هذا المقال متوفر أيضاُ باللغة English

تحذير وإخلاء المسؤولية: المحتوى الذي أنت على وشك قراءته يحتوي على تجارب مصورة وحساسة. ننصح القارئ بالتقدير وحرية الإختيار. اقرأ إشعارنا التحريري الكامل هنا.


بينما كنت أقف هناك حاملةً حقيبة طوارئ مليئة بالإمدادات المنقذة للحياة، كان صدى القصف لا يزال يتردد في قسم الإصابات في مستشفى النو. وفي خضم الفوضى، سارع أفراد الأسرة والمتطوعون إلى الدخول، حاملين امرأة في منتصف العمر تعاني من إصابات كارثية: فقد سحقت الشظايا وقطعت نصف ذراعها، وسحقت أصابعها أيضاً، وأصيبت ساقها بجروح عميقة ربما كانت مميتة. وبينما كان بعض أفراد الطاقم الطبي، بمن فيهم أنا، يقفون حولها، كانت تفقد وتستعيد وعيها. وفي لحظة من الوعي، قالت: "لا تقطعوني إرباً، دعوني أموت كاملة". لا تزال كلماتها عالقة في ذاكرتي حتى يومنا هذا، تذكرني بعمق اليأس الذي يتعرض له الشخص ذو الإعاقة بسبب الوصمة والنضال من أجل عيش حياة كاملة في السودان إلى الحد الذي يجعل بعض الأفراد يعتقدون أن الوضع قاتم للغاية لدرجة أن الموت أفضل من البقاء على قيد الحياة.

 

الإعاقات في تاريخ النزاع في السودان

تؤدي الحروب المستمرة في السودان إلى آثار كارثية، مما يزيد من معاناة الأشخاص ذوي الإعاقة. وفقاً لتعداد السكان في السودان لعام 2008، كان هناك 1,854,985 شخصاً من ذوي الإعاقة، وهو ما يمثل 4.8% من إجمالي السكان. ومع ذلك، وفقاً لتقرير الوكالة السويدية للتعاون التنموي الدولي، تُظهر التقديرات العالمية أن عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في السودان قد يتراوح بين 1.9 و 3.8 مليون، أي ما يعادل 10-15% من إجمالي السكان. من العوامل المساهمة في زيادة حالات الإعاقة في البلاد هي مستوى الفقر، ومرافق الرعاية الصحية الرديئة، والأهم من ذلك، النزاع المسلح.


لقد صادق السودان على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الاختياري في عام 2009، إلى جانب العديد من المبادرات التشريعية والتنظيمية الأخرى، ولكن لا تزال هناك فجوات في معالجة القضايا التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة.


وتزيد الحرب من معدلات الإعاقة، خصوصاً من خلال الإصابات الناتجة عن الرصاص، والمدفعية، والقصف الذي يعاني منه المدنيون في مناطق النزاع. تتسبب هذه الهجمات في أضرار جسدية شديدة، مثل البتر، والحروق، والكسور، مما يترك الضحايا غالباً مع إعاقات دائمة. إن تدمير البنية التحتية وأنظمة الرعاية الصحية، جنباً إلى جنب مع النزوح والعنف المستمر، يمنع العديد من الأشخاص من الوصول إلى الرعاية الطبية وإعادة التأهيل اللازمين. ونتيجة لذلك، يواجه ضحايا إصابات الحرب ليس فقط الإعاقات الجسدية، ولكن أيضاً العزلة الاجتماعية والفرص المحدودة للتعافي. كما أن النزاع المستمر يزيد من معاناتهم، مما يصعب عليهم استعادة استقلالهم أو الحصول على الرعاية التي يحتاجونها.


شظايا الحرب، شظايا الصمود

في قسم الحوادث في مستشفى النو، وسط أصداء القصف المتواصلة، واجهتُ الإنسانية في أشد حالاتها إنكساراً وصموداً. ففي كل أسبوع، كان القسم يستقبل من 3 إلى 7 حالات بتر أطراف ــ رجال ونساء وأطفال وحتى رضع لم يتجاوزوا بضعة أشهر من العمر، يأتون بأطراف مبتورة. وفي لحظات القصف العنيف، كان المستشفى يفيض بالجرحى. كانت الدماء تلطخ الأرضيات، والأسرّة شحيحة، وكثيراً ما كان يتعين علينا أن نثب فوق المرضى الذين يفترشون الأرض للوصول إلى آخرين في حاجة إلى الإسعافات الأولية.

