هذا المقال متوفر أيضاُ باللغة English

ظل نظام الرعاية الصحية في السودان هشًا لعقود من الزمن بسبب إنخفاض الإنفاق الحكومي في هذا القطاع على مدار الثلاثين عامًا الماضية. وعندما إندلعت الحرب في إبريل من العام الماضي، كانت 70% من المستشفيات خارج الخدمة بحلول شهر مايو. ومن بين 59 مستشفى خرجت عن الخدمة في مناطق النزاع، تعرضت 17 مستشفى لهجوم بالمدفعية وتم إخلاء 20 مستشفى، وتم عسكرة 12 منها بالقوة وتحويلها إلى ثكنات من قبل قوات الدعم السريع.

 

كان تجمع الأطباء السودانيين بالولايات المتحدة (سابا)، وهي منظمة غير ربحية ومهنية علمية وغير حزبية وخيرية قائمة على العضوية تأسست في يناير 2019، من بين المجموعات الأولى التي استجابت للأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب. قبل إندلاع الحرب، كان لدى سابا العديد من البرامج التي يتم تنفيذها في مواقع مختلفة في السودان، إلا أن طبيعة الحرب غيرت طبيعة وحجم تدخلها. وفي هذا المقال سننظر في إستجابتهم للأزمة الإنسانية في السودان. هذه المقالة مقتبسة من مساحة في منصة إكس أقيمت بتاريخ 24 أبريل 2024، يمكنكم الاستماع للتسجيل على منصة إكس هنا، كما يمكنكم الاستماع إليها على SoundCloud هنا.

 

نظرة عامة

توقف ثلاثة وثمانون (83٪) من القطاع الصحي في الخرطوم في الشهر الأول من الحرب، وأكثر من 70٪ من مرافق الرعاية الصحية في السودان لا تعمل والـ 30٪ المتبقية تعمل بشكل جزئي. بعد إندلاع الحرب. عملت سابا على الحفاظ على مشاريعها القائمة بالفعل بالإضافة إلى بدء مشاريع جديدة للإستجابة للإحتياجات الإنسانية. ويمكن تلخيص مشاريعها الجارية في الفئات الرئيسية التالية:

  1. الرعاية الطبية:
  • الرعاية الصحية المباشرة: من خلال الإستشارات المباشرة مع الأطباء والممرضين.
  • الإستشارات الطبية أون لاين عبر الواتس آب.
  • الصحة الإنجابية الجنسية وحقوق المرأة والأم.

  • لقاحات لحديثي الولادة والأطفال.

 

2.الإصحاح البيئي:

  • إدارة النفايات.
  • توفير إمدادات المياه.

 

3.مساعدة غذائية.

  • مساعدات غذائية علاجية للأطفال والحوامل والمرضعات اللواتي لديهن سوء التغذية.

4.الحماية:

  • للمجتمعات الضعيفة بما في ذلك النازحين.

 

5.الدعم النفسي:

  • برامج الدعم والحماية النفسية للمجتمعات الضعيفة. وضحايا العنف القائم على النوع الإجتماعي.

 

تدعم سابا العديد من المستشفيات في السودان بالإضافة إلى إنشاء عيادات متنقلة في المناطق التي لا توجد بها مرافق رعاية صحية عاملة. بالإضافة إلى ذلك، تعمل سابا أيضًا على بناء قدرات العاملين الصحيين المحليين لتقديم خدمات الرعاية الصحية ودعم حالات الطوارئ. والأهم من ذلك، أن سابا تعمل على تعزيز التنسيق بين المنظمات والمجموعات والمبادرات النشطة سواء كانت منظمات غير حكومية دولية أو محلية، أو وكالات تابعة للأمم المتحدة أو مبادرات قواعد شعبية.


التحديات

تواجه سابا وغيرها من المنظمات والمجموعات العاملة في مجال المساعدات الإنسانية في السودان العديد من التحديات، وذلك لأسباب مختلفة أهمها وضع الأمن والسلامة والواقع الذي يتغير بإستمرار. فيما يلي التحديات الرئيسية التي واجهتهم خلال العام الماضي وكيفية تأثيرها على مبادراتهم:


- الوضع الأمني: الذي يعيق وصول المساعدات والدعم إلى المناطق المتضررة من النزاع.

