هذا المقال متوفر أيضاُ باللغة English

هل يمكن أن نتحدث عن مدى روعة أفريقيا؟! حقاً، ربما تكون، إن لم تكن بالتأكيد، أكثر قارة لا تنال قيمتها الحقيقية. دعونا نأخذ دقيقة أو إثنين لتقدير مدى روعة هذا الجزء من العالم بكل معنى الكلمة!


بدايةً، لم أعد أشعر بالخجل من الإعتراف بأنني كنت واحدة من هؤلاء الأفارقة الذين عانوا من العبودية العقلية وعدم الرضا بأي شيء أفريقي لأنني اعتقدت أن أشياء "البِيض" والأشياء غير الأفريقية بشكل عام أفضل بكثير من التي لدينا. اعتقدتُ أنه مهما كان هذا الشيء، فلا يهم، سيكون دائمًا سيئًا إذا كان أفريقيًا وعالي الجودة إذا كان عكس ذلك، وتحديدًا أوروبيًا أو أمريكيًا شماليًا. أقول إنني لا أخجل من الإعتراف بأنني كنتُ هكذا من قبل لأنني الآن خرجتُ من تلك العقلية المتخلفة الفظيعة وأنا فخورة بنفسي، الحمد لله.


وبكل صدق، إعتمد على أفريقيا لتظهر لك التنوع الحصري المثير للإعجاب في كل جانب يمكن تخيله. وخير مثال على ذلك هو الألفي لغة التي تمتلكها أفريقيا عبر بلدانها. نيجيريا وحدها لديها خمسمائة لهجة مختلفة.


شلالات سيبي في كابشوروا، شرق أوغندا. المصدر: Wild Travel Safaris and Adventures


ثم ننتقل إلى آلاف وآلاف الثقافات المتنوعة في جميع المناطق الأفريقية حيث أن اللغة تربطنا بهذا حتماً. ووجود مختلف تدرجات السحنات من الأسود والأبيض والأحمر. يبدو الأمر كما لو أن أفريقيا تضم ​​أناسًا من جميع أنحاء العالم.


إذا بدأت حتى بالحديث عن الأكلات المرتبطة بالثقافات الأفريقية المختلفة، وكيفية تحضيرها وكيف أنها كاملة وغنية بالطعم وعن أهميتها، فأنا وأنت نعرف أننا لن ننتهي. ثم تأتي الأسماء...يا إلهي، لم يتحدث أحد عن جمال الأسماء الأفريقية الأصلية بما فيه الكفاية حتى الآن.


مثال للحب المكتشف حديثاً


ربما بدأت رحلتي للوقوع في حب أفريقيا دون أن ألاحظ ذلك، مثل الكثير من الأشياء المدهشة في حياتي. عندما كنتُ طفلة، كنت أحث إخوتي في المنزل على التحدث بالكوبسابيني، وهي لغتي الأولى، بدلاً من اللغة الإنجليزية. كانت إحدى خالاتي تصفق لي عندما أفعل ذلك، ورأيت أن هذا أقل ما يمكنني فعله للتعبير عن أفريقيتي.


وبعد مرور عدة سنوات، قرأت لي أختي مقالًا جميلاً في مجلة أوغندية عن تقدير الأفارقة لأسمائنا الأصلية، وأفضل ما في الأمر أن كاتبه كان والدي (فقط لإظهار أن حبنا للكتابة وأفريقيا تسري في دمائنا). لقد أوضح لي ذلك الكثير حقًا لأن والدي كان يناديني دائمًا باسمي من لغة كوبسابيني؛ حيث كان الجميع في الغالب ينادونني باسمي العربي، وأتذكر أنني طلبت منه أن يناديني "مريم" لكنه أصر بكل فخر على مناداتي "شيروتيتش".



