مقتطف
من الميمز إلى الحركات المجتمعية، يُعيد الشباب التنزانيون تعريف ثقافتهم من خلال شاشاتهم. فقد أصبحت منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام فضاءات للفكاهة والإبداع والانتماء المجتمعي وتشكيل الهوية. هذا التحوّل لا يُعدّ مجرد توجه رقمي؛ بل هو إعادة صياغة ثقافية شاملة.
ولّت الأيام التي كنّا نجتمع فيها حول التلفاز لمتابعة نشرة الأخبار المسائية، أو ننتظر صدور الصحيفة اليومية لمعرفة ما يجري في العالم. الآن، ومع صعود وسائل التواصل الاجتماعي، بدأت الوسائل الإعلامية التقليدية تفقد مكانتها شيئاً فشيئاً. فقد استُبدلت العديد من القنوات الإعلامية التي كانت تحظى بشعبية واسعة بمنصات مثل إنستغرام، تيك توك، فيسبوك، وسناب شات وغيرها. وأصبح الشباب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يعتمدون على هذه المنصات للحصول على المعلومات، والتواصل مع المجتمع، وحتى إطلاق المشاريع الريادية.
في المستقبل، سوف تصبح وسائل التواصل الاجتماعي أكثر استهدافًا لتقديم المزيد من المواقع لاهتمامات محددة استنادًا إلى احتياجات المستهلكين. المصدر: مجلة فوربس
بطريقة متوقعة ومثيرة للاهتمام، بدأت الأجيال الشابة تبتعد بسرعة عن وسائل الإعلام التقليدية وتتحوّل نحو وسائل تواصل أكثر ابتكاراً مثل وسائل التواصل الاجتماعي. وربما يرجع ذلك إلى سهولة استخدامها أو إلى كون هؤلاء الشباب هم "الجيل الرقمي" الجديد، فقد أصبحت وسائل التواصل جزءاً لا يتجزأ من حياتهم اليومية. في الواقع، أصبح من الشائع اليوم القول إن على الشخص أن يحافظ على حضوره الرقمي تماماً كما يحافظ على وجوده الواقعي. بل إن بعض الشخصيات البارزة في مجال الهوية الرقمية والتسويق الشخصي ذهبوا إلى إلى حد الادعاء بأن الحضور الرقمي بات أكثر أهمية من الوجود الجسدي.
على سبيل المثال، إيلينا ريفيرا، المديرة الأولى لخدمات المحتوى والتعاون العالمية في سيسكو، والمسؤولة عن تلبية احتياجات أكثر من 70,000 موظف حول العالم في الشركة من حيث التكنولوجيا والحوسبة، تؤكد أن الانطباعات الأولى اليوم تحصل عبر الإنترنت. وتقول: "كنا نلتقي بالناس وجهاً لوجه، أما الآن فنقوم بالبحث عنهم في غوغل أو نطّلع على حساباتهم في لينكدإن لنتعرّف عليهم." ويعود ذلك إلى أن سهولة الوصول إلى الإنترنت جعلت الناس يعتمدون على الشبكة أكثر من اللقاءات الواقعية للحصول على المعلومات.
أهمية الوجود الرقمي في زمننا الحالي. المصدر: University world news
في بداياتها، لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي سوى منصات بسيطة للتواصل بين الأصدقاء ومشاركة لحظات الحياة كأعياد الميلاد وحفلات الزفاف والتخرج وغيرها. لكنها تطوّرت تدريجياً إلى فضاء افتراضي واسع يعج بالتعبير عن الآراء والمهن والفنون والفعاليات والتأثير والمنتجات والخدمات. على مرّ السنين وعبر مختلف المنصات، تحوّلت وسائل التواصل الاجتماعي إلى عنصر معقّد يجمع بين بناء الهوية الشخصية، والإعلان، وبناء المجتمعات، والمنابر الاجتماعية والسياسية، ومساحة للتعبير عن الذات – كل ذلك في آنٍ واحد. ويبدو أن السبب وراء هذا التحوّل يعود إلى الحضور المتزايد للشباب على هذه المنصات، والذي ساهم في إحداث تغييرات ملحوظة.
