هذا المقال متوفر أيضاُ باللغة English

نبذة عن رائدة الأعمال شيماء عدلان

طبيبة أسنان، رائدة ومبتكرة في المطبخ، مؤسسة "جوفا" للحلويات والتي يندرج تحتها العديد من المشاريع الخاصة، إلى جانب العمل الخاص هي موظفة، متطلعة لتصل مشاريعها إلى العالمية.  


الدكتورة ورائدة الأعمال : شيماء عدلان. المصدر: صفحة جوفا على Facebook

               

"تشيز كيك" من كان ليتخيل أن قطعة من الحلوى ستكون يوماً بداية لطريق مكلل بالنجاحات. هكذا بدأ الأمر فقد كان حب وشغف الدكتورة "شيماء عدلان" المحرك الأول لتصبح اليوم رائدة أعمال ناجحة في المطبخ!  تأخذنا "شيماء" معها في رحلة مبهجة ومتعبة ربما، لكنها مليئة بالشغف.


ف "شيماء"والتي كانت تعيش ثمانية عشر عاماً في المملكة العربية السعودية قد إنفصلت عن عائلتها وعادت إلى السودان عام 2013 لدراسة "طب الأسنان"، كأغلبية الفتيات اللواتي كانت أسرهن تقطن خارج السودان، إستقرت مع أقاربها وبطبيعتها كانت محبة للطبخ، فكانت دائماً ما تضع لمساتها في إعداد الطعام للعائلة. فامتد الأمر بعدها لمشاركاتها أيضاً في المناسبات الخاصة بالأقارب والرحلات الجامعية ولطالما نال طبخها إستحسان الجميع. ومن كان ليعتقد أن هوايتها للطبخ ستصبح مصدراً لكسب الرزق، وأن بدايتها كطاهية مبتدئة في عام 2013 ستكون أولى خطواتها نحو حلم مستمر يبدو جلياً اليوم في أعين الجميع.


أندريا: ما الذي ألهمك لبدء جوفا؟


شيماء: كانت بيئتي المحيطة في السعودية إحدى أسباب تنوع وصفاتي، لقد كنت محاطة بجنسيات مختلفة من الخليج العربي واليمن وغيرهم، ما ساعدني على إكتساب ثقافتهم الخاصة بالأطعمة،عندها بدأت بإعداد الحلويات والمعجنات المختلفة. و حقيقة بداية مشروعي كان حبي وشغفي بحلوى "التشيز كيك"، حيث أنه أثناء مكوثي في السودان لم أعثر على مكان يعد هذا الكيك كما إعتدت تذوقه في السعودية، ولأنني بالفعل تعلمت إعداده هناك بمواصفات وجودة عالية أصبح تخصصي الأول في إعداد الحلويات.


ولتكون مسيرتي وبدايتها صحيحة ومتزنة لتنمية مهاراتي في المطبخ، سارعت في المشاركة في الدورات التدريبية المتنوعة الخاصة بالحلويات والمعجنات، والدورات التدريبية الخاصة با"الكاترينغ" وهي الأعمال التجارية لخدمات توفير وتقديم الطعام والمشروبات للمناسبات الخاصة والعامة.


لقد تدربت بجد لتحسين مهاراتي خصوصاً بين عامي 2018 - 2019، حيث أنني كنت أحضر العديد من الأصناف التجريبية للتذوق، وأعتبرتها محاولة رغم ترددي في نجاحها من عدمه. فتجربتي الجادة ونقطة تحولي قد بدأت في عام 2020 في يوم 14 من شهر فبراير، حيث ظهرت في الساحة العامة بأول مشاركة لي في فعالية، وإخترت هذا التاريخ بشكل خاص فهو يوافق عيد الحب "الفالانتاين". حيث كنت أضع نصب عيني الأشخاص الذين ليس لديهم خطط لهذا اليوم وأردتُ لـ "جوفا" منحهم هذه المساحة والفرصة بالقدوم لمهرجان و تذوق الحلويات والأطعمة التي صنعتها كأول ظهور لي في مجال الطبخ بمشروعي الخاص.                                                                  


