هذا المقال متوفر أيضاُ باللغة English

عاملة صحية تعتني بامرأة وطفلها في مركز تطعيم في السودان. المصدر: يونيسف السودان/ 2020/عبد الكريم


كما لو كان مشهدًا من فيلم تيتانيك الشهير، في أوقات الأزمات يتم إجلاء الأطفال والنساء وكبار السن ولم تكن جائحة كورونا مختلفة. عندما انطلقت نافذة التطعيم في السودان ودول أخرى في جميع أنحاء العالم، كان حصول النساء المبكر على اللقاح يحظى بأولوية عالية من قبل السلطات لكن هذا لم يضمن ارتفاع نسبة الإقبال وتناول اللقاح.


توضح الإحصاءات أنه على الرغم من أن اللقاحات أصبحت متاحة الآن أكثر مما كانت عليه في بداية جائحة كورونا، إلا أن احتمالية تناوله من قبل النساء لا تزال أقل. في هذه المقالة نناقش الفجوة بين الجنسين من حيث صلتها بمعدل التطعيم، وكيف يمكننا مساعدة مساواة المقاييس في هذا القسم.


التردد مقابل الممانعة؟ معركة المرادفات؟

قد يبدو التردد والإحجام أنهم نفس الشيء على كل حال يضعهم القاموس في فئة واحدة كمرادفات ولكن عند النظر إليهم من منظور علمي من المهم الإشارة إلى متى تمانع النساء الحصول على اللقاح، ومتى يكون مجرد تردد.


التمييز ضروري لأنه يظهر النية المتأصلة، فعند التردد يكون هناك قناعة سواء كانت تتعلق بصلاحية اللقاح نفسه أو بضرورة حماية نفسك من خلال اللقاح، والممانعة تعني عكس ذلك ولكن عند مقارنة التقارير والإحصائيات المختلفة من الواضح أن معظم النساء يترددن أكثر من كونهن ممانعات، الأمر الذي يختزل المشكلة في نقص المعرفة فيما يتعلق باللقاح حتى لو كان هناك قناعة تجاهه.


وفقًا لمركز دراسات النوع الإجتماعي بجامعة ستانفورد فإن النساء أكثر عرضة للتعبير عن الرغبة في تأخير أو رفض لقاح كوفيد 19 أكثر من الرجال، وهو ما يتوافق مع الأدبيات الموجودة حول التردد في اللقاح. كما أن النساء أكثر عرضة من الرجال للإشارة إلى "أن اللقاح كان جديدًا للغاية وأنهن يخشين الآثار الجانبية وأن لهن موانع طبية للقاح. من المرجح بشكل متساوٍ أن يقول الرجال والنساء أن معتقداتهم الفلسفية أو الدينية تحظر التطعيم."


يعتبر هذا الأمر مؤثرًا بشكل خاص نظرًا لحقيقة أن الغالبية العظمى من العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين كانوا أول المستجيبين للوباء كانوا بالفعل من النساء- خاصة في السودان. ومن الجدير بالذكر أيضًا أن العاملين الصحيين الأصغر سنًا هم أقل اقبالاً على التطعيم لأنهم يعتقدون أن اللقاح تمت الموافقة عليه بسرعة كبيرة جدًا، على الرغم من أنه تمت الموافقة عليه فقط لأنه ينتمي إلى عائلة من الفيروسات التي يمتلك العلم بالفعل معلومات وفيرة عنها.


 أوضحت الدكتورة زينب النوش (وهي ممارس صحي في السودان) خلال مقابلة حديثة مع أندريا أن بعض المهنيين الطبيين يرفضون تلقي التطعيم في السودان.

تضيف دكتورة زينب: "يجب على المرء أن يستمع إلى المهنيين الطبيين لأنهم يعرفون ما يتحدثون عنه. ومع ذلك حتى إذا تمت الموافقة على اللقاح مبكرًا فذلك قد يثير الدهشة، و لكنه فقط بسبب وجود بيانات تم تطويرهذا اللقاح بشكل مناسب باستخدام أبحاث من فيروسات سابقة تشبه فيروس كورونا، إن نقص المعلومات حول أصل كوفيد 19 هو ما يسبب هذا الإلتباس".


د. زينب النوش خلال مقابلة مع مجلة اندريا. المصدر: مجلة أندريا


سيدة العائلة ماذا لو تم تطعيم الأطفال؟

هناك دراسة متضاربة من أخبار قيصر الصحية تطرح الإختلاف وتقول إن النساء أكثر بحثاً عن اللقاح لأن النساء يعتبرن أكثر استباقية عندما يتعلق الأمر بصحتهن وصحة عائلاتهن. عامل آخر مهم هو أن لقاح كوفيد 19 تمت الموافقة عليه مؤخرًا فقط للأطفال. كما تملي الأدوار التقليدية للجنسين في السودان فإن النساء هن القائمات الأساسيات على أسرهن مما يعني أنهن لن يأخذن اللقاح ما لم يتم تطعيم أطفالهن لأنهن أعطين الأولوية لحماية الأطفال على أنفسهن.