فعلى سبيل المثال، في الأيام الأولى لفيسبوك أو ماي سبيس، كان المستخدمون ينشرون تحديثاتهم في الغالب للبقاء على تواصل مع الأصدقاء والعائلة. أما اليوم، فقد أصبحت منصات مثل إنستغرام، لينكدإن، وتيك توك تشجّع الأفراد على تطوير وتسويق "علامتهم الشخصية". نحن نصنع هويتنا الرقمية بطريقة مدروسة: من الصور المنتقاة بعناية إلى المحتوى المتخصص في مجالات محددة. لقد أدّى صعود اقتصاد المؤثرين على إنستغرام وتيك توك، إلى جانب إمكانية تحقيق أرباح من خلال جذب الانتباه، إلى جعل بناء العلامة الشخصية أمراً ذا قيمة حقيقية. كما أن مؤشرات التفاعل الاجتماعي (الإعجابات، المشاركات، التعليقات) أصبحت حافزاً إضافياً لدى الكثيرين لتنسيق محتواهم بشكل مدروس.
وفي حين كانت الإعلانات في السابق نادرة وتشعر كأنها تقطع تجربة المستخدم، فقد طوّرت منصات التواصل استراتيجيات إعلانية أكثر اندماجاً، مثل الإعلانات المدمجة بسلاسة، ورعاية المؤثرين، والتوصيات الخوارزمية، مما جعل الخط الفاصل بين المحتوى التجاري والمحتوى العادي غير واضح. كل ذلك من خلال أدوات استهداف الإعلانات وميزات التسوّق المدمجة.
حتى في المجال السياسي، والذي كان في الغالب يدور خارج الفضاء الرقمي، تحوّلت هذه المنصات إلى ساحات للنقاش، والحركات الاحتجاجية، والتأثير السياسي. فحركات مثل #أنا_أيضًا (#MeToo) و#حياة_السود_مهمة (#BLM) ما كانت لتبلغ هذا التأثير الواسع لولا قوة وسائل التواصل الاجتماعي في نشرها وتوسيع نطاقها.
لا شك أن علاقتنا بوسائل التواصل الاجتماعي تشهد تحولاً جذرياً. فإننا كمستخدمين، أصبحنا أكثر وعياً ودهاء، لكننا في الوقت نفسه أكثر تشابكاً وارتباطاً بهذه المنصات. فوسائل التواصل لم تعد مجرّد أدوات، بل أصبحت تشكّل سلوكياتنا، معتقداتنا، عاداتنا الاستهلاكية، بل وهوياتنا الشخصية.
ويمكن إرجاع هذا التحوّل المستمر في طبيعة قنوات التواصل الاجتماعي إلى الأجيال الشابة – ولا سيما الجيل زد (Gen Z) والجيل ألفا (Gen Alpha). وكما هي العادة، استطاع الشباب إعادة تقييم هذه الوسائل وتحويلها إلى مساحة تعبّر عنهم بطريقتهم الخاصة. لقد أصبحت وسائل التواصل امتداداً لحياة الناس الشخصية، ونجحت، بطريقة ما، في عكس تفاصيلهم الدقيقة وتنوّعهم بشكل لافت.
أشكال مختلفة من المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي. المصدر: إنستقرام
على سبيل المثال، يُعد إنستغرام اليوم من أكثر منصات التواصل الاجتماعي تنوعاً واكتظاظاً بالمستخدمين، حيث يضم أكثر من 75 مليون مستخدم في إفريقيا وحدها. وعبر هذه المنصة، يشارك المستخدمون جوانب متعددة من حياتهم، بما في ذلك العمل، العلاقات، الأفكار، والمشاريع الإبداعية. وقد أصبح العديد من الشباب أكثر ارتياحاً في مشاركة تجاربهم وأفكارهم الصادقة عبر الإنترنت، أكثر من أي وقت مضى، وهو ما ساهم بشكل واضح في تشكيل مشهد وسائل التواصل الاجتماعي كما نراه اليوم.