FaceBook أول ظهور ل "جوفا" في إيفنت التسوق _ يوم عيد الحب 2020 المصدر : صفحة جوفا على


أندريا : كيف أخترتي الإسم " جوفا" ليكون إسماً لعلامتك التجارية ؟


 شيماء : لقد إخترت هذا الإسم في الأصل بسبب محبتي لحلوى الـ"تشيز كيك" حيث أنها حلوى يونانية الأصل. وجوفا إسم يوناني تعود أصوله إلى بداية صنع "التشيز كيك" قبل 4000 سنة في اليونان القديمة. كما وأنه إسم ساحلي يرمز "للشمس" والتي إخترتها كهوية بصرية لي، فاللون الأصفر الذي إستخدمته كان دلالة  "لجوفا".


الهوية البصرية لجوفا . المصدر: صقحة جوفا على Facebook


أندريا: كيف كانت تجربتك عند إطلاق جوفا؟


شيماء: قد أعددت بالفعل ما يلزم لإطلاق المشروع، بدءاً من إنشاء صفحات في مواقع التواصل الإجتماعي للترويج له إلكترونياً وعلى أرض الواقع. ولم أسلم كمعظم النساء من العراقيل التي توضع لأي إمرأة تحاول التنافس في مجالات الأعمال بشكل عام. قد عانيت من هذه المعاملة سواء في السودان مسبقاً أو حتى في مصر حتى تاريخ اليوم، وأعتقد أنني سأقابل مثل هذه العراقيل دوماً لأنني إمرأة.


"كيف لها أن تخرج من المنزل لشراء المواد اللازمة، وإستئجار مواقع للعمل، وزيارة سوق أمدرمان حتى وقت متأخر من الليل لوحدها من غير رفقة رجل؟" كان كل هذا أمراً مستنكراً. وفي بعض الأحيان واجهت رفض فرصة عمل فقط لأنني إمراة، و كما كنت أسمع على الدوام أنني "طباخة ساي!" و "العوين أصلاً مكانهم المطبخ". فلم يكن يؤخذ ما أقوم به من عمل على محمل الجد. وقد أزعجتني وأحبطتني هذه العبارات التي كانت تلقى على مسامعي خصوصاً أن بعضها كان من الدوائر القريبة.


لكنني وبالمقابل وجدت في طريقي أيضاً من آمن بفكرتي وشجعني معتبراً إياها فكرة عظيمة قابلة للنجاح، مما جعلني أتقبل وأنضج. وفهمت أنني سأجد دائماً من يسعى لإحباطي، وسأجد أيضاً من يسعى لدعمي ونصيحتي. وسأركِز على الدعم فقط، فهذا لم يعد حلماً أو تجربة بل هي وظيفة ومهنة تسعدني وتصنع قيمتي وتمنحني شعور الرضى والفخر. وأنني ما زلت أقوم  كل يوم بتطوير العديد من الأفكار والمشاريع لتكون حقيقةً يوماً ما.

 

أندريا:  2020-2024 كيف يبدو مسار جوفا اليوم؟       

   

شيماء: مضت بالفعل أربعة أعوام منذ تأسيسي لـ"جوفا" وظهورها في إيفنت التذوق. لكنني شعرت بأنني في المسار الصحيح فقط عندما فزت بالمركز الأول في المسابقة العالمية "Startup Weekend Khartoum"، والتي شاركت فيها في الشهر الذي يلي مشاركتي في فعالية التذوق أي في "مارس 2020". أسير ببطئ لكن بثبات هكذا أصف مسيرتي. فأنا أعلم يقيناً أن "جوفا" قد كبرت وأن من يعرفها ومن تذوق منها ليس نفس العدد الذي كان قبل أربع سنوات.


