تساعد في معالجة تلوث المحيطات وحماية النظم البيئية البحرية ودعم سبل العيش. تم تشكيل المبادرة في عام 2009 من قبل جمعية واتامو البحرية، وهي جميعية تتكون من أصحاب الفنادق وأعضاء المجتمع والجماعات البيئية. تقول كارين انجوي وهي مديرة العمليات في عالم البيئة ان الهدف الرئيسي للمبادرة كان نظافة البيئة وتثقيف المجتمع حول الإدارة السليمة للنفايات من خلال إعادة التدوير.
كارين انجوي ، مدير العمليات في عالم البيئة واتامو
المصدر: إيفلين ماكينا
ابتكرت المبادرة أربع طرق لجمع القمامة على طول شواطئ كيليفي وعلى اليابسة. إعادة الشراء وتنظيف الشواطئ وأوعية النفايات واتفاقيات الخدمات. يتم جمع معظم النفايات من خلال خطة إعادة الشراء التي تتضمن تشجيع أفراد المجتمع المحلي على جمع القمامة وشرائها منهم. "نقوم بتدريب مجموعات النساء والشباب على نوع النفايات التي يمكننا إعادة تدويرها ويقومون بجمعها ونقوم بشرائها مقابل 10 شلن لكل كيلوجرام" تضيف انجوي. و تقول أن المبادرة تشتري النفايات من منازل الناس لتوفير تكاليف النقل.
تقوم مبادرة عالم البيئة من وقت لآخر بتعبئة السكان المحليين والعاملين بالسياحة لتنظيف الشواطئ على طول ساحل كيليفي. تم جمع 2.5 طن من القمامة البحرية خلال عملية تنظيف رئيسية حديثة خلال اليوم الدولي لتنظيف الشواطئ لعام 2022 الذي عقد في 16 سبتمبر. وتضيف انجوي: "شارك أكثر من 400 شخص في تنظيف الشاطئ لمدة 3 ساعات، بما في ذلك أفراد المجتمع والعاملون في مجال السياحة.
التقدم المحرز والإمكانيات
توفر أوعية النفايات الكبيرة التي وضعتها مبادرة عالم البيئة في أماكن استراتيجية على طول الشاطئ للناس مكانًا للتخلص من القمامة بطريقة مسؤولة. كما وقعت المبادرة اتفاقيات خدمة مع الفنادق والمنازل الخاصة تتضمن تقديم تدريب على فرز النفايات وجمع النفايات القابلة لإعادة التدوير منها شهريًا بتكلفة قدرها 2000 شلن.
مكتب في منشأة عالم البيئة لإعادة التدوير مصنوع من قوارير زجاجية مغلفة بالأسمنت والأعمال الفنية المصنوعة من النفايات
المصدر: إيفلين ماكينا
يتم نقل النفايات التي يتم جمعها من خلال الطرق الأربعة إلى منشأة عالم البيئة لإعادة التدوير وفرزها. يشارك جامعو النفايات وفارزوها في هذه العملية. تعمل المبادرة مع مجموعتين من أفراد المجتمع يطلق عليهم اسم الفريقين الأزرق والأخضر. يتألف الفريق الأزرق من عمال تنظيف الشواطئ وفرز النفايات. يقومون بجمع النفايات من الشاطئ وفرزها وفصل المواد القابلة وغير القابلة لإعادة التدوير. تشكل المواد البلاستيكية والمعدنية والزجاجية وحبال الصيد والشباشب 90٪ من النفايات التي يتم جمعها وإعادة تدويرها في المنشأة. ينتهي المطاف ببقية النفايات بما في ذلك فرش الأسنان وأكياس البوليثين في مكبات النفايات. يقوم الفريق الأخضر بالفرز الدقيق. تقول انجوي "على سبيل المثال زجاجة بلاستيكية، يتضمن ذلك وضع كل مادة مثل الغطاء والملصق، وعنق الزجاجة كل على حدة".