ومن بين أكثر صفحات التعبير الشبابي أصالةً على وسائل التواصل في تنزانيا تبرز صفحة إنستغرام المعروفة باسم "قاموس تنزانيا". انطلقت هذه الصفحة في أغسطس 2021، في أعقاب جائحة كوفيد-19، وحققت شهرة واسعة منذ بداياتها عبر نشر تعريفات ساخرة لعبارات تنزانية شائعة. وقد لاقت هذه المنشورات تفاعلاً كبيراً من جمهور واسع وجد فيها روح الفكاهة والصدق، الأمر الذي دفع القائمين على الصفحة إلى توسيع المحتوى ليشمل الميمز، واقتراحات الأغاني، وأسئلة تفاعلية للمجتمع.
وكما كان متوقعاً، لاقت هذه المبادرات تفاعلاً كبيراً؛ إذ امتلأت التعليقات بقصص وتجارب مشابهة من المتابعين، بالإضافة إلى إشارة الأصدقاء لبعضهم البعض، ما ساعد في توسيع جمهور الصفحة بشكل ملحوظ.
لكن ربما أكثر ما ميّز هذه المنصة هو فقرة "الاعترافات" التي أطلقتها الصفحة. فعلى مدار عدة أسابيع، كانت تضع ملصق سؤال على قصص إنستغرام، تطلب فيه من المتابعين مشاركة تجربة مروا بها أو الإجابة على سؤال شخصي محرج أو عميق — مثل: "ما أغبى شيء فعلته من أجل الحب؟" أو "ما هي أعمق مخاوفك وأسرارك؟"، أو حتى عبارات عامة مثل "فضفض قليلاً". بعد ذلك، تقوم الصفحة بمشاركة بعض من هذه الردود مع باقي المتابعين.
منشورات من الصفحة على إنستغرام. المصدر: قاموس تنزانيا
باختصار، لم يعد الناس يخشون مشاركة ذواتهم الحقيقية على هذه المنصات. فقد استجاب مئات المستخدمين لفقرة الاعترافات بقصص وتجارب شخصية غير مفلترة، مهما بدت غريبة أو غير مألوفة. ومع مرور كل أسبوع، كانت الردود تزداد من أشخاص مرّوا بتجارب مشابهة أو حتى أكثر تطرفاً. من اللافت جداً كيف أصبح الناس مستعدّين للكشف عن تفاصيل دقيقة من حياتهم الشخصية عبر الإنترنت، ليجدوا في المقابل مجتمعاً يتفهّمهم، بل ويتعاطف معهم.
تُعد قصة قاموس تنزانيا مثالاً واضحاً على ما يمكن وصفه بإعادة تشكيل ثقافي. ما بدأ كتطبيق لمشاركة الصور، تحول الآن إلى مجتمع من العلاقات الشبابية الاجتماعية، يوفر مساحة ومجتمعاً للأشخاص للتعبير عن أنفسهم دون خوف من الأحكام. وخلال ثلاث سنوات فقط على إنستغرام، جمعت الصفحة أكثر من 50,000 متابع – وهو رقم مرشح للنمو بشكل كبير خلال السنوات القادمة.
ورغم أن هذا النوع من النمو السريع والثابت نادر على إنستغرام، لم تكن Tanzanian Dictionary الصفحة الوحيدة التي تواصلت مع التنزانيين بهذا الشكل الفريد. فقد نجح العديد من رواد الأعمال والمبدعين في تنسيق مساحات متخصصة على وسائل التواصل، جذبت أعداداً كبيرة من المتابعين، وأثّرت في فكر وسلوك الشباب التنزاني – وربما أكثر من أي وسيلة إعلامية تقليدية أخرى.