Facebook تسجيل العلامة التجارية لـ"جوفا" المصدر: صفحة جوفا على


شيماء عدلان فائزة بالمركز الأول في مسابقة Startup Weekend Khartoum عن "جوفا" المصدر: صفحة جوفا على Facebook


أندريا: حديثنا عن تأثير الحرب على مشاريعك وخططك ؟


شيماء: لم أكن موجودة في السودان عندما بدأت الحرب المؤسفة في الـ 15 من أبريل، فقد كنت في إجازة لقضاء شهر رمضان في مصر مع عائلتي (أمي وأخي ). لكنني كنت سأعود بعد قضائها لإلتزاماتي بتعاقدات عديدة في السودان، فلم يكن من مخططي الإستقرار في مصر. لكن الحرب قد أتت بلا إنذار وطال أثرها عائلتي، أصدقائي وذكرياتي وبيتنا أولاً، ثم عملي كحال كل الشعب السوداني.


مع بداية الحرب كان همي الأول هو سلامة أسرتي ولم أجد الوقت لأقلق على "جوفا" إلا لاحقاً. حيث كان أحد إخواني عالقاً في السودان ووالدي في السعودية، فقد كان مقرراً أن نجتمع معاً لقضاء الإجازة. تشتت عائلتي لبعض الوقت لم يسعفني للتفكير ب"جوفا " إلا بعد  5 شهور من الحرب المفجعة، وكنت مترددة في العودة لكنني عدت بفضل الله. وما جعل بدايتي صعبة هو أنني كنت موظفة فحاولت إيجاد التوازن بين عملي الخاص ووظيفتي.


Facebook عودة جوفا في القاهرة بعد الحرب. المصدر: صفحة جوفا على


أندريا : جوفا ما بعد الحرب في أرض أخرى، كيف كانت بدايتك في مصر؟


شيماء : إن التوفيق من الله، ودعوات والداي تلازمني دائماً، إلى جانب العلاقات التي إكتسبتها في مسيرتي، فرفاقي من مختلف الدول مثل السعودية والسودان ومصر ما زالوا في تواصل مستمر معي. أعتقد أن علاقاتي ممتازة جداً وساعدتني كثيراً للبدء مجدداً، خصوصاً أنه قد تملكني الخوف من البداية مرة أخرى، لكنها بدت لي كتجربة يجب أن أخوضها أياً كانت النتيجة. فقبل أن أقرر أنني أريد البدء كنت فعلاً قد بدأت. وقد مضت بالفعل أشهر منذ أن إستأنفت مسيرتي وكل شئ يسير على ما يرام.


لم أستطع أن أصل تماماً إلى السوق المصري فما زلت أعمل في السوق السوداني وقد قمت بالفعل بتغيير قائمة الطعام. ولأن مصر سوقها وأصنافها أوسع فالتنافس فيها أصعب لكنني ما زلت أعمل على ذلك.


Facebook نموذج من أعمال شيماء في "الكاترينغ". المصدر: صفحة جوفا على


أندريا : كيف هي رؤيتك لجوفا ومشاريعك بعد عدة أعوام من الآن؟   


شيماء: أعتقد أنه يجب على أي شخص قرر بدء عملاً خاصاً به أن يمتلك رؤية. فمن الضروري أن تفكر بما تريد أن يكون عليه مشروعك الخاص فيجب دائماً أن يكون هناك الخطة "أ" والخطة "ب" وأي خطة إحتياطية لتستطيع تجاوز المحن التي تواجهك، كهذه الحرب مثلا.


ف"جوفا" هي إسم العلامة التجارية، وتحتها يندرج العديد من المشاريع الأخرى. فلا يقتصر عملي اليوم فقط على صنع الحلويات، لكن هناك "الكاترينغ" الأعمال التجارية لخدمات توفير وتقديم الطعام والمشروبات للمناسبات الخاصة والعامة، وللتنظيم والتخطيط، وهو ما أركز عليه اليوم سواء للسودانيين والمصريين وحتى الجنسيات الأخرى.


