منذ تفشي فيروس كورونا كانت كل الأنظار في جميع أنحاء العالم تتجه نحو شركات الأدوية الكبرى. أعلنت منظمة الصحة العالمية (WHO) في 11 مارس 2020 تفشي فيروس كورونا الجديد (كوفيد 19) كجائحة عالمية، مشيرة إلى أكثر من 118000 حالة إصابة بفيروس كورونا في أكثر من 110 دولة ومنطقة حول العالم وخطر مستمر لمزيد من الإنتشار العالمي. "هذه ليست مجرد أزمة صحية عامة، إنها أزمة سوف تمس كل القطاعات. "لذلك يجب أن يشارك كل قطاع وكل فرد في هذه المعركة" أشار الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في إفادة إعلامية.
تم تشخيص الحالة الأولى لكوفيد 19 في السودان في 12 مارس 2020، و الحالة كانت رجل سوداني يبلغ من العمر 50 عامًا وصل عن طريق المطار من الإمارات العربية المتحدة. ظهرت عليه أعراض تنفسية وتم نقله إلى المستشفى وتوفي بعد 3 أيام بفيروس كورونا بعد تشخيصه إيجابيا باختبار RT-PCR. أثار هذا ناقوس الخطر بشأن وصول فيروس SARS-CoV-2 إلى السودان.
كيف بدأت الحركة المناهضة للتطعيم؟
على مر السنين، أدى التقدم في العلوم والتكنولوجيا إلى اكتشاف علاجات في مداواة الأمراض الفيروسية المختلفة، وهناك أمل في الحصول على علاج لكوفيد أيضًا. حتى اليوم، لا يوجد علاج معروف لفيروس الكورونا، لكن الثورة العلمية أدت إلى إدخال بروتوكولات لمنع انتشار الفيروس، بالإضافة إلى تصنيع مجموعة من اللقاحات. التحدي الأكبر الذي لا يزال العديد من أصحاب المصلحة يواجهونه هو إقناع المجتمعات بتلقي اللقاح. حيث تزعم بعض الأصوات أن اللقاح أكثر ضررًا وأنه من الأفضل الإعتماد على مناعتهم الطبيعية. من أجل فهم هذه الأصوات المعارضة بشكل أفضل يجب أن نتعمق أكثر ونكتشف الجذور التاريخية للحركة المناهضة للتلقيح وكيف ظهرت.
لم يكن الأمر دائمًا موقفًا عدائيًا، فقد بدأ بالتردد خاصة تجاه لقاح الجدري، الذي بدأ في إنجلترا في القرن الثامن عشر عندما قام الأطباء في تعريض مرضاهم للمرض من أجل السيطرة على شدته. هذه الطريقة كان يطلق عليه التلقيح وكانت شائعة بشكل كبير في ذلك الوقت، حتى بدأت في إفشاء المرض من حين لآخر، لذلك تم تطوير إختراع للجدري وتم توزيعه مجانًا ثم جعله إلزاميًا من قبل الحكومات. أدت هذه الأحداث إلى موجة من الإنتقادات التي لا تزال قائمة حتى اليوم- ليست ضد اللقاح بحد ذاته ولكن ضد فرض إجراءات رسمية تجاه جسد المرء.
تبرعت حكومة الولايات المتحدة بأكثر من 1.1 مليون جرعة لقاح لمكافحة فيروس كورونا. الصورة بواسطة نعمات نورين للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية
حتى هذه المرحلة، كان اللقاح موضع شك لكن عندما اختلطت معه نظريات الدين والمؤامرة أصبح الأمر عداءاً صريحاً.
بالنسبة للمتدينين، كان الأمر تحديًا لمشيئة الله، وبالنسبة للمؤمنين بنظرية المؤامرة كانت الحكومة تعامل المواطنين كما لو كانوا فئران تجارب، كما يظن كثير من الناس أن أجسادنا تستطيع أن تلتئم بشكل طبيعي دون الحاجة إلى مساعدة خارجية. بحلول فجر القرن التاسع عشر، تحولت المعارضة إلى حركة وأرسلت قيادتها مندوبين إلى الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى، مما أدى إلى ولادة حركة العصر الحديث "الحركة المضادة للتطعيم".
بالطبع، لا يمكن معالجة مشكلة الحركة المناهضة للتطعيم دون الحديث عن أكبر ركائزها في القرن العشرين وفي نفس الوقت كعب أخيل خاصتها: وهو التوحد. تأتي فكرة العلاقة المباشرة بين اللقاحات والتوحد من نقص المعلومات التي يوفرها الطب الحديث حول ما يسبب التوحد بالفعل، ومع ذلك فإن هذه النظرية على الرغم من أنها وصلت الآن إلى مرتبة الخرافة، إلا أنها لا تزال تقنع أعدادًا كبيرة لإستضافة التجمعات المناهضة للتطعيم وإدعاء أن أطفالهم هم ضحايا اللقاح الذي فرضته الحكومة.
في عام 1988 أجرى الطبيب البريطاني أندرو ويكفيلد دراسة على 12 طفلاً تشير إلى وجود صلة بين لقاح MMR (الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية) والتوحد. تم إلغاء دراسته وتبين أن ويكفيلد تلاعب بالنتائج التي توصل إليها وفقد ترخيصه بعد ذلك. لم يجد الباحثون حتى اليوم أي ارتباط بين اللقاحات والتوحد.
الطريق إلى الأمام
حتى مع دخول الموجة الرابعة من حالات كوفيد 19، يظل جانب من الوباء قوياً: الآراء المختلفة حول أهمية التحصين ضد فيروس كورونا وتفويضات اللقاح. كما يعتمد كثير من الناس على مجموعة متنوعة من العلاجات العشبية، والعلاجات المنزلية المتاحة بسهولة لعلاج عدوى فيروس كورونا- إلى جانب عدد قليل من الأدوية الطبية. لقد كشفت جائحة كورونا عن شكوك السكان وحاجة الحكومات وأصحاب المصلحة الآخرين إلى تكثيف جهودهم في بناء ثقة عامة وطمأنة الجماهير بأخذ اللقاحات من أجل صحتهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن ظهور المعلومات الخاطئة والأخبار الكاذبة يذكرنا بالوضع في ذروة الحركة المناهضة للتلقيح، مما يثبت أن أولئك الذين لا يتعلمون من التاريخ ملزمون بتكراره. أخيراً، هناك حاجة ملحة إلى معالجة المشاعر السلبية ضد التلقيح مع استمرار فيروس كورونا في العودة.
المصادر:
1:https://www.vox.com/platform/amp/the-goods/22958419/covid-vaccine-mandate-pandemic-history
2:https://measlesrubellainitiative.org/anti-vaccination-movement/
3:https://edgeeffects.net/traci-brynne-voyles-anti-vaccination/
4:https://podcastaddict.com/episode/118537745
5:https://www.latimes.com/opinion/story/2022-02-25/covid-anti-vax-childhood-vaccination-measles-mumps