السباي، المعروفون أيضًا باسم السابيني، هم مجموعة عرقية نيلية جنوبية تتواجد في بلدان مختلفة في شرق إفريقيا. المصدر: My Uganda


لم أكن أعرف السبب حقًا، وبصراحة اعتقدت بشكل غير ناضج "إن أبي أفريقي الطباع للغاية"، ياللعجب، حسنًا، الآن أشعر بالخجل نوعًا ما من الإعتراف بأنني "لم أكن واقعة بحب" أفريقيا من قبل. في المدرسة، كانت القصة مختلفة، حيث كان الكثير من الناس يدعونني باسمي الآخر بلغة "الكوبسابيني"، وبصراحة، كنت أكره ذلك. صدقني، أنا أشعر بالخجل الشديد من الإعتراف بذلك. على أي حال، كنت أكره أن يطلق عليّ زملائي ومعلميني اسم "ساتيا" في المدرسة لأنني اعتقدت أن ثقافتي واسمي الكوسابيني كانا محرجين. أردت أن ينادونني الناس باسمي العربي لأنني فكرت "أوه إنه أجمل ويوفر علي الكثير من العار". بالحديث عن العبودية العقلية، هل أنا على حق؟


تنعم أفريقيا بالأغذية العضوية


عندما يتعلق الأمر بالطعام، اسمحوا لي أن أشارككم مدى فخري بأفريقيا. تشتهر مناطق متفرقة من القارة بأطباق مختلفة. ومن المثير للإهتمام أن العديد من الأفارقة يحاولون جاهدين أن يكونوا مثل الآخرين بينما في الوقت نفسه، يستمتع هؤلاء بجدية بالأطباق الأفريقية في برامج الطبخ المتعددة.


لاحظ كيف أن أرز الجولوف معروف بمنشأه من غانا، ولكنه أصبح أيضاً معروفاً في غرب أفريقيا. في بلدي أوغندا، تشتهر القبائل المختلفة بأغذيتها الأساسية ووجباتها المختلفة. بعض أجزاء من البلاد تفتخر بأن الماتوكي هو طعامها الرئيسي، والبعض الآخر يحتوي على الماليوا و الدخن، والبوشو، والبطاطا الحلوة، والإشبوا، والكاسافا، والقمح على سبيل المثال لا الحصر.


يعتبر الفوفو الذي نشأ من غانا أحد أفضل الأطباق الأفريقية في جميع أنحاء العالم. المصدر: Low Carb Africa


مقدسة بالتنوع في اللغة


إن نعم الله على أفريقيا لا تعد ولا تحصى. حيث تنعم القارة بأكثر من 3000 لغة مختلفة ومتنوعة، في حين أن أوغندا وحدها لديها ما يصل إلى 70 لغة. كما ذكرتُ سابقًا، كان التحدث بلغة الكوبسابيني وسيظل دائمًا وسيلة بالنسبة لي للبقاء مخلصةً لجذوري. قد لا يكون لساني طلق فيها ولكني بالتأكيد أحترم حقيقة أنني أبذل قصارى جهدي للتحدث بها قدر الإمكان كلما أمكنني ذلك. وينطبق نفس الإحترام على أي أفريقي يرفض التحدث باللهجات الإستعمارية ويختار التواصل باللغة الأفريقية. إن حبي عميق لهؤلاء الأشخاص وخاصة للغات الأفريقية.


أعرف بعض المسلسلات والعروض الأوغندية حيث يختار الممثلون على الشاشة التمثيل و التحدث باللغة الإنجليزية، زاعمين بشكل غير مباشر أن الأثرياء والمتطورين يتحدثون "أولوزونغو" والفقراء والمتخلفين يتحدثون اللوغندية أو أي لغة أفريقية أخرى. متى وصلنا إلى حد التقليل والإنتقاص من جمال اللغات الأفريقية ومن مدى ثرائها وعمق طابعها؟


بصراحة، هذا هو بالضبط السبب الذي يجعلني أشعر بالكثير من الحب والإحترام والإعجاب بأي إعلام أفريقي يتم عرضه وتمثيله بلغة أفريقية أصلية، سواء كان ذلك باللغة السواحيلية أو اللوغندية أو الكينيارواندا أو الزولو أو الخوسا أو الإيغبو أو الشيشيوا أو تونغا لأنه بمعنى آخر إنهم يرفضون الإمتثال للمستعمر ويقدرون جمال لهجاتهم الأفريقية. في الواقع، بغض النظر عن ذلك، كنت أقصد أي شيء يتم تصويره في وسائل الإعلام حول العالم، سواء كان ذلك في آسيا أو أمريكا الجنوبية لأن هؤلاء الناس يعرفون كيف لا يستسلمون للإستعمار.


