في عام 1958، كتب تشينوا أتشيبي كتابًا بعنوان "الأشياء تتداعى". بحلول عام 2021، أصبح هذا العنوان عبارة مألوفة لمعظم الأوغنديين. كطالبة في أوغندا، كان إلزاميًا قراءة هذا الكتاب لكن عن نفسي قرأته خمس مرات على الأقل. في 1970، تم إنتاج فيلم للكتاب بواسطة المخرج النيجيري فرانسيس أولاديل وإخراج جيسون بولاند في نيجيريا. في 27 أكتوبر 2021، تم إيقاظ هذا الحماس مرة أخرى، حيث تم إطلاق مشروع يعرض لقطات من الفيلم صُورت بواسطة ستيفن جولدبلات وعرض فيلم "الأشياء تتداعى" في متحف أوغندا بواسطة " مشروع أرشفة الفيلم في الفن الحديث".
في المرة الأولى التي سمعت فيها عن المشروع بعنوان "50 عامًا من "الأشياء تتداعى" (1971)" ، لم أفهم تمامًا ما يعنيه. اعتقدت أن مهرجانًا سينمائيًا قد استخدم العبارة الشهيرة "الأشياء تتداعى" لتكريم تشينوا أتشيبي ولإثارة عقول معظم المهووسين بالأدب. عندما أدركت أن هذا المشروع كان في الواقع له صلة بتشينوا أتشيبي وأن فيلمًا تم إنتاجه من كتبه أصبحت مفتونةً تمامًا.
1 إعلان جريدة عن إنتاج فيلم "أشياء تتداعى". المصدر: مشروع أرشفة الفيلم في الفن الحديث
الكتاب من تأليف تشينوا أتشيبي نُشر عام 1958، وهو قصة أوكونكو، رجل أفريقي بغض النظر عن خلفيته تمكن من النمو في الرتب وأصبح أحد النخب في قريته أوموفيا. وعلى الرغم من ذلك، فإن الإحتمالات لم تكن في صالحه، حيث سرعان ما يواجه مجتمع المستعمرون والمبشرون الذين يهددون بتغيير أسلوب حياتهم. التعامل مع هذا يقود أوكونكو إلى شنق نفسه.
يجمع الفيلم بين قصة أوكونكو وقصة حفيده أوبي أوكونكو، الذي روى قصته تشينوا أتشيبي في كتابه الثاني "لم يعد مرتاحاً". حيث نُشر الكتاب الثاني عام 1960 و تحدث عن قصة أوبي أوكونكو كرجل شاب مثقف في نيجيريا يكافح من أجل إيجاد منظور أفريقي في وقت تجذر فيه الإستعمار والفساد في روح أمته.
2 أوبيريكا و أوكونكو في فيلم "الأشياء تتداعى". المصدر: ستيفن جولدبلات / مشروع أرشفة الفيلم في الفن الحديث
يصور الفيلم المقتبس من الكتابين من خلال عيون أوبي وهو يتنقل كشاب يكافح الفساد في بلاده ويصارع أفكار الحب التي يحملها مجتمعه. حيث أنه يحب "أوسو" (كلمة بلغة إيغبو تعني منبوذ) وهذا أمر غير مقبول في مجتمعه. كان صحفي يحاول فضح المسؤولين الفاسدين في بلاده طوال القصة، والذي سرعان ما يؤدي إلى وفاته تمامًا مثل جده أوكونكو، البطل المأساوي لأوموفيا، الذي شنق نفسه نتيجة أفعاله في قتال المستعمرين.
3 أحد مشاهد فيلم "الأشياء تتداعى". المصدر: ستيفن جولدبلات / مشروع أرشفة الفيلم في الفن الحديث
1970، تم عرض الفيلم في ألمانيا ولاحقًا في أمريكا. يُفقد الفيلم بعد ذلك في غرفة انتظار التاريخ حتى عام 2018 عندما تم اكتشاف مواد الفيلم ضمن ممتلكات منتج الفيلم بولاند. "لقد كان حظًا سعيدًا؛ كنت أبحث عن شيء آخر قبل ثلاث سنوات ووجدت 2000 لقطة مصورة"، قالت ماريكي بالميرا، المديرة الإدارية والمؤسس المشارك لمعهد أرشفة الأفلام في الفن الحديث.
عملية التجميع
4 الطاقم والممثلين في موقع تصوير فيلم "الأشياء تتداعى"، نيجيريا 1970. المصدر: ستيفن جولدبلات / مشروع أرشفة الفيلم في الفن الحديث
عند إكتشاف هذا الأرشيف، سلك مشروع أرشفة الفيلم في الفن الحديث بقيادة ماريكي طريقًا طويلًا من البحث والشراكات لإكتشاف محتوى لقطات الفيلم وإستكشاف التاريخ وراء صنع فيلم "الأشياء تتداعى". تم تصوير الفيلم في عام 1970، وهو العام الذي انتهت فيه حرب بيافرا في نيجيريا. يمكن القول بأنه كان وقتًا مثيرًا للجدل وإثارة موضوع الفيلم سوف يبخس من قيمته، لكن المخرج بولاند جنبًا إلى جنب مع فرانسيس أولديل وستيفن جولدبلات، صوروا وسجلوا فيلمًا تجاوز الحدود القارية والوطنية في سبعينيات القرن الماضي.
