المصدر: مانكول
ذات مرة كان هناك شاب لديه حب عميق للموسيقى ومفتون بالموسيقى الغربية الأجنبية التي يسمعها في الراديو. سأل نفسه "لماذا هذه التسجيلات غير متاحة للشراء في إثيوبيا؟" لذا أخذ على عاتقه استيرادها. كان اسم ذلك الشاب أمها إشيتيه. وبهذا ولد متجر هارامبي، حيث كان أول متجر للموسيقى في إثيوبيا ولاحقًا ظهرت منه أول شركة تسجيل "امها للتسجيلات". الباقي من التاريخ; حيث كان هذا الرجل رائدًا في العصر الموسيقي الإثيوبي بدءًا من الخمسينيات (في التقويم الإثيوبي) وهو عقد الستينيات في التقويم الغريغوري. من خلاله، تمكنا حتى الآن من الاستماع إلى الفنانين الإثيوبيين الأسطوريين وأعمالهم الأسطورية، رغم تذبذبها.
في أواخر الستينيات، كانت الحياة الليلية في إثيوبيا تضج بالحياة، وكان الناس يخرجون للاستمتاع طوال أيام الأسبوع. ظهر فنانون مثل محمود أحمد ، وأليمايهو إشيته، وجيرما بينيه، وجيتاشيو كاسا وغيرهم الكثير من الذين عُرفوا لعيون وآذان الجمهور.
توفي أمها إشيته في 30 أبريل 2021 عن عمر يناهز 74 عامًا.
من الضروري السير في ممرات الذاكرة للتعرف على جواهر تلك الحقبة لمعرفة كف وصلنا إلى ما وصلنا إليه ألان، لتكريم إشيتيه الذي إحتفل بالموسيقى من خلال دعم الصناعة بعدة طرق.
جيرما بينيه (1974- حتى الآن):
المصدر: RFI
شخصياً أود أن أقول إن هذا الرجل هو أحد أكثر الفنانين الذين تم التقليل من شأنهم في صناعة الموسيقى الإثيوبية. حيث أنه ليس فقط مطربًا وكاتب أغاني وعازف بيانو بل هو أيضًا مؤلف موسيقي لأكثر من 60 عملاً (مكتملة من السبعينيات وحتى مغادرته إثيوبيا في أوائل الثمانينيات). حيث انخرط جيرما بينيه في صناعة الموسيقى بإقناع من أمها إشيتيه. معظم أغانيه مبنية ومخصصة لصديقته و توأم روحه حينها، و منها "ليس لديك عيوب" و"روز" و "إنها ليست بجمالك" و"أنتي واثقة من نفسك ". بعد وفاة رفيق دربه وروحه، تراجع قليلاً عن الأضواء حتى أقنعه فرانسيس فالسيتو (المنتج الفرنسي) بعد ثلاثة عقود تقريبًا بإعادة إنتاج ألبومه بأجواء موسيقى الروك أند رول المنعشة التي لا تزال غير تقليدية، جنبًا إلى جنب مع وجود الآلات الموسيقية التقليدية الإثيوبية جوهرياً بترتيب من فرقة أكالي ووبي. حيث كان الإنتاج بعنوان "إثيوبيكس 30: أخطاء مقصودة". يتضمن الألبوم 13 مقطعًا صوتيًا منها أغنية مخصصة لأمها إشيتيه بعنوان "من أجل أمها". حتى بعد إصدار ألبومه في عام 2017 نادرًا ما كان يظهر ويقدم عروضًا.
غيتاشيو كاسا (1950- حتى الآن):
المصدر: بينترست
كان كاسا أحد الفنانين الذين اشتهروا في السبعينيات لأسلوبه الفريد وحركاته الحيوية التي يفعلها بيديه وقدميه حيث لا يفوت أي إيقاع. كان يعيش في الولايات المتحدة لمدة 28 عامًا، ومع ذلك بقيت جنسيته الإثيوبية كما هي بسبب وطنيته. لم يوافق والد غيتاشيو (تسيجاي) على أن يصبح مغنيًا وطلب منه ألا يحمل اسمه. بحزن وافق غيتاشيو وأصبح اسمه الأخير كاسا الذي كان اسم والد صديقته آنذاك. يشتهر بأغانيه التي تبعث الحنين والمعروفة باسم " TIZITA" أو "الحنين". سوف تأخذك أغانيه إلى حارة الذاكرة وترجعك يده المعبرة التي تهتز جنبًا إلى جنب مع الإيقاع. أغاني مثل "أحبك ، أديس أبابا ، دعني آخذك يوماً ما" جميعها لها جانب يمكن لأي شخص الارتباط بها. لا يحب غيتاشيو الاستعجال في أعماله؛ حيث كان يحب أن يأخذ وقته ليكون منسجمًا معهم بشكل معقد. قال ذات مرة إن الأمر استغرق منه 4 سنوات كاملة لإكمال لحن إحدى أغانيه. حصلت إحدى أغانيه بعنوان "لن أحزن" على مكانة مشرفة في قائمة أفضل 16 خيارًا موسيقيًا لبوب ديلان الحائز على جائزة نوبل للآداب. في عام 2012 جاء من أمريكا واستقر في وطنه حيث كان لديه حفلة موسيقية كبيرة بعد وصوله، و لكن وبعد ذلك لم تتم رؤيته كثيرًا.
"ملك الأزمري"
غاش باهرو كاجني (1929-2000)
المصدر: سجلات تيرب، غاش باهرو كاجني و ماريتو ليقيسيه
غاش هي كلمة أمهرية تستخدم كدليل على احترام كبار السن.
قبل فترة طويلة من نشأة الموسيقى الإثيوبية الحديثة، سيطرت موسيقى الأزمري على المشهد الموسيقي التقليدي "للنوادي الليلية". حيث كان مغني الأزمري صوت المجتمع. كان يحمل معظم الأوقات آلة ماسينكو (آلة تقليدية مكونة من وتر واحد مصنوعة من جلد الماعز) ويسلي الجمهور يإيقاعاته المضحكة لكنها صادقة بقسوة. في بعض الأحيان إيقاعاته تمتدح الحشد وبعض الأحيان تستفزه؛ حيث كان من المعروف أنها تثير حماس الحشد. يدهشني دائمًا كيف يتوصلون إلى تلك القوافي الحذقة. تم إعلان غاش باهرو كاجني جنبًا إلى جنب مع آلته الماسينكو كواحد من أعظم مغني الأزمري في كل العصور. درس أغاني الكنيسة الدينية عندما كان صبيا صغيرا وكان في طريقه ليصبح مغنيا للإنجيل حتى تم اختياره من قريته للذهاب إلى أديس أبابا. في سن 18، بدأ العزف على آلة الماسينكو مع اثنين من الآلات الأخرى التي تعلمها من عمه. استسقى إلهامه من عدد قليل من مغني الأزمري وأبرزهم إيتاقيقينهو هايلي (المعروف أيضًا باسم زيرافي)، من أغنية بعنوان "هبة مزارع" حيث تصور الحياة السعيدة لمزارع إثيوبي. قد لا تكون هذه الحقيقة معروفة من قبل الكثيرين، لكنه هو من دمج "كاين" أو "شعر الشمع والذهب". قصيدة كاين في الغالب تكون سطرين وتتكون من كلمة مشتركة تحمل الشمع والذهب وهي سائدة في الحياة الريفية للإثيوبيين. المعنى المحتمل للكلمة المشتركة هو الشمع لكن المعنى الخفي هو الذهب. لديه أيضاً أغنية تحمل عنوان "كن رقيقاً معي" تدور حول قصة حب وتمجد المرأة التي يحبها. أصدرت شركة تيرب، شركة تسجيلات أوروبية، قرصًا مضغوطًا وكتيبًا من 44 صفحة تكريمًا لغاش باهرو كاجني.
المصدر: سجلات تيرب، غاش باهرو كاجني و ماريتو ليقيسيه
"مغني السول الأكثر إغواءً في البحر الأحمر"
محمود أحمد (1941- حتى الآن)
المصدر: بينتريست - محمود أحمد في شبابه
عرف محمود منذ صغره أنه يريد أن يكون فنانًا / مطربًا، لذلك اعتبر أنه من غير المجدي بالنسبة له الالتحاق بالمدرسة ونتيجة لذلك ترك الدراسة وانخرط في العديد من الوظائف العمالية. حيث عمل في أحد النوادي، وكانت الرغبة في الغناء لا تزال تحترق بداخله، لذلك تمكن يومًا ما من إقناع فرقة النادي بالسماح له بالغناء في حفلتهم الليلية. باقي القصة من التاريخ حيث أصبح عضوًا في الفرقة الرسمية للإمبراطور في ذلك الوقت (هيلي سيلاسي). بعد ذلك أصبح محمود مطرب السول المفضل في إثيوبيا أجمع. أثناء تأليفه الموسيقى بشغف، انتهى المطاف بإحدى أغانيه بإثارة آذان المنتج الفرنسي فرانسيس فالسيتو الذي أخذ على عاتقه اكتشاف مصدر هذه الموسيقى غير التقليدية وهذه الحناجر الذهبية. وضعت هذه الأغنية لمحمود الأساس لمجموعة إثيوبيكس (سلسلة من الأقراص المدمجة تضم العديد من الفنانين) من خلال فرانسيس فالسيتو. محمود أحمد هو أحد الفنانين الإثيوبيين القلائل الذين تمكنوا من تجاوز الأجيال. في عام 2007 فاز محمود أحمد بجائزة بي بي سي للموسيقى العالمية.
المصدر: موقع فلكر - محمود أحمد
“عندما اعتلى محمود أحمد خشبة المسرح في مهرجان وماد في العام 2005، نظر الكثيرون إلى هذا الشخص ذو اللحية الرمادية (ولكنها فخمة) وتساءلوا عما إذا كان لا يزال بإمكانه الوصول الى تلك النوتات العالية التي سمعوها في تسجيلاته التي لاتشوبها شائبة في الفترة من 1971-1975. لا داعي للقلق: بينما باشرت فرقته في النفخ في ذلك القرن الأفريقي المدحرج من الموسيقى الأفريقية الممتعة، فتح أحمد فمه وأبحر صوته الرائع الغامض شبيه البوق بصوت عالٍ كما فعل طوال تلك السنوات الماضية. غنى أحمد كعناق دافئ، لا يسرع أبدًا، وصوتاً يمتطي إيقاعًا أمهريًا متذبذبًا (مقياس من خمس نغمات تتضمن أنماط إيقاع دائرية معقدة بشكل أساسي). بالتأكيد، وباعتباره مغني السول الأكثر إغواءً في البحر الأحمر، محمود يكافئ العديد من عظماء الولايات المتحدة " يقول جارث كارترايت في مقال لمحمود. لا يزال محمود نشيطًا في المشهد الموسيقي حاليًا، وسيبلغ من العمر 80 عامًا قريبًا.
إلفيس بريسلي الإثيوبي
أليماهيو إشيتيه (1941 - حتى الآن)
المصدر: بينتريست - أليماهيو إشيتيه في شبابه
اشتهر أليماهيو إشيتيه في نفس الوقت تقريبًا مع الموسيقيين المذكورين أعلاه. حيث اشتهر بأسلوب لبسه الفريد وقد يشير إليه البعض على أنه أنيق بمعنى أنه يتمتع بذوق رائع في الموضة. شعره الداكن الناعم اللامع إلى جانب حركات إلفيس الحيوية يخلق بإتقان حضورًا على المسرح لا مثيل له، فهو ولد ليصبح فنان. اشتهر بأغنيتيه "أديس أبابا" و "تعلم يا ابني". حنجرته الخاصة والمرنة تخلق صوته المميز الفريد. في عام 1984، فاز بجائزة تشايكوفسكي للتأليف في مهرجان الموسيقى الدولي في دريسدن بألمانيا. لا يزال أليمايهو يؤدي حتى يومنا هذا وهو نشط للغاية في المشهد الموسيقي؛ ينضم إلى محمود أحمد بصوت يتخطى الأجيال.
شاهدوا هنا عرضاً ممتعاً له في مهرجان أفريكا هيرتمي.
لمصدر: روكفوتو - أليماهيو إشيتيه
هناك فيلم وثائقي بعنوان "إثيوبيكس - ثورة موسيقى السول" ينطوي على صعود وسقوط وافتداء مجموعة من موسيقيي الجاز الإثيوبيين المذهلين الذين أشعلوا ثورة ثقافية متفجرة في أديس أبابا في الستينيات. شخصيًا أعتبر هذا الفيلم الوثائقي من المفضلين لدي، ومن الأهمية بالنسبة لنا نحن الإثيوبيين و أهل المنطقة أيضاً أن نعرف كيف نشأ العصر الذهبي الموسيقي ومهد الطريق للعديد من الفنانين الطموحين.
هذه القائمة ببعض الفنانين الأسطوريين وأعمالهم ولكن هناك الكثير من الأساطير الاثوبية التي تغني لنا حتى يومنا هذا وينسب إليها الفضل في إرساء الأساس للعديد من الأخرين لإنشاء مشد موسيقي مذهل للعديد من النكهات ولأذواق عديدة.