- تصاريح التنقل والعمل: يصعب الحصول عليها والحفاظ عليها بسبب سياق الحرب المتغير بسرعة.

- النقص في الموارد: البشرية والإقتصادية.

- تعطيل سلاسل التوريد: الذي يعيق جهود تقديم المساعدات، خاصة بين المجتمعات الأكثر ضعفاً وفي المناطق المتضررة من النزاع.

- التنسيق: مع الجهات الحكومية وداخل المنظمات وذلك بسبب التغيير المستمر في سياق الحرب.

- الأثر النفسي للعمل في المناطق المتضررة من النزاع على العاملين والمتطوعين: مشاعر القلق والتوتر والخوف والإكتئاب نتيجة التعرض للعنف والدمار والموت.


من الجدير بالذكر أن غالبية القائمين على المشاريع في سابا هم من النازحين داخليًا. ورغم التحديات الكبيرة التي تفرضها هذه الحقيقة، إلا أن لها جانبا إيجابياً. ولديهم فهم عميق للإحتياجات الملحة للنازحين داخلياً، وذلك بفضل تجاربهم الشخصية ومعرفتهم العميقة بالوضع. علاوة على ذلك، يمكنهم تكييف الإستجابة والبرامج لتناسب السياق المحلي.


التعاونات

في العام السابق، عملت سابا مع منظمات غير حكومية مختلفة، مثل المنظمات غير الحكومية المحلية ووكالات الأمم المتحدة مثل غرف الطوارئ، حاضرين، كلنا قيم، واليونيسيف على سبيل المثال لا الحصر. يحدث هذا التعاون في شكل؛

  • تبادل التحديثات والمعلومات حول الوضع الأمني في المناطق والمواقع المختلفة.
  • بناء التعاون على أساس الوجود الجغرافي والتأثير لكل كيان، مما يضمن التوزيع العادل للخدمات والمساعدات في جميع أنحاء البلاد.

 

إحتياجات مختلفة

تختلف إحتياجات الأشخاص حسب موقعهم ووضعهم، مثل ما إذا كانوا نازحين داخليًا أو جزءًا من مجتمع مضيف، أو يعيشون في مناطق متأثرة بالصراع مقابل تلك التي ليست كذلك. ويتم تحديد هذه الإحتياجات من خلال نظام تقييم الإحتياجات.

من المسلم به على نطاق واسع أن إحتياجات النازحين داخليًا تختلف عن إحتياجات المجتمعات التي تستضيفهم. ومع ذلك، قد لا يكون هذا هو الحال دائمًا، خاصة في أماكن مثل ولاية الشمالية، حيث يمكن للعائلات المضيفة أن تستوعب ما يصل إلى خمس عائلات في منازلهم. وفي مثل هذه الحالات، تتأثر الأسرة المضيفة أيضًا بالحرب، على الرغم من أنها ربما لم تتعرض للحرب والنزوح بشكل مباشر.


تتمثل مهمة سابا في تقديم الرعاية الصحية الطارئة والرعاية الصحية الأولية على قدم المساواة. وهذا يختلف من مكان لآخر وذلك من خلال؛

  • دعم المستشفيات
  • إنشاء المراكز الصحية
  • عقد دورات بناء القدرات والتدريب

لقد تغيرت إحتياجات الأشخاص المتضررين من النزاع مع مرور الوقت. في البداية، ركزت الإستجابة على توفير الرعاية العاجلة لمن هم في حاجة ماسة إليها، مثل النساء الحوامل. ومع ذلك، مع استمرار الصراع في عامه الثاني، تحول التركيز نحو التدخلات والبرامج الأكثر إستدامة التي يمكن أن يكون لها تأثير طويل المدى.


إستراتيجيات طويلة المدى ومستدامة

نظرًا لسياق الحرب المتغير بإستمرار، ليس من السهل دائمًا مواصلة الجهود، ومثال على ذلك هو عندما افتتحت سابا مستشفى في مدني اضطر إلى وقف عملياته بسبب هجوم قوات الدعم السريع على الولاية منذ ديسمبر 2023. وفي ضوء الموارد المحدودة للغاية، تعمل سابا على استدامة عملياتها وبرامجها الموجودة بالفعل.

 

سلامة الموظفين والدعم النفسي والمرونة

الشيء الأكثر أهمية هو تبادل المعلومات حول الوضع الأمني بين الجهات الفاعلة المختلفة. ومن خلال هذه الشبكة من الجهات الفاعلة، تحصل سابا على فكرة عن الأماكن الآمنة حيث يمكنها حشد موظفيها والمتطوعين دون تعريض سلامتهم للخطر. وهذا لا يتعارض مع حقيقة أنهم قد يضطرون إلى التنازل عن السلامة للوصول إلى المجتمعات والفئات الضعيفة. تحاول سابا أيضًا تقديم الدعم النفسي من خلال الإستشارة عبر الإنترنت من خلال تطبيق واتسب آب لموظفيها والمتطوعين لديها لتقليل التوتر والقلق قدر الإمكان. كما أنهم يسعون جاهدين حاليًا لتقديم تأمين صحي شامل لجميع الموظفين، ولكن بسبب عدم وجود البنية التحتية المطلوبة، فإن هذا المشروع معلق حاليًا.


المشاريع والبرامج لتي يجري تنفيذها

  1. مستشفى البلك: تقدم سابا الدعم لمستشفى البلك وهو مستشفى الأطفال الوحيد العامل في أم درمان، وتقدم برامج في مجال دعم الأطفال والأمهات. كان هذا المشروع يعمل قبل الحرب، وبعد 15 أبريل تم تجديده حتى نهاية عام 2023 عندما أصبحت اليونيسف أيضًا شريكًا لدعم استدامة المشروع. يقدم هذا البرنامج خدمات الرعاية الطبية والصحية لأكثر من 7000 شخص شهريًا اعتبارًا من يوليو 2023. بالإضافة إلى تقديم التطعيم والتثقيف الصحي والتوعية.
  2. العيادات المتنقلة في الشمالية: لدى سابا 7 عيادات متنقلة في الشمالية بالإضافة إلى مركز رعاية صحية ثابت في دنقلا.
  3. مركز هساي عاولي الصحي في ولاية البحر الأحمر: وقعت سابا مؤخرًا مذكرة تفاهم مع حكومة الولاية لإنشاء مركز للرعاية الصحية في هساي بالبحر الأحمر والذي سيتم إطلاقه في غضون أسابيع.
  4. المساعدة في المواد الغذائية: بالتعاون مع مبادرة أنقذوا الجنينة، تمكنت منظمة سابا من توفير الغذاء لـ 1000 طفل يومياً في مخيم الملك للاجئين في أدري، تشاد.

 

الدعم المجتمعي

ويمكن تلخيص دور المجتمع في دعم الجهود الإنسانية في:

  1. المناصرة: رفع مستوى الوعي من خلال تضخيم أصوات الأشخاص الذين يتحدثون عن أزمة السودان، ومشاركة المعلومات حول الوضع من خلال المناقشات على وسائل التواصل الإجتماعي. يمكنكم أيضًا مشاركة سابا والمنظمات الأخرى كمصدر حيث يمكن للأشخاص التبرع أو تقديم وقتهم من خلال العمل التطوعي. بالإضافة إلى ممارسة الضغط على صناع القرار والحكومات حول العالم لإتخاذ الإجراءات اللازمة من خلال تنظيم الإحتجاجات والتوقيع على العرائض وما إلى ذلك.

2.التبرعات: تتلقى سابا تبرعات مباشرة ومن خلال التمويل الجماعي لدعم مبادراتها ومشاريعها. ويمكن للأفراد أيضًا التطوع لتقديم الرعاية الطبية.

3.الشراكة

4.مشاركة المعلومات

 

يزداد الوضع الإنساني في السودان سوءاً كل دقيقة، حيث يحتاج نصف سكان البلاد (حوالي 25 مليون نسمة) إلى مساعدات إنسانية، وهناك 729 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد في السودان، ويموت طفل كل ساعة بسبب الجوع. ناهيك عن أزمة النزوح الداخلي الكبيرة التي تضع عبئاً على البنية التحتية الهشة للغاية، وإنتشار الأمراض وإمكانية الوصول إلى المياه النظيفة ومنتجات النظافة وغيرها من الإحتياجات الأساسية. وفي ظل هذا الوضع البائس، نطلب منكم متابعة جمعية سابا وغيرها من المنظمات المماثلة التي تعمل على تخفيف معاناة الناس ودعم جهودهم من خلال التبرع والتطوع بوقتكم وخبرتكم.

 


فريق التحرير

فريق تحرير أندريا