تصوير و سرد أبوبكر محمد
محمية الدندر القومية أو حظيرة الدندر هي إحدى المحميات القومية الأكثر شهرة في السودان، و واحدة من أقدم المناطق المحمية في أفريقيا. تأسست في عام 1935 بعد إتفاقية لندن لعام 1933 من قبل المملكة المتحدة من أجل حماية الموارد الطبيعية وعلى وجه التحديد لحماية تنوع النباتات في أفريقيا. تعرف هذه الإتفاقية لكونها أول إتفاقيات الحماية و المحافظة البيئية العامة في أفريقيا التي وقعتها القوى الإستعمارية، وتعتبر أيضا الأساسية في النطاق العالمي قبل الحرب العالمية الثانية.
محمية الدندر إحدى مجمل 7 محميات في السودان بعد إنفصال الجنوب في عام 2011. وهي أكبر محمية قومية في السودان بمساحة 10291 كيلو متر مربع. المحمية تقع بين 3 ولايات مختلفة : القضارف، جنوب غرب سنار (معظم المحمية)، و النيل الأزرق. حيث تشمل جنوب غرب وجنوب شرق أجزاءها الحدود مع إثيوبيا. تم تعيين المحمية بإعتبارها “محيط حيوي” في عام 1979، ومؤخراً في عام 2005 كموقع للميعات (مواقع تحتوي على الماء في فترة جفاف الأنهار). من المعروف أن المحمية تقع في إحدى الطرق الموسمية للطيور المهاجرة التي تحلق على إرتفاعٍ عالٍ؛ حيث تزور الطيور المهاجرة السودان من آسيا وأوروبا وبلدان أفريقية أخرى.
تلقت المحمية الكثير من الإهتمام من قبل السلطات المختلفة منذ إستقلال السودان لأنها الأكثر أهمية في شمال أفريقيا، ولها أوجه تشابه مع مناطق السافانا الغنية في أفريقيا. لها وضع فريد من نوعه من حيث الموارد الطبيعية- بوجود نهرين موسميين يعبران المحمية (الدندر والرهد) و أكثر من 400 مواقع ميعات طبيعية (برك مياه) و غطاء العشب الأخضر الذي يبقى أخضر في نهاية موسم الجفاف. جميع هذه الميزات تجعل المحمية موقع أساسي لرعي الحيوانات البرية، فمن المعروف أن المحمية تستضيف 58 نوعاً من الأشجار والشجيرات، 27 نوعاً من الثدييات الكبيرة وأكثر من 250 نوعاً من الطيور.بعض الثدييات الكبيرة مثل النمر الأفريقي (pardus pardus)، الزرافة (Giraffa camelopardalis) و الظبي (Alcelaphus buselaphus) التي بدأت منذ النصف الثاني من القرن العشرين بسبب أنشطة الصيد المكثفة. خلال منتصف السبعينات.، الغزال (Nanger soemmerringii) إختفى أيضاً نتيجة لخطط الزراعة الآلية التي بدأت على الأراضي ، التي كان الغزال يعبرها في الهجرة الموسمية.
القضايا العامة بشأن الوضع الحالي للمحمية
إحدى القضايا الرئيسية المتعلقة بإدارة المحميات القومية هي تعيين المسؤوليات بطريقة واضحة؛ يمكن بسهولة أن يتبين الأمر من حالة محمية الدندر، فأكثر من ثلاث وزارات مختلفة مسؤولة تقنياً عن المحمية على النحو التالي:
1: وزارة الداخلية (إدارة شؤون الحياة البرية) هي المسؤولة عن توفير أفراد الشرطة البرية كحراس ومديرين، فضلا عن إصدار رسالة بناء على طلب الزوار (لكل من السودانيين وغير السودانيين ) واحد من التصاريح اللازمة لزيارة الحدائق
2. الوزارة الإتحادية للسياحة والحياة البرية: المسؤولة عن الإشراف على المسائل الإدارية والأنظمة والقوانين بالتنسيق مع الحكومة الإتحادية والوزارات الحكومية الأخرى. بل هذه أيضاً الجهة المُصدرة لتصاريح الزيارة السياحية لغير السودانيين الذين يعتزمون زيارة الحدائق القومية.
3.. الوزارة الإتحادية للعلوم والتكنولوجيا: المسؤولة عن قضايا البحث العلمي، مثل أمراض الحيوانات البرية، الرحلات العلمية والتعداد من خلال مركز أبحاث الحياة البرية. كما أن لديها باحثين الحياة البرية والمساعدين المستقرين في المناطق المحمية.