 

وكانت إحدى اللحظات التي لا تُنسى وصول طفل يبلغ من العمر شهرين، وقد بترت أطرافه بسبب إصابة ناجمة عن الحرب. وكانت صرخاته تخترق ضجيج المعاناة. وبينما كنت أقف ممسكةً بأدوات الطوارئ بجوار سرير الطفل، تذكرت مناقشة حادة على موقع إكس (تويتر سابقاً) شاهدتها في الليلة السابقة، والتي جادلت بضرورة الحرب من أجل التوصل إلى حل سياسي. وبينما كنت أحدق في الطفل المصاب، فكرت: هل شهد هؤلاء الناس هذا الدمار؟ ما هي السياسة التي تبرر تقطيع طفل إلى أشلاء قبل أن ينطق بكلمة "ماما"؟


وسط القصف المستمر في أم درمان، أصبح طارق أبو زيد رمزاً للشجاعة: حيث كان يتطوع لإدارة مطبخ خيري عندما انفجرت قنبلة بالقرب من منزل جاره. وبينما كان يتفقد الناس، ركض طارق وسط الفوضى، موجهاً إياهم إلى بر الأمان، وعاد في الوقت المناسب لانتشال سيدة عجوز تقطعت بها السبل من الموت. وبينما كان على وشك الانخراط مرة أخرى في عملية الإنقاذ بحثاً عن شخص يستطيع مساعدته، أدى انفجار آخر في الحي إلى تهشيم ساقه.


مقابلة مع طارق أبو زيد - ناس شغالة


كانت جروحه تتجاوز قدرات مستشفى النو، لذا تم نقله إلى ولاية نهر النيل. وبعد تعافيه من إصاباته، عاد إلى أم درمان وواصل العمل في المطبخ الخيري رغم تجربته المأساوية. يقول طارق: "كان من الممكن أن أموت، لكنني سأساعد الأشخاص الأكثر ضعفاً طالما أنا على قيد الحياة. هل رأيتم النساء والأطفال الذين نزحوا من بحري وليس لديهم مايأكلونه؟ هناك أشخاص أكثر ضعفاً مني".

قصة طارق تجسد الصمود في أنقى صوره - رجل اختار، رغم فقده العميق، أن يرفع من معنويات الآخرين في أحلك لحظاتهم. تمثل حياته موقفاً متحدياً لويلات الحرب، وتجسد روح الإنسانية التي لا تقهر.


جهود ما قبل الحرب لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في السودان

قبل اندلاع الحرب، تم تشكيل حركة الأشخاص ذوو الإعاقة في السودان، التي كانت تعمل على تلبية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة في البلاد. كان المهندس أشرف، مؤسس ومدير عام شركة نايلة للأطراف الصناعية، والدكتورة أروى، التي كانت تعمل في نفس المؤسسة، جزءاً من هذه الجهود. لقد عملوا معاً لضمان إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في تطوير الأطراف الصناعية التي تتناسب مع الظروف في السودان. حاولت شركة نايلة للأطراف الصناعية صنع أطراف صناعية خفيفة الوزن ومناسبة ثقافياً للأشخاص ذوي الإعاقة.


مقابلة مع أحد المستفيدين من أطراف نايلة

 

وكانت إحدى الفئات المستهدفة من هذه المبادرات هي الأشخاص المتأثرين بمرض الورم الفطري (المايستوما)، وهو مرض مزمن تسببه الفطريات أو البكتيريا، مما يؤدي إلى تكوّن كتل مؤلمة، خراجات، وجيوب صديدية، وغالباً ما تؤثر على الجلد والعضلات والعظام. ويعد هذا المرض شائعاً في المناطق الريفية والزراعية، خاصة في المناطق الاستوائية. عادةً ما ينتشر المرض من خلال إصابة أو جرح، عندما تدخل الكائنات الدقيقة من التربة الملوثة أو النباتات أو فضلات الحيوانات إلى الجسم. في السودان، يعتبر المرض شائعاً في مناطق غرب السودان، وولاية النيل الأزرق، وولاية سنار. ويعتبر المزارعون أكثر الفئات عرضة للإصابة بسبب طبيعة عملهم، وغالباً ما يحتاجون إلى بتر الأعضاء نتيجة للعدوى الشديدة، عندما يصبح من غير الممكن السيطرة على العدوى باستخدام المضادات الحيوية أو الأدوية المضادة للفطريات. بالنسبة لهؤلاء الأشخاص، أصبح الشمول المالي جزءاً أساسياً من عملية تعافيهم، لأنه أتاح لهم استعادة قدرتهم على الحركة والوصول إلى فرص العمل. وكان هدف شركة نايلة للأطراف الصناعية هو تطوير أطراف صناعية يمكن أن تساعد هؤلاء الأفراد على العودة إلى العمل ودعم أسرهم.