أعضاء الفريق الأخضر لفرز النفايات في منشأة عالم البيئة لإعادة التدوير
المصدر: إيفلين ماكينا
تجمع المبادرة من خلال هذه الجهود من 5 إلى 10 أطنان من النفايات شهريًا مع خطط لرفعها إلى 30 طنًا شهريًا وجمع 250 طنًا بحلول نهاية العام. يتم تقطيع البلاستيك الصلب والبلاستيك المبلور في مركز إعادة التدوير. تُباع الحبيبات للشركات التي تنتج منتجات بلاستيكية ب 45 و30 شلن لكل كجم من البلاستيك الصلب والبلاستيك المبلور على التوالي. آلة تقطيع البلاستيك الصلب لديها القدرة على سحق 4-5 أطنان من البلاستيك يوميًا. بينما يمكن لآلة البلاستيك المبلور تقطيع 350 كجم من البلاستيك يوميًا. تُستخدم الشباشب في صنع الأعمال الفنية التي تُباع في الفنادق القريبة وفي متجر داخل المنشأة، بينما يُباع المعدن لتجار الخردة بينما استخدم المركز قوارير زجاجية في البناء.
تقول انجوي أن القوارير الزجاجية تشكل مادة بناء قوية بمجرد تغليفها بالإسمنت. تم تشييد أحد مباني المكاتب في منشأة إعادة التدوير باستخدام قوارير زجاجية. تبرز القمامة البحرية وخاصة البلاستيك كمهدد كبير للأنواع البحرية والنظم البيئية. تستخدم المواد البلاستيكية الرخيصة متعددة الاستخدامات لصنع العديد من المنتجات. ولكن عند التخلص من البلاستيك في المحيط، تبتلع الحيوانات البحرية مثل السلاحف المواد البلاستيكية التي تخلط بينه وبين الطعام وتسبب موتها في النهاية. يقدر برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن 100،000 من الثدييات البحرية تموت كل عام نتيجة تناول البلاستيك. كما تتشابك معدات الصيد مع الحياة البحرية وتقتلها. تشير انجوي انه بمجرد أن تحاصر الشباك الكائنات البحرية، لا يمكنها أن تتغذى وتتحرك وتتزاوج وتتنفس، فتموت في النهاية.
لمحة ضوء في اخر النفق
لا تقتصر جهود عالم البيئة على إنقاذ الحياة البحرية وتحسين جماليات الشواطئ فحسب، بل توفر أيضًا فرص عمل. بالوسي هو واحد من أكثر من 200 من السكان المحليين الذين يشاركون في عمليات منشأة إعادة التدوير ويكسبون لقمة العيش من النفايات. يقول بلوسي: عندما انضممت إلى المبادرة لأول مرة كنت عاطلاً عن العمل. لقد بدأت كمتطوع ملتقط نفايات وأعمل حاليًا كمشرف في منشأة إعادة التدوير. يستطيع بلوسي إعالة والديه المسنين من دخله.
عمل فني مصنوع من شباشب معاد تدويرها
المصدر: إيفلين ماكينا
بينما كان يعتبر مشروع إدارة النفايات ناجحًا، واجهت عالم البيئة العديد من التحديات. تقوم المنشأة بتقطيع البلاستيك ولكنها لا تضيف له قيمة نظرا لمحدودية الآلات. وفقاً لانجوي تخطط مبادرة عالم البيئة لشراء معدات إضافة قيمة بلاستيكية باستخدام منحة بملغ 2.7 مليون شلن تلقوها من مؤسسة كوكاكولا مؤخرا. تقول أيضا "نحن نخطط لشراء معدات الحماية الشخصية بما في ذلك الملابس والأحذية المناسبة للعمل لتحسين وضع ملتقطي النفايات ورفع معنوياتهم." كانت المبادرة أيضًا مهمة في تغيير مواقف المجتمع تجاه النفايات، حيث ينظر إليها معظمهم الآن على أنها مورد. كما أن المجتمع بدأ أن يحد من ممارسات إدارة النفايات المدمرة مثل الحرق التي كان يعتمد عليها المجتمع بشكل أساسي. يضر حرق النفايات بصحة الإنسان والبيئة لأنه يطلق مواد كيميائية سامة تلوث الهواء.