من الوضع أعلاه يمكن للقارئ أن يشعر بالربكة المملة الغير مشجعة لزيارة أي محمية في السودان – لا سيما إذا كانت هذه الزيارة الأولى. ومن الجدير بالذكر أن القوانين، واللوائح، و الرسوم المطلوبة للدخول والبقاء داخل المحميات العامة تتغير بإستمرار.
العوامل الأخرى التي تؤثر على الوضع الحالي للمحميةالهجرة البشرية للمتضررين من مناطق الحروب والنزاعات في السودان (خاصة شمال وغرب دارفور) تشكل ضغط كبير على المحمية من حيث قطع أشجار الخشب لإشعال النار وإنشاء مشاريع زراعية ميكانيكية. شهدت المحمية الهجرات البشرية منذ أوائل الستينات (ويرجع ذلك أساساً إلى الجفاف في غرب السودان) ولكن مؤخراً زادت الكثافة السكانية في المحمية إلى أكثر من 40 قرية في الأجزاء الشمالية الغربية من المحمية وعلى طول نهر الرهد. وفقاً لأحدث الدراسات، هناك أكثر من مئة ألف شخص يعيشون في تلك القرى، ومعظمهم يعتمدون بشكل كبير على المحمية من خلال جمع الحطب والفواكه وعسل النحل والصيد غير المشروع. رعاة الماشية يرعون داخل المحمية، وتبحث ماشيتهم بتكاثرعن العشب والمياه خلال موسم الجفاف.
تخطيط رحلة إلى محمية الدندر القومية
لزيارة محمية الدندر هناك حاجة لتحضير نفس التصاريح التي تُطلب في المحميات الأخرى، و لكن الأمر أسهل قليلاً لأن المحمية لم تتأثر (بعد) بأي من الصراعات التي تجري في كثير من المناطق حيث توجد بعض المحميات العامة.
للزوار الأجانب يجب التأكد من أن لديك ما يكفي من الوقت لتقديم طلب الحصول على البرقية المطلوبة والتصاريح اللازمة. البرقية من إدارة الحياة البرية في الخرطوم قد تستغرق أكثر من يومين، ثم عليك التقديم لتصاريح السياحة التي من شأنها أن تسمح لك بإستخدام الكاميرات في أي من المواقع التي تنوي زيارتها. من المعروف أن موسم الزيارة يبدأ في نوفمبر وينتهي بين أبريل وأوائل مايو، تبعاً لموسم الأمطار.
إذا لم يكن لديك سيارة رباعية الدفع فسوف تحتاج إلى إستئجار واحدة من الخرطوم. من الأفضل أن تفعل ذلك قبل البدء في التقدم بطلب الحصول على التصاريح، لأنهم سيطلبون تفاصيل السيارة ومعلومات السائق على برقية إدارة الحياة البرية.الوصول إلى محمية الدندر القومية سيأخذ يوماً كاملاً، من ست إلى سبع ساعات من الخرطوم إلى ولاية سنار، ثم أربعة ساعات للوصول إلى مدينة الدندر حيث يقوم الزائر بالتوجه إلى إدارة الحياة البرية من أجل الحصول على التصاريح بعد تسليم برقية إدارة الحياة البرية المستخرجة من الخرطوم. ثم تأتي رحلة أخرى مدتها أربع ساعات على طريق وعر.
إدارة الحياة البرية توفر للزوار حارس لمرافقتهم خلال الرحلة داخل المحمية، لذا تأكد من وجود مساحة لشخص آخر في سيارتك. فمن المهم أن يكون حارس الحياة البرية في نفس السيارة أو في إحدى السيارات إذا كان لديكم أكثر من واحدة.
أنا شخصياً أفضِل قضاء ليلة في ولاية سنار لأصل إلى مدينة الدندر في فترة ما بعد الظهر في وقت مبكر من اليوم التالي. للعلم، إن لم تصل إلى بوابة المحمية الرئيسية قبل الخامسة مساء، قد يتحتم عليك قضاء الليلة عند البوابة الرئيسية قبل أن يسمح لك بالدخول في صباح اليوم التالي.
الوصول إلى المحمية
بمجرد وصولك في المعسكر الرئيسي(قلاقو)) ستحتاج إلى تقديم جميع الوثائق إلى مدير المخيم (ضابط شرطة الحياة البرية) وبعد ذلك سوف يتم إرسالها إلى المحاسب لدفع ثمن