وقد حدد المهندس أشرف، مؤسس ومدير عام "نايلة للأطراف الصناعية"، عدة جهات فاعلة رئيسية في المناصرة والعمل لصالح الأشخاص ذوي الإعاقة. وتشمل هذه الأطراف، من بين آخرين: وزارة الرعاية الاجتماعية، جامعة النيلين، الهيئة العامة للأطراف الصناعية، المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومركز المايستوما. ونتيجة لذلك، تعاونت الشركة مع معظم هذه الجهات لتقديم معلومات ورؤى مفيدة من خلال الأبحاث.

 

وفقاً للدكتورة أروى، فإن معظم المقابلات التي أجروها في إطار البحث سلطت الضوء على حقيقة أن الأشخاص ذوي الإعاقة في السودان يرغبون في الحصول على معاملة متساوية. كان معظمهم بحاجة إلى العمل والمساهمة في السوق ويرغبون في ذلك. إحدى الحالات البارزة كانت لرجل فقد يده في حادث حافلة. على الرغم من مؤهلاته وإصراره، واجه تمييزاً كبيراً عند التقديم للوظائف. وحتى بعد حصوله على درجة الماجستير، ظل غير قادر على العثور على عمل. تسلط قصته الضوء على التحديات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة في سوق العمل السوداني، حيث غالباً ما يتغلب التمييز المجتمعي على الحماية القانونية.


تقاطع الإعاقة وأدوار الجنسين في العمل الرعائي

وصفت ناشطة نسوية سودانية، طلبت عدم ذكر اسمها، كيف أن الحرب تُفاقم من تهميش الأشخاص ذوي الإعاقة في السودان، مما يفرض عليهم خيارات صعبة أثناء النزوح ويثقل كاهل مقدمي الرعاية من النساء. حيث تشارك نضال عائلتها في مواجهة الوصمة والعقبات البيروقراطية لتأمين سلامة قريبها المعاق، وتعكس الإخفاقات النظامية. تقول: "أثناء الحرب، أصبح هذا التهميش أكثر وضوحاً. في حيّنا، كانت الأساسيات مثل الماء والفوط الصحية والحفّاضات للأشخاص ذوي الإعاقة والمسنين غير متوفرة تماماً. اضطرت العائلات إلى اتخاذ قرارات مؤلمة بشأن من يمكنه الفرار بحثاً عن الأمان ومن يجب أن يبقى، وغالباً ما كانت هذه القرارات تعتمد على من يستطيع إعالة الأسرة".

 

بالنسبة للنساء، وخصوصاً اللواتي ليس لديهن إعاقات، فإن عبء العمل الرعائي يكون هائلاً. غالباً ما يتحملن مسؤولية رعاية أفراد الأسرة ذوي الإعاقة، حتى في أوقات الأزمات. من خلال ما رأيت، فإن كل أسرة تقريباً في مناطق النزاع تضم شخصاً من ذوي الإعاقة، ومع ذلك غالباً ما يفشل المجتمع في تقديم خيارات متساوية لهؤلاء الأفراد ويعاملون على أنهم أقل قدرة أو أقل استحقاقاً للحماية. يسلط هذا الواقع القاسي الضوء على التقاطعات المدمرة بين عدم المساواة والاندماج الاجتماعي بما في ذلك الإعاقة والحرب والمعايير المجتمعية.