5 الأميرة إليزابيث في تمثيلها دور كلارا في فيلم "الأشياء تتداعى". المصدر: ستيفن جولدبلات / مشروع أرشفة الفيلم في الفن الحديث
وفقًا لأكينيبودي أكينبيا، المصور النيجيري المولد وأحد القيمين على المعرض الذين عملوا في هذا المشروع، فقد استغرق الأمر حوالي ستة أسابيع لإستعراض ال2000 لقطة التي تم تصويرها وتجميعها في سرد يعرض الفيلم وإنتاجه. تظهر بعض الصور الأميرة إليزابيث أميرة تورو في دورها بشخصية كلارا، وهي لقطة مقرّبة لجون سيكا في دور أوبي أوكونكو، وأورلاندو مارتينز (أول نجم سينمائي دولي في نيجيريا) في دوره في تجسيد شخصية أوبيريكا. تُظهر اللقطات أيضًا تشينوا أتشيبي والمصور جولدبلات في مجموعة من بين اللقطات الأخرى.
6 تشينوا أتشيبي مع جيسون بولاند وولف شميدت في موقع التصوير، نيجيريا 1970. المصدر: ستيفن جولدبلات / مشروع أرشفة الفيلم في الفن الحديث
المعرض والعرض:
تم إطلاق هذا المشروع في 27 أكتوبر، وهو اليوم العالمي لليونسكو للتراث السمعي والبصري والذي كان مناسبًا بشكل خاص لأن هذا الفيلم يعرض تراث الفيلم الأفريقي ويلهم المزيد من المحادثات حول ما يكمن أكثر في تاريخ الأفلام في إفريقيا وأوغندا.
جمع حفل الإطلاق في متحف أوغندا بين العديد من محبي الأفلام والأدب، وخاصة الأميرة إليزابيث أميرة تورو التي شاركت بنشاط في صناعة الفيلم، حيث لعبت الدور القيادي الأنثوي الذي لعبته كلارا، صديقة أوبي. كما حضر حفل الإطلاق وزيرة الدولة الأوغندية للسياحة السيدة موغارا مارتن، وكذلك ماتياس شاور، سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية في كمبالا، وكريستيان كيتلهوت، مدير معهد جوته-زينتروم كمبالا.
7 السفير ماتياس والأميرة إليزابيث وماريكي وضيف آخر في حفل الإطلاق، في متحف أوغندا، أكتوبر 2021. المصدر: ماريكي بالميرا / مشروع أرشفة الفيلم في الفن الحديث
تضمن الحدث أيضًا مناقشة منسقة بين كريستيان وماريكي وأكينبود وأليكس أودونج، مسؤول المعارض في متحف أوغندا، الذين شرحوا جميعًا تفاعلاتهم المختلفة مع الفيلم وفكرة التراث السينمائي. وأكدت هذه النقطة على أن الخوض في تاريخ السينما في أفريقيا يعيد إحياءها ويزود جميع الأفارقة بفرصة لمعرفة ما حدث قبل ما نعرفه الآن.
8 محتفلين في معرض صور فيلم "الأشياء تتداعى" لستيفن جولدبلات، متحف أوغندا، أكتوبر 2021.
ثم جاء التفاعل مع الزمن. تم إرشاد الحاضرين إلى أسفل قاعة المتحف حيث تفاعلنا مع معرض اللقطات التي إلتقطها جولدبلات في عام 1970. اختار المعدان الفنيان أكينيبودي أكينبيا و قيسيلا كايسر 45 من أصل 2000 لقطة تُظهر لحظات في الفيلم بالإضافة إلى لحظات أثناء التصوير و خلف الكواليس. تضمن المعرض أيضًا قطعًا أثرية من إنتاج الفيلم - داخل علب مقفلة، كان بإمكاني أيضاً رؤية حقيبة تم استخدامها في موقع التصوير في ذلك الوقت.
تمكن المشاهدين أيضًا من رؤية أجزاء من سيناريو الفيلم، وإيصالات الدفع لبعض الممثلين، ورسائل المراسلات بين بولاند وبعض أفراد طاقم الفيلم. كان هناك الكثير من الأشياء لرؤيتها تكفي لجعلي أقفز فرحاً. لم يكن الأمر يتعلق فقط بما يمكنني رؤيته، لكن ما شعرت به في صالة العرض. بالنظر في أرجاء قاعة المعرض، كان من الواضح أننا جميعًا نتشارك الشعور بأن هذا كان بالفعل تفاعلًا مع الزمن.
