هذا المقال متوفر أيضاُ باللغة English



فن-كيننا هي كلمة صومالية تعني "فنوننا" حيث تعكس الدافع لغرز وإبراز الهوية الإبداعية بطابع صومالي. الاسم مختار بواسطة فنانين محليين من أجل مساحة خُصصت للشباب وتهدف إلى توفير الفرص لإثراء المحتوى الإبداعي للفنانين المحليين. بدأت كفكرة في عام 2020 في هاريجسا - صوماليلاند ولكن الإنطلاقة الفعلية كانت في عام 2023 .


المشهد الفني في أرض الصومال

المجتمع الصومالي بشكل عام هو مجتمع شفوي يعتمد على النقل السردي للموروث الثقافي وللتاريخ، مما أدى للإعتماد على السرد الشفوي كطريقة للتعبير في شتى المجالات حيث يعتبر الشعر هو الطريقة المثلى للتعبير. مع مرور الزمن وتطور أشكال وطرق التعبير في المجتمعات الصومالية لم تلقى طرق التعبير الأخرى رواجاً. يحاول الجيل الجديد أن يخلق أساليب جديدة خاصة به للحفاظ على الموروث الثقافي بطرق تعبير متعددة.


في حديثنا مع مصطفى سعيد، أحد مؤسسين فن-كيننا ومصور فوتوغرافي وفنان تشكيلي، عن سبب تأسيس المساحة وأهدافها يقول: "لكل مجتمع طريقته الخاصة لإبراز هويته، ولكن تنعدم المساحات الفنية التي تجمع أصحاب الفنون المختلفة في الثقافة الصومالية ويقتصر الدعم الفني على وجه واحد تقريباً من أنواع الفنون، حيث يعتمدون بصورة شبه كلية على الغناء كمورث ثقافي وفني يلقى رواج وقبول من عامة الناس> مما أدى إلى إهمال باقي الأوجه كالرسم والتصوير وغيرها". ثم أضاف أنهم اتجهوا إلى إنشاء بيئة داعمة توفر التوجيه والإرشاد والدعم لكل أنواع الفنون عن طريق توفير دورات تدريبية وإنشاء معارض فنية ومساحات مفتوحة للعمل الفني متاحة على مدار الاسبوع.



أحد المشاركين الذين حضروا دورات تدريبية فنية وتنسيق معارض فنية ومناقشات مفتوحة نظمتها فن-كيننا. المصدر: فن-كيننا


فن-كيننا أُنشئت لتكون مصدر إلهام وتحفيز ودعم للفنانين المحليين ومساعدتهم لتخطي العقبات وتوفير الفرص للنمو في بيئة مناسبة والتركيز على الحفاظ على الهوية الصومالية وإخراجها بطرق عصرية تليق بذائقة المجتمع الصومالي.



حضور متحمسون أبدوا إعجابهم بالأعمال الفنية خلال المعرض الأول للمصور عبد الرحيم الراشد والذي كان في نفس وقت الافتتاح الرسمي للمكان.

المعرض الإفتتاحي للـهانجول Hangool


الهانجول أداة تقليدية كانت تستخدم من قبل البدو الصوماليين، ولها إستخدامات عديدة من ضمنها الحماية من السباع. وترمز أيضاً إلى الإستقرار كما أنها تمثل فراسة الشعب الصومالي ووسع حيلته ومرونته، وقد كانت ولا زالت جزءاً من الثقاقة والهوية الصومالية. في هذا المعرض - الذي كان الإنطلاقة الفعلية للمساحة - طُلب من عدة فنانين استخدام الهانجول بطريقتهم لإخراج عمل فني مميز بهوية صومالية، في محاولة لإبراز أداة تستخدم بشكل يومي إلى عمل فني.


عدد من الأعمال التي عرضت في المعرض الإفتتاحي: 


بعض الأعمال الفنية التي يعرضها المصمم المعماري مصطفى ياسين. المصدر: فن-كيننا


يقول مصطفى ياسين، وهو مصمم معماري وفنان بصري، عن مشاركته في المعرض الإفتتاحي "كانت فكرتي هي الجمع بين الهانجول الصومالي التقليدي الثقافي والطبيعة التي تنبض بالحياة مع مشاعر لطيفة من الفرح المتناغم والمتعة للهانغول التقليدي الأنيق. أحب أن أنقل الأفكار دون أن أرسمها بشكل مباشر، وأدمجها مع لوحات الحياة الساكنة والواقعية والفنون الحديثة والمعاصرة"



أعمال فنية بلاستيكية للفنانة شيماء ماعد. المصدر: فن-كيننا


تنوع الفن

تقول شيماء ماعد، وهي فنانة تشكيلية وبصرية، عن مساهمتها في المعرض الإفتتاحي "لجعل الإنتقال إلى الصفحة الجديدة سلس كتساقط أوراق الشجر. نظراً لأن حياتنا أصبحت أكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية ذلك جعلنا نستغني عن إرثنا. يجب علينا دائماً الحفاظ عليه ومحاولة دمجه في أسلوب الحياة الحديثة."


إحدى الصور التي عرضها الصوفي المعاصر حمزة صولب. المصدر: فن-كيننا


يقول حمزة صولب (الصوفي المعاصر)، وهو راوي قصص ومصور فتوغرافي، عن هذه الصورة التي شارك بها أنها "تصف الحاجة للخروج وإيجاد طريقتك الخاصة للتعبير عن ذاتك، وهو مايعانيه الجيل الجديد في محاولة للحفاظ على تاريخهم مع التوافق مع متطلبات حياتهم المعاصرة بغض النظر عن مدى صعوبة ذلك".


إحدى القطع الفوتوغرافية التي تم عرضها. المصدر: فن-كيننا


يقول عبد الرحمن رشيد، وهو مصور فوتوغرافي،عن مساهمته في المعرض "بدأت كهواية وتحولت إلى شغف. كل ثقافة لها عناصرها وأدواتها الخاصة والهانجول أحد الأدوات المميزة في ثقافتنا وتستخدم بطرق مختلفة في الحياة اليومية القديمة والحديثة فلابد من المحافظة عليها كموروث شعبي وثقافي يرمز لهويتنا."


 

خاتمة

كانت هذه بعض من الأعمال المشاركة في المعرض الإفتتاحي، حيث كانت ردود الأفعال جيدة من قبل الزوار والمشاركين على حد سواء و كانت بمثابة حافز قوي للإستمرار وتشجيع الفنانين المحليين لتطوير مهاراتهم والإرتقاء بفنهم مع الحفاظ على هويتهم والتعبير عنها بما يناسبهم.


تجربة جديدة وفريدة من نوعها تعطي مساحة للكل للتعبير بشتى الوسائل وتحويلها من هواية جانبية إلى مسار مهني واحترافي. مثل هذه الأنشطة و المساحات تساعد على عكس الصورة الحقيقية لأرض الصومال ولشبه الجزيرة الصومالية والمنطقة بشكل عام. يؤمن رواد فن-كيننا بأنه يمكن استخدام التعبير الإبداعي لتشجيع الحوار الهادف والتعاون لخلق مجتمع صحي أكثر شمولاً وإزدهاراً.


عبد الفتاح عوض

عبد الفتاح صومالي متخصص في المختبرات الطبية ومتطوع في المجال الصحي، يبث شغفه بالايجابية. خلف المجهر، يستخدم قلمه كساحر المحتوى، يسحر القراء الذين عبر حكايات تتحدى الصور النمطية عن المنطقة.