فبعد  5 أعوام من الآن أخطط لـ 5 مشاريع ل"جوفا"، أسعى وأجتهد لأن ترى النور، لذا ترقبوها.


كما و عملنا في رمضان في مشروع "خيمة البِّرش الرمضانية"، وهي خيمة إجتماعية، ثقافية وفنية طوال شهر رمضان الكريم، على النيل في منطقة المنيل. مكان جمعنا سوياً لنتبادل فيه القصص والحكايات، كنا نستمع إلى الموسيقى والأغاني والمديح ونلتقي فيه كأصدقاء وأسر حيث قدمت الأطعمة الشهية والبرامج الممتعة. كان حدثاً جميلاً جداً يجمعنا ويخفف عنا شعور الوحدة في بلاد الغربة.


تصميم الهوية البصرية لمشروع خيمة البرش الرمضانية  المصدر: صفحة جوفا على Facebook



Facebook فريق عمل مشروع خيمة البرش الرمضانية. المصدر: صفحة البرش على


             Facebook الدكتورة شيماء وإحدى عضوات فريق خيمة البرش.  المصدر: صفحة جوفا على


أندريا : كيف أستطعتي تحقيق الإزدهار والإستقرار في ظل هذه الأوضاع؟         

                                  

شيماء: في السودان لم يكن السوق ثابتاً، ومصر قبل عام من الآن كان سوقها مستقر لكن اليوم أصبح حال سوقها في تذبذب كما السودان. مما يجعل من الصعب التحكم بالخطط المالية لكنه ايضاً ليس مستحيلاً، فكل ما يحتاجه الأمر هو وضع خطة ذكية لقراءة السوق تناسب المنتج والمستهلك.


أندريا : ما هي الدروس الأخرى التي يمكننا الحصول عليها من المنافسين في البلدان الأخرى ووجهات النظر؟             


 شيماء : إن الإستجابة السريعة وإختيار الموظفين بعناية فائقة عناصر مهمة للغاية. لقد لاحظت أهمية هذه النقاط في مصر، والمصريون ممتازون جداً في هذا الصدد ومهنيوون للغاية في أعمالهم، يقومون بالتنفيذ بلا تأخير. ونقطة مهمة أخرى حيث أنهم ماهرون جداً في وضع ميزان للمقادير وإختيار المواد الصحيحة بتكلفة جيدة لتكون النتيجة "تكلفة جيدة وجودة عالية”.


أندريا: نصيحة أخيرة تقدمينها للمراة السودانية، خصوصاً اللواتي يرينك قدوة في هذا المجال؟   


شيماء: هناك العديد من التجارب التي مررت بها والتي تختلف تمامًا عن التجارب التي قد تمر بها العديد من النساء. كل واحدة منا لديها تجربة وتحدي تواجهه بمفردها قد لا تكون مشابهة. قد تختلف رؤيتنا لتصحيح الأشياء، لكن يمكنني أن أقول ذلك كامرأة، كونى ثابتة واستمري في التركيز لأن الصعوبات موجودة. لا تدعين شخصًا آخر يجلب لك الحل، بل يجب أن تجدينه بنفسك. لذا استمري على الرغم من الظروف والقمع الذي نعيش فيه. تابعي، أنت قادرة.




شهد عبد السيد النعيم

شهد، تبلغ من العمر 24 عامًا، خريجة تقانة أسنان من جامعة الخرطوم وطالبة طب الأسنان في كلية المدائن. وهي أيضًا كاتبة محتوى تسويقي، وهو شغف بدأت تتغذى عليه في سن السادسة عشرة. بالكتابة تصنع عوالِمَ أخرى، تحكي واقعاً وتقصُّ خيالاً، تؤمن أنها من خلال الكتابة تستطيع التعبير عن نفسها. فازت بالمركز الثاني في القصة المشتركة في المسابقة الوطنية للقصص المصورة لعام 2020 - فريق دروفان، ووصلت إلى الدور نصف النهائي في مسابقة نيرفانا للقصص القصيرة 2020.