م كاباكا موانجا ملك بوغندا (يمين) آخر الملوك المستقلين لمملكة بوغندا الأفريقية. على اليسار ممثل أوغندي حالي يصور كاباكا موانجا في فيلم أوغندي. المصدر: ويكيبيديا


اخترت أن أتحدث عن الأسماء واللغات والطعام فيما يتعلق بالوطنية الأفريقية لأنها مفهوم يومي كجزء من الحياة. على الرغم من أنني إذا صادفت شخصًا أوروبيًا يُدعى شيلانجات أو كاتريجا أو كويموي أو عربيًا يُدعى موغابي أو سيكاتاوا أو كارونجي، فمن المحتمل أن أغير أسلوب حياتي بالكامل وأترك ​​كل شيء خلفي لأقوم بكل ما يطلبونه مني. هل ترى ماذا أعني بهذا؟


لقد وضعتُ الكثير على المحك إذا حدث مثل هذا الحادث على الإطلاق لأن هناك احتمالات كبيرة بأنه لا يمكن أن يحدث أبدًا. ما أريد قوله هو أن الأوروبيين (وخاصة الإنجليز) والعرب صادقون مع ثقافتهم وجذورهم بأسمائهم بالإضافة إلى لغاتهم، ثم هناك نحن الأفارقة، الذين يهرج معظمنا ويهربون من جذورنا ويفكرون "إيبيا بازونغو" (الأشياء الخاصة بالبيض) أفضل وأكثر تطوراً من الأشياء الخاصة بأجدادنا والأفارقة.


مركز السياحة المعطاة من الله


قبل أن نختم، لن أنسى أن أذكر أن أفريقيا هي موطن لمجموعة واسعة من بعض المواقع السياحية الأكثر روعة في هذا العالم والتي سيعيش سكانها لرؤيتها. دعونا لا نتظاهر وكأننا لا نرى أهرامات مصر المذهلة التي بناها الأفارقة الثوريون القدماء، أو شلالات فيكتوريا المذهلة التي تقع على الحدود بين زامبيا وزيمبابوي، والتي تعد واحدة من أكبر الشلالات في العالم.


شلالات فيكتوريا الرائعة في جنوب أفريقيا ليست سوى واحدة من المواقع السياحية العديدة في أفريقيا. المصدر: Four Seasons


وبينما يتظاهر العالم بالنظر إلى أفريقيا على أنها عادية، فإننا نعلم أنه لا يسعهم إلا الثناء على هذا الإبداع بسبب ميزاتها المذهلة التي أهدانا الله اياها مثل جبل الطاولة في كيب تاون بجنوب أفريقيا والمياه الزرقاء الرائعة في زنجبار. هل ترغب في الإستمرار بقراءة هذا المقال طوال اليوم وأنا أذكر كل محمية طبيعية تحافظ على ازدهار قطاع السياحة لدينا؟


بصراحة، هناك الكثير من الأشياء التي ستجعلك تقع في حب أفريقيا، وإذا أردت أن أذكر كل واحدة منها في هذا المقال، فلن ترى النهاية أبدًا. قم باستكشاف جذورك واستمتع بالجمال الهائل الذي توفره أفريقيا. الآن اعذروني بينما أذهب لأستمتع بطبق سابيني وأنا أستمتع بمدى كثافة وثراء الثقافة الأفريقية في جميع السياقات.


شيروتيتش مريم ساتيا

شيروتيتش هي ناشطة نسوية مسلمة شغوفة وصانعة محتوى تحب السفر واستكشاف العالم من خلال أساليب كتابتها المختلفة. نظرًا لكونها شخصًا يحب الناس، فهي تحب مقابلة أشخاص جدد ومشاركة الخبرات عبر جميع الثقافات. كتبت شيروتيتش لدور الإعلام المشهورة في أوغندا وتسعى حاليًا للحصول على درجة البكالوريوس في الإتصال الجماهيري. تستمتع بالكتابة عن المرأة، ورفاهية الإنسان، والفنون والثقافة، والسفر، وكل ما يسمح لها بالتعبير عن نفسها بالكلمات.