9 كاتب في معرض القطع الأثرية المتعلقة بإنتاج فيلم "الأشياء تتداعى"، متحف أوغندا، أكتوبر 2021
لم يعرف معظم الأوغنديين الذين قرأوا كتب تشينوا أتشيبي أن هناك فيلمًا مقتبسًا، ناهيك عن الأمل في التفاعل معه. هذا يطرح السؤال، ما الذي يكمن في تاريخ صناعة الأفلام في أوغندا. ممثل المتحف، أليكس أودونغ، عبر عنها على أفضل وجه، "نحتاج إلى العودة إلى أرشيفنا لفتح تراثنا". هذا المشروع هو مصدر إلهام للذهاب للبحث والتقصي عن ما قد يكون ضاع في التاريخ. قد يستغرق الأمر الكثير من العمل ولكن النتائج ستكون موضع تقدير على نطاق واسع.
10 خطاب مراسلات متعلق بفيلم "الأشياء تتداعى". المصدر: مشروع أرشفة الفيلم في الفن الحديث
"إذا كنت تتعامل مع تاريخ الفيلم، فعليك أن تدخل وتجد الأجزاء المفقودة"، قالت ماريكي التي تتفق مع أنه تعين عليهم السماح لأنفسهم بإتباع مسار التاريخ. وفي فعل ذلك أدركوا أن هناك نسختين من الفيلم: فيلم ألماني تم عرض نسخته عام 1971 ونسخة أمريكية في عام 1974، وهما مختلفتان تمامًا على الرغم من أنهما تم تحريرهما من نفس المادة التي تم التقاطها في عام 1970. قالت لي ماريكي أنها عندما شاهدت النسختين "لاحظت بعض هذه الاختلافات خاصة فيما يتعلق بالصورة و جودة الصوت، ولكن كانت التعديلات الأكثر روعة هي التي تظهر إختلافًا في التخطيط الخطي للأحداث، مع الحفاظ على جوهر القصة بشكل عام".
الطريق إلى الأمام
وفقًا لماريكي، فإن حقوق الفيلم مملوكة الآن لإبن فرانسيس أولاديلي، المنتج النيجيري، لذا فإن أي توزيع في إفريقيا يجب أن يمر عبره. فيما يتعلق بالمعرض، إستمر متحف أوغندا في عرض صور لقطات الفيلم حتى 12 ديسمبر، وتم عرض النسختين من الفيلم خلال شهر نوفمبر 2021.
أشارت ماريكي إلى أن الخطة تهدف أيضًا إلى نقل هذا المشروع عبر أوغندا في ترتيب متحف متنقل في تاريخ سيحدد لاحقاً. و أضافت "نأمل أن يتم دمج عرض الأفلام مع هذا، وتمكين الشباب في برنامج الفن المعاصر، وربما أكثر من ذلك". سينقل المتحف المتنقل المشروع من حدود المتحف فقط إلى أجزاء مختلفة من أوغندا مما سيزيد من نسبة المشاهدة لهذا المشروع. أعرف أن والدي -الذي أشاركه الهوس بالأدب الأفريقي- سيكون سعيدًا بشكل خاص للتفاعل مع هذا المشروع في متحف متنقل. وفقًا لماريكي فإن هناك المزيد من الخطط جارية لإجراء استعادة ملائمة لبكرات الفيلم، مما يعني في الأساس أنه يمكن الوصول إلى الفيلم على أقراص DVD وحتى على منصات البث.
11 كاتبة المقال تتفاعل مع وزيرة الدولة للسياحة ومدير متحف أوغندا عند إطلاق المشروع في متحف أوغندا، أكتوبر 2021.
على نطاق واسع، يعد هذا المشروع مجرد بداية طريق للبحث والعثور على تراث الفنون الأوغندية وأين يكمن. أصبحت احتمالية حدوث هذا الأمر الآن أكبر بدعم من كيانات مثل سفارة ألمانيا و معهد جوته-زينتروم كمبالا وكما قال السفير الألماني "نأمل في تسهيل التراث الثقافي الأفريقي. لذلك من المهم إنشاء خطة تسويق لتنمية المعرفة بالسينما الأفريقية لأن هذا الأرشيف بالنسبة للفرد هو توثيق للزمن في الفيلم ". هذا أمر مشجع بشكل خاص نظرًا للجهود المبذولة لجلب هذا المعرض إلى أوغندا والتي أشاد بها الوزير أيضًا عند الإطلاق، الذي أعرب عن إمتنانه للجمعية الثقافية الألمانية الأوغندية لدعمها نمو التاريخ في أوغندا والصناعة الإبداعية.
سيكون من المثير للاهتمام معرفة المزيد من الأفلام والأعمال الفنية الموجودة في غرفة انتظار التاريخ ومدى ملاءمتها للظروف اليوم. كما قال المصور أكينبودي "يجب علينا النظر إلى أفلام من الماضي ومحاولة فهمها في عصرنا والمضي قدمًا."