متطوعون يقدمون إحاطات عن كوفيد 19 إلى جانب الكمامات والقفازات ومنتجات التعقيم. المصدر: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي – السودان


رأي مخالف آخر بشأن الفجوة بين الجنسين يأتي من ورقة بحثية نشرت عام 2022 حول الإختلافات بين الجنسين في نية التطعيم ضد كوفيد 19، نُشرت على رابط سبرينقر تناقش المقالة القيود الرئيسية التي تواجه عملية سد الفجوة بين الجنسين. كما أفادوا: "ارتباط كبير بالتردد في تلقي لقاح كوفيد 19 وكونك أنثى فقط بالنسبة للعاملين الرئيسيين (بشكل أساسي الأفراد العاملون في مناصب في مجالات الرعاية الصحية والتعليم ورعاية الأطفال أو المناصب الحاسمة لتوفير الغذاء والضروريات والمرافق". ومع ذلك يجب عدم تصديق هذه الورقة تمامًا لأنها لا تشمل بعض المجموعات الفرعية مثل مختلف الفئات العمرية والمستوى التعليمي.


هناك طريق للمضي قدمًا ولكننا بحاجة إلى العمل عليه.

في السودان لا توجد بيانات منفصلة متاحة فيما يتعلق بالفجوة بين الجنسين في التطعيم حيث تتجه البلد نحو تغطية الفئات المؤهلة. من السابق لأوانه تحديد ما إذا كانت لدينا بالفعل بيانات كافية لدعم إحصاءات التفاوت بين الجنسين، مع الملاحظة الواضحة من المواطنين الذين يزورون مراكز التطعيم يتضح أن المزيد من الرجال يحضرون للتطعيم مع بقاء النساء في المنزل مع أطفالهن، على عكس حملات تطعيم الأطفال التي يكون معظم الحضور فيها من النساء.


سبب آخر لعدم الاكتراث هو أن العديد من الآباء في البلاد يخشون أن يعبث اللقاح بهرمونات المرأة لذلك يطلبون من بناتهم عدم تلقي التطعيم. لا يختلف لقاح كوفيد 19 وعلى الرغم من وجود الهرمونات في الجنسين إلا أنه تتم مناقشتها بالتفصيل عندما يتعلق الأمر بالنساء لأنهن من لهن آثار صحية أكبر على صحتهن الإنجابية. في هذا الفيديو حاولنا تسليط الضوء على صحة الرجل الإنجابية والهرمونات.


صورة ممرضة سودانية في مركز العزل. المصدر: مجلة أنداريا

خاتمة


تتمثل إحدى طرق حل هذه المشكلة في تعزيز الوعي بأهمية أخذ القائمين على الرعاية الأولية لللقاح لأنهم لا يستطيعون رعاية أسرهم ما لم يعتنوا بأنفسهم أولاً. النساء في ذروة خصوبتهن أكثر عرضة للخوف من أخذ اللقاح لأنهن يقلقن من أنه سيؤثر على صحتهن الإنجابية لذلك هناك حاجة إلى مزيد من الجهود لمعالجة هذه الشائعات الضارة.


عارض الدكتور مينا نبيل هذا الإدعاء في لقاء مع أندريا، مؤكداً أن "نقص التطعيم من شأنه أن يلحق ضرراً بصحة المرأة أكثر بكثير مما يمكن أن يلحقه اللقاح". الحل المهم الآخر هو أن تكون مراكز التطعيم مجهزة بمساحات آمنة للأطفال ليبقوا فيها بينما تأخذ أمهاتهم اللقاح.


أخيرًا، فإن الجهود المبذولة لسد الفجوة بين الجنسين سواء كان الأمر يتعلق بمعدلات التطعيم أو أي فجوة أخرى هي مسؤولية اجتماعية نحتاج جميعًا للمشاركة فيها حيث يقع ازدهار المجتمع بأكمله على أكتافنا جميعاً.


نبراس عبد الباسط

محامية شركات متخصصة في التنظيم المالي ومناصرة لإصلاح السياسات توصل بين الأطراف المفككة وتربط النقاط في كل قصة تتصفحها. من هواة الموسيقى والسينما وقارئة نهمة للفلسفة والتاريخ والسياسة.