هذا المقال متوفر أيضاُ باللغة English

"في كل مكان أذهب إليه، أحرص دائماً على توفير مترجمي، لأنني أعلم أنه عندما أحضر الاجتماعات أو التدريبات أو الفعاليات العامة، لا يتم أخذ هذه الحاجة في الاعتبار أبداً، حتى في المساحات المخصصة لحقوق الإنسان هنا في جنوب السودان." – أتيم كارولين


هذه المقولة من كارولين، الناشطة في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، توضح مدى صعوبة الوصول إلى بيئتنا بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة. فمنظمات حقوق المرأة والمجموعات النسوية والمؤسسات والمبادرات التي لا يقودها بالضرورة أشخاص ذوو إعاقة أو لا تركز عليهم. الامتياز يعني أن تكون قادراً على عدم التفكير في هذه التحديات في كل لحظة من حياتك. لكن في قرية "ما مارا ساكيت"، يعدّ المجتمع قيمةً جوهريةً، ولا يمكننا وصف أنفسنا كمجتمع نسوي دون إدماج جميع النساء والفتيات بشكل هادف وحقيقي.


حديث عن الجندر 211 – فعالية أورنج جنوب السودان، 2021


لقد أحرزنا تقدماً كبيراً في إدماج النساء والفتيات ذوات الإعاقة. لم يكن الأمر سهلاً على الإطلاق؛ فقد كان - ولا يزال - عملية تعلّم مستمرة. ورغم وعينا بأهمية الشمولية لمجتمعنا، إلا أننا غالباً ما نعتمد على أماكن خارجية لعقد الفعاليات والأنشطة الحضورية، لأننا لا نملك حتى الآن مساحة خاصة بنا. وفي هذا السياق، نجد أنفسنا نواجه صعوبة في العثور على أماكن مهيأة بالكامل لتكون شاملة للجميع، ما يضطرنا إلى الارتجال لضمان مشاركة النساء ذوات الإعاقة.


ورغم أن هذه التحديات غالباً ما تكون خارجة عن نطاق سيطرتنا، فإننا دائماً ما نُقرّ بأوجه القصور ونعتذر ونتعلم من التجربة. لكن الأهم من ذلك، أننا نحرص على لفت انتباه مالكي هذه المساحات بضرورة جعلها متاحة للجميع.

 

كانت المرة الأولى التي حدث فيها هذا التحدي خلال فعالية "حديث عن الجندر 211 – أورانج جنوب السودان" عام 2021، حيث كانت إحدى المتحدثات امرأة من ذوات الإعاقة الحركية. ورغم أن الفعالية أقيمت في مكان مفتوح، إلا أن المنصة كانت صغيرة ومرتفعة قليلاً، ما تطلّب تقديم المساعدة للمتحدثة للوصول إليها. عندها، قامت أجاك إبراهيم، أحدى عضوات فريقنا التي كانت أيضاً ضمن المتحدثات، بالإشارة إلى هذه المشكلة علناً، وتحملنا المسؤولية كفريق واحد.


حلقة الحوار النسوية 2023


لمرة الثانية التي واجهنا فيها بيئة غير مهيأة كانت خلال إحدى حلقاتنا الحوارية النسوية في عام 2023. لم تكن أي من الأماكن التي استوفت متطلباتنا للتجمع مجهزة بالكامل للأشخاص ذوي الإعاقة. وكان من بين المشاركات ثلاث شابات من ذوات الإعاقة، إحداهن تحديداً تعاني من إعاقة حركية. ورغم أننا اخترنا المكان "الأقل" تعقيداً من حيث إمكانية الوصول، إلا أنه كان لا يزال يحتوي على درجتين تؤديان إلى قاعة الورشة ودورات المياه.


لا تقتصر التحديات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة في جنوب السودان على العوائق المادية فحسب، بل تشمل أيضاً محدودية الوصول إلى الموارد والفرص والخدمات، إلى جانب التمييز والوصم الاجتماعي، مما يجعلهم أكثر عرضة للمخاطر. إن مسؤولية الدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لا يجب أن تقع على عاتقهم وحدهم؛ بل علينا جميعاً أن نكون حلفاء وداعمين حقيقيين، ليس فقط بالقول، ولكن بالأفعال أيضاً.


سلسلة حملات #نساء_جنوب__السودان_بعد_10_سنوات في عام 2021


أطلق "حديث عن الجندر 211" في عام 2021 حملة #نساء_جنوب_السودان_بعد_10_سنوات، لإلقاء نظرة على ما يعنيه عقد من استقلال جنوب السودان بالنسبة للسودانيين الجنوبيين، وخصوصاً النساء، وهي توثيق مرئي لأصوات نسائية من مختلف الخلفيات يشاركن تأملاتهن وآرائهن وآمالهن للمستقبل. وخلال شهر يوليو 2021، وهو شهر استقلال جنوب السودان، سلّط "حديث عن الجندر 211" الضوء على تجارب النساء داخل جنوب السودان وخارجه.


إحدى حلقات هذه الحملة كانت مقابلة مع جوزفين كيدين، مديرة منظمة "الصم يقودون"، حيث تحدثت عن تجربتها وتجربة النساء والفتيات ذوات الإعاقة في جنوب السودان خلال السنوات العشر الماضية من الاستقلال.


#هؤلاء_نحن – الجزء الأول 2022


بينما يجب أن نعمل بنشاط من أجل تحقيق مشاركة حقيقية، تظل مسألة التمثيل مهمة، خاصة في وسائل الإعلام، لا سيما في السياقات التي يكون فيها عدم المساواة هو القاعدة. في "حديث عن الجندر 211"، ومن خلال حملة #هؤلاء_نحن، التي تعدّ توثيقاً رقمياً مرئياً ومكتوباً يسلّط الضوء على الأزياء الثقافية في جنوب السودان، حرصنا دوماً على ضمان تمثيل الأشخاص ذوي الإعاقة. فكان ذلك جلياً خلال الجزء الأول من حملة #هؤلاء_نحن الرقمية عام 2022، حيث تم تقديم 16 زياً تقليدياً من أزياء جنوب السودان.




عرض "سوكسُكنا" الثقافي النسائي متعدد الأجيال في جوبا، فبراير 2023.


مشروع "سوكسُكنا" هو مشروع لصناعة الخرز التابع لقرية "ما مارا ساكيت"، والذي يهدف إلى المساهمة في الحفاظ على المعرفة والمهارات التقليدية  لصناعة كورسيهات الخرز التي أوشكت على الاندثار، إضافة إلى خلق فرص عمل مستدامة للنساء والفتيات في جنوب السودان. يسعى المشروع إلى تعزيز معارفهن ومهاراتهن في تصميم وإعادة إحياء الخرز التقليدي لجنوب السودان، بهدف الترويج للثقافات الجنوب سودانية والعمق الإفريقي بطرق فريدة، جميلة، وإبداعية.

 

في هذه الصورة، نرى إحدى العارضات، وهي شابة من ذوات الإعاقة الحركية، تستعرض أحد كورسيهات الخرز التقليدية الخاصة بشعب الدينكا المعروفة باسم "ألُوال" خلال فعالية  معرض "سوكسُكنا الثقافي النسوي متعدد الأجيال".


"سوكسُكنا" هي عبارة بلغة عربية جوبا تُترجم بشكل فضفاض إلى "خرزنا"


 معرض سوكسُكنا الثقافي النسائي متعدد الأجيال، منصة لعرض فيلم قصير يسلّط الضوء على رحلة خبيرتين في صناعة الخرز قامتا بتوجيه وتدريب ثماني نساء وفتيات على فن حياكة كورسيهات الدينكا والأتوهو بالخرز.

كما يظهر في هذه الصورة، تضمن الحدث ثماني عارضات قدّمن نماذج من 30 كورسيه تم إنتاجها، إلى جانب مشاركة رؤى حول الأهمية التاريخية والثقافية لتصاميم وألوان هذه الكورسيهات المتنوعة.




برنامج "حديث عن الجندر 211" الإذاعي


في عام 2023، قمنا بإدراج ترجمة لغة الإشارة في برنامجنا الإذاعي "حديث عن الجندر 211" على راديو أدفانس ديجيتال، والذي يُبث مباشرة عبر فيسبوك. كان "حديث عن الجندر 211" من أوائل البرامج التي دمجت ترجمة لغة الإشارة في البثوث الإذاعية المباشرة على فيسبوك في جنوب السودان. لقد لاحظنا كيف ألهم هذا الأمر برامج إذاعية أخرى تُبث مباشرة عبر فيسبوك لاعتماد ترجمة لغة الإشارة، وإن كان هذا التقدم لا يزال بطيئاً.



حملة #أين_مشروع_قانون_مناهضة_العنف_القائم_على_النوع_الاجتماعي 2023


يستخدم برنامجنا "حديث عن الجندر 211" السرد القصصي، والتصوير السردي، والبحث، والفنون الإبداعية، ووسائل الإعلام التقليدية والرقمية لتوثيق ورقمنة التجارب والروايات الماضية والحالية للنساء والأشخاص غير الثنائيين في جنوب السودان. من خلال موقع البرنامج الإلكتروني ومنصاته على وسائل التواصل الاجتماعي، نقوم بتنظيم حملات ونقاشات نسوية رقمية.

 

في عام 2023، أطلقت مجموعة الشابات في قرية "ما مارا ساكيت" حملة #أين_مشروع_قانون_مناهضة_العنف_القائم_على_النوع_الاجتماعي. تهدف هذه الحملة المستمرة إلى رفع الوعي حول مشروع القانون، الذي تمت صياغته عام 2019 لكنه لا يزال عالقاً في وزارة العدل والشؤون الدستورية، كما تسعى إلى الضغط على الجهات الحكومية المعنية لاستكمال مسودة القانون وإحالته إلى البرلمان.

 

في جميع أعمالنا الفنية البصرية، نحرص باستمرار على تمثيل النساء ذوات الإعاقة وضمان أن يكون واقعهن وتجاربهن جزءاً أساسياً من النقاشات.




الشمولية تعني أن يكون الجميع جزءاً أساسياً من كل ما نقوم به، لأنهم جزء من المجتمع، ولأن أصواتهم وتجاربهم لها قيمة ومعنى. في عام 2022، أسست قرية "ما مارا ساكيت" مجلساً استشارياً للبرامج يساهم في تحقيق رسالتها من خلال المعرفة والخبرة والمهارات المهنية لأعضائه، وهي موارد أساسية تمكّن القرية من تنفيذ برامجها بفعالية. ومن بين أعضاء هذا المجلس امرأة ذات إعاقة تعمل على ضمان إدماج النساء ذوات الإعاقة بشكل هادف وحقيقي في جميع أعمالنا.


تواجه النساء والفتيات ذوات الإعاقة أشكالاً متداخلة من التمييز، ليس فقط بسبب إعاقتهن، ولكن أيضاً بسبب أشكال أخرى من القهر التي يتعين عليهن التعامل معها باستمرار. لهذا، من الضروري أن يكون نهجنا دائماً تقاطعياً، بحيث نأخذ في الاعتبار جميع الهويات والتجارب المتداخلة عند تصميم برامجنا وسياساتنا.


لا أحد يستحق أن يشعر بأنه غير منتمٍ بسبب هويته. وكنساء، نحن ندرك هذا أكثر من غيرنا، ويجب أن نحرص على ألا نكون جزءاً من أي شكل من أشكال التمييز ضد النساء والفتيات، بجميع هوياتهن المتنوعة، في عملنا النسوي وفي نضالنا من أجل حقوق المرأة.


ألُوال أتيِم

ألُوال أتيِم هي نسوية وناشطة من جنوب السودان وعضوة في مجتمع قرية ما مارا ساكيت، وهو مجتمع نسوي في جنوب السودان يعمل على تعزيز الأصوات وخلق منصات وفرص لتسهيل العمليات التي تساهم في تحقيق التمكين الفردي والجماعي، وذلك من خلال البحث، والفن، والثقافة والوسائط المتعددة.