على سبيل المثال، يُعد متجر توبسي، قصة نجاح لافتة في عالم التجارة الإلكترونية، بفضل استثمارها الذكي لقوة وسائل التواصل الاجتماعي. أُسست في عام 2022 كعلامة تجارية إلكترونية للمجوهرات، وشاركت شغفها بالإكسسوارات الراقية وصناعة المحتوى عبر نشر أفكار لإطلالات المجوهرات ونصائح تنسيقية. ومع نمو المشروع تدريجياً، حافظت الصفحة على نشر محتوى تفاعلي يُشجع المتابعين على التصويت أو المشاركة في عروض حصرية، بالتوازي مع الترويج للمنتجات والعروض الخاصة.
بعض اللقطات من صفحة المتجر على الانستغرام. المصدر: توبسي ستور
ما كان في البداية استراتيجية بسيطة للتفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي، تحوّل بسرعة إلى المحرك الرئيسي لولاء العملاء. فقد استخدمت توبسي تعليقات ورسائل وملاحظات جمهورها لإلهام منتجاتها الجديدة. من مجموعات المجوهرات الكاملة، إلى العروض الحصرية والتصاميم الخاصة، استطاعت العلامة التجارية أن تتوسّع بسرعة في السوق. ومن خلال إنستغرام فقط، تمكنت من بناء قاعدة عملاء ضخمة وتأثير أكبر تجاوز 55,000 متابع.
وعندما أطلقت توبسي أول متجر فعلي في عام 2023، ازداد حضورها وسمعتها بفضل خدمة العملاء المتميزة ومعرفتها العميقة بمنتجاتها. وحتى اليوم، تُعد توبسي واحدة من أنجح المشاريع المملوكة لنساء في دار السلام، تنزانيا، ومع الأداء المتصاعد الذي أظهرته خلال السنوات الماضية، يبدو أن مستقبلها مشرق للغاية.
إن بناء علامة تجارية أو مشروع مبتكر على وسائل التواصل الاجتماعي شيء، لكن بناء علامة شخصية هو تحدٍّ من نوع آخر تمامًا – على الأقل كما يتضح من إحدى أسرع الشخصيات المؤثرة نمواً في عالم أسلوب الحياة في تنزانيا. فجمهور وسائل التواصل اليوم ينجذب أولاً وقبل كل شيء إلى الأشخاص أنفسهم. حيث أن وجود علاقات اجتماعية غير اجتماعية هو جوهر ظاهرة المؤثرين – حيث يتأثر الناس بقراراتهم بناءً على من يتابعونه.
وفي كل زاوية من العالم، لا يمكن التقليل من أهمية بناء علامة شخصية عبر الإنترنت. وقد جسّدت ذلك بأفضل صورة ريديمبا ويليام نسانزوجوانكو، المعروفة عبر الإنترنت باسم red_higo، وهي راوية قصص وصانعة محتوى من دار السلام. بدأت ريد رحلتها على وسائل التواصل مثل كثيرين غيرها، بمشاركة لمحات من حياتها، أسرتها، ومجال عملها. ومع تطوّر اهتماماتها، تطوّر محتواها أيضاً. تحدثت عن مشاركاتها مع منظمات محلية مثل Zola Tanzania والتحالف العالمي من أجل تحسين التغذية. وقد أثار محتواها إعجاب جمهورها على الفور، حيث اتسم بالصدق والحماس، مما جعل المتابعين يرتبطون بها مباشرة.
في عام 2020، قررت ريد أن تلتزم بنشر محتوى شخصي بشكل منتظم على إنستغرام. فبدأت تشارك حياتها المهنية، صداقاتها، أسفارها، إيمانها، لياقتها البدنية، وتطورها الشخصي. وخلال فترة الإغلاق في عام 2020، ازداد جمهورها بشكل ملحوظ، بفضل ابتسامتها الكبيرة وثقتها الواثقة. لقد كانت شخصية صادقة ومنعشة في فضاء مليء بالمؤثرين المثاليين المبالغ في صورتهم. وقد شعر متابعوها بأن منصتها مكان يجمع العقول المتشابهة.
وصفها جمهورها بعبارات مثل: "مصدر إلهام"، و"طاقة نابضة بالإيجابية"، و"المؤثرة التنزانية الوحيدة التي نتابعها". من الواضح أن شغف ريد يتجلّى في محتواها، ويجذب من يشاركونها نفس الرؤية. وهي بلا شك لا تهدف إلى خلق صورة مصطنعة، بل تشارك ببساطة ما يجعلها فريدة.
بعض اللقطات من صفحة ريد على الانستغرام. المصدر: red_higo
مع تزايد تأثير ريد، بدأت تجذب العديد من التعاونات المدفوعة مع منظمات وشركات مختلفة في تنزانيا، مثل Bean There Cafe، وRefix-It، وBurj Nails، وبنك CRDB، وسفارة هولندا. وعلى امتداد رحلتها، حافظت ريد على صدقها واتساقها، إذ لم تتعاون إلا في المشاريع التي تتوافق حقاً مع رسالتها وقيمها. ونتيجة لذلك، أصبحت وجهة موثوقة للمعلومات حول الأماكن، والفعاليات، والنصائح، كما تُعدّ صوتاً مؤثراً في مواضيع الإيجابية والتطوير الذاتي. لقد أنشأت ريد، بأسلوبها الخاص، زاوية من زوايا الإنترنت تجمع أفراداً متشابهين في الفكر، يدعمون بعضهم البعض ويسعون للنمو سوياً. وبكل بساطة، أصبح الناس، من خلال محتواها، يسعون لأن يكونوا نسخاً أفضل من أنفسهم.
تتجلّى قوة وسائل التواصل الاجتماعي في هذا العصر بشكل متزايد مع مرور كل يوم. فقد أصبح الناس قادرين على إنشاء مجتمعات والانضمام إليها، وبناء مشاريع من الصفر، وصقل رسائلهم وأهدافهم الشخصية عبر هذه المنصات. والواضح أن الشباب التنزاني لا يتواجد على الإنترنت لمجرد التواجد. بل يتواجدون بوعي وهدف. سواء عبر الفكاهة، أو الفن، أو الموضة، أو النشاط المجتمعي، فإن الطريقة التي يستخدم بها الشباب وسائل التواصل اليوم تعكس تحولاً أعمق في الطريقة التي يُعبرون بها عن أنفسهم وما يهمهم. لم يعد الأمر مجرد ظاهرة عابرة. بل هو إعادة تشكيل ثقافي حقيقية. ومع تطور التكنولوجيا المستمر، وظهور ميزات مبتكرة مثل الذكاء الاصطناعي، تستعد وسائل التواصل الاجتماعي لموجة جديدة من التحوّل.
ما يتضح من كل هذه القصص، من صفحات الميمز الساخرة إلى العلامات الشخصية المؤثرة، هو أن الشباب التنزاني لا يكتفون باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بل يبتكرون من خلالها. لقد أصبحت هذه المنصات نقطة انطلاق للأعمال التجارية، وسِجلاً رقمياً للمبدعين، ومذكرات للرواة، وسوقاً للأفكار. لكن مع هذه الفرص الجديدة، تأتي أيضاً تحديات نفسية وعاطفية. يعاني الكثير من صنّاع المحتوى من الإرهاق، والضغط المستمر للمشاركة، والتدقيق العلني الذي قد يؤثر على صحتهم النفسية. ومع ذلك، فإن الروابط التي تنشأ عبر الإنترنت، سواء من خلال القصص، أو الفكاهة، أو لحظات الصدق والضعف، تذكرنا بأن الناس يبحثون عن مساحات يُرَون فيها، ويُسمعون، ويُفهَمون.
في نهاية المطاف، لم تعد الحياة الرقمية منفصلة عن الواقع. فمع استمرار الشباب في إعادة تعريف الثقافة عبر شاشاتهم، فهم في ذات الوقت يُشكّلون ملامح المستقبل — مستقبل أكثر تعبيراً، واتصالاً، ووعياً بالذات من أي وقت مضى. وهذا ليس مجرد توجّه مؤقت. بل هو إعادة ضبط ثقافية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.