 

في السودان، غالباً ما تبدأ معركة الحصول على الوثائق للأشخاص ذوي الإعاقة منذ الولادة لأن معظم العائلات لا تتقبل هؤلاء الأطفال بشكل كامل. عانى خالي أيضاً من إعاقة جسدية شديدة ناجمة عن التهاب السحايا، وهو ما كان يشكل تحدياً في الحياة. في حالة خالي، وسط عمليات النزوح المتكررة، فقدنا وثائقه الأساسية. وكان استبدالها يتطلب شهادة شهود تستند إلى الشريعة الإسلامية، حيث لا يمكن إلا للأقارب الذكور أن يكفلوه. ومع ذلك، على الرغم من أن والدتي كانت مقدم الرعاية الأساسي له منذ عام 2002 حتى الآن، فقد تم رفض شهادتها فقط لأنها امرأة. لاحقاً، ظهرت عقبات بيروقراطية جديدة، مثل ضرورة وجود رقم الهوية الوطنية للحصول على جواز السفر. تمكنا من تأمين وثيقة سفر طارئة لخالي، وبعد رحلة طويلة وشاقة عبر ولايات السودان، تم قبول تلك الوثيقة في نهاية المطاف من قبل دولة أفريقية. أنا ممتنة للغاية لأن خالي وعائلتي أصبحوا الآن في مأمن هناك.

 

واجهتُ العديد من العقبات في محاولتي للالتقاء بخالي في البلد الذي أعيش فيه. رفضت الحكومة قبول وثيقة السفر الطارئة له، ولم تقدم السفارة السودانية أي مساعدة أو دعم. على الرغم من هذه التحديات، فإن قدرة خالي على الصمود وثبات أختيّ، وتحملهن المسؤوليات الرعائية رغم فشل الآخرين شيء يبرز عزيمتهن وشجاعتهن.

 

 تكشف هذه القصة عن تقاطع عميق بين الإعاقة والنوع الاجتماعي والتوقعات المجتمعية أثناء الحرب. تؤكد على أن الحواجز النظامية مثل الوصمة، والمواقف الثقافية، وعدم إمكانية الوصول إلى البنية التحتية المادية، لها تأثيرات غير متساوية على الأشخاص ذوي الإعاقة وموفري الرعاية لهم، الذين هم غالباً من النساء اللاتي يتحملن عبء العمل الرعائي في الأزمات.

 

إضافة إلى هذا التهميش، هناك العقبات القانونية والإدارية التي تجعل الوصول إلى الوثائق والخدمات الأساسية أمراً شبه مستحيل، كما أن المساعدات الإنسانية غالباً ما تتجاهل الاحتياجات الخاصة. على الرغم من هذه التحديات، إلا أن مرونة وإرادة الأفراد والأسر تظهر بوضوح، مما يبرهن على إرادتهم في البقاء والتكيف رغم الصعوبات.


هذه مسائل تدعو إلى تبني سياسات شاملة، وضمان الوصول إلى المساعدات والبنية الأساسية، وتغيير المواقف تجاه مساهمات وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وهذا يعني النظر إليهم ليس فقط كضحايا، بل أيضاً كأعضاء أساسيين في المجتمع يتمتعون بالقدرة على التصرف والاستقلال.


بينما كنت أكتب هذه المقالة، اتصلت بي إحدى صديقاتي وشاركتني كيف فقدت جارتها ساقها بسبب شظايا أثناء توصيل حاجيات المنزل للأسر. إن المواطنين معرضون للخطر دائماً، كما يمكن فهمه من القصص أعلاه. في مستشفى النو، الذي يعمل فيه زملائي، كان هناك دفق لا ينتهي من الإصابات الخطيرة التي تجعل عمل المستشفيات صعباً وتبقي العاملين الطبيين مرهقين. تكشف هذه الحوادث عن التأثير العميق للعنف على الأجيال المتعاقبة، بما في ذلك تفكك الأسر، وفقدان سبل العيش، والصدمات النفسية طويلة الأمد التي تؤثر ليس فقط على الحاضر ولكن أيضاً على مستقبل السودان.

 

دروس من الصومال: دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في مناطق النزاع

عندما يتعلق الأمر بمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة في أوقات الحرب، يمكن للسودان أن يتعلم بعض الدروس من الصومال. فقد بذلت حكومة الصومال الكثير من الجهود لمعالجة هذه القضية، على الرغم من أن البلاد كانت تعاني من العنف لعقود.

 

من خلال إنشاء الوكالة الوطنية للإعاقة (NDA)، والتوقيع مؤخراً إلى اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فإن الصومال في طريقها لضمان دمج كامل للأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع. حيث ينص قانون الإعاقة الوطني على إنشاء مرافق للتدريب المهني وتوزيع الأدوات المساعدة، كما يدعو إلى تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الوصول إلى الفرص المالية وريادة الأعمال. كما اتخذت الصومال خطوات لتحسين الفرص التعليمية للأطفال والشباب ذوي الإعاقة. الصومال مثال على كيفية حماية المواطنين من التخلف عن الركب في حالة الحرب من خلال وجود قوانين وحماية قوية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. تعتبر الإجراءات المحلية مهمة، وخاصة في الاستفادة من التعليم الشامل وفرص العمل.

 

الخاتمة والتوصيات

يجب أن تتحول جهود إعادة التأهيل في السودان بعد الحرب لتشمل حماية المدنيين، بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة. ويجب ضمان الوصول إلى الرعاية الصحية، والغذاء، والخدمات الأخرى بموجب القواعد الإنسانية الدولية، خصوصاً في المناطق المتضررة بشكل مباشر من العنف. إن منع العجز في المستقبل وحماية الأشخاص النازحين داخلياً أمر بالغ الأهمية في الأماكن التي تشهد مستويات عالية من الصراع.

بينما يعد إعادة التأهيل ما بعد الحرب أمراً ضرورياً، فإن التدخل المبكر خلال النزاع المستمر لا يقل أهمية. تشمل التوصيات ما يلي:


  • حماية الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال ضمان وصولهم إلى المستشفيات والإمدادات الإنسانية، لا سيما في مناطق النزاع. يجب إنشاء ممرات إنسانية لضمان توزيع الخدمات الأساسية بشكل عادل.
  • حتى في خضم الأزمة، من الضروري إعطاء الأولوية لتوفير خدمات إعادة التأهيل الطارئة مثل العلاج الطبيعي، والأدوات المساعدة، والأطراف الاصطناعية الأساسية، للأشخاص الذين أصيبوا وضمان حصولهم على هذه الخدمات بشكل متساوِ.
  • هناك حاجة لمواصلة وتعزيز التعاون في مجالات الرعاية الصحية المتاحة، وإعادة التأهيل، والتكنولوجيا المساعدة، والدعم الاجتماعي من قبل المنظمات الدولية، والمنظمات غير الحكومية، والسلطات السودانية.
  • زيادة الاهتمام بالتعليم الشامل، وبرامج التدريب المهني، وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة اقتصادياً.
  • هناك حاجة لتوفير العلاج التأهيلي والأطراف الاصطناعية فوراً في أعقاب الكوارث. يجب أن تكون هذه الأطراف الاصطناعية مناسبة ثقافياً، خفيفة الوزن، ومصنوعة من مواد تتحمل المناخ القاسي في السودان. سيمكن ذلك المرضى من استئناف الحركة ويسهم في جهود إعادة التأهيل داخل مجتمعاتهم.
  • بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساعد برامج الشمول المالي، التي تقدم التدريب المهني، ومنح المشاريع الصغيرة، وفرص العمل الشاملة، الأشخاص ذوي الإعاقة في استعادة استقلالهم والمساهمة في التعافي الاقتصادي.
  • سياسات مكافحة التمييز، مع التركيز على تنفيذ حملات التوعية العامة وفرض السياسات، خصوصاً في مجال التوظيف. 
  •  بناء الأطر القانونية التي تضمن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتعزيزها من خلال تنفيذ التشريعات، مع مراعاة ضمان الوصول المتساوي إلى الرعاية الصحية والتعليم وفرص العمل.
  •  يجب أن يكون النهج متعدد القطاعات شاملاً لاحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث يعمل كل من الحكومة والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية والقطاع الخاص ومجموعات الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل موحد من أجل التعافي. وهذا ضروري لإنشاء مجتمع شامل بعد الصراع.

أصالة صلاح

أصالة صلاح باحثة سودانية وناشطة نسوية وصحافية ملتزمة بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية. أجرت أبحاثًا مكثفة حول انتهاكات حقوق الإنسان والعنف القائم على النوع الاجتماعي في مناطق الصراع. أثناء عملها في مستشفى النو في منطقة حرب، شهدت أصالة التأثير المدمر لإصابات الحرب بشكل مباشر، ودعمت الفرق الطبية في تقديم الرعاية الحرجة. يركز عملها على تضخيم الأصوات المهمشة، وتعزيز بناء السلام، والدعوة لحقوق المرأة. مع خلفية في القانون والصيدلة، شاركت أصالة تجاربها في منصات مثل TEDx وبودكاست WILPF، حيث دافعت عن المساءلة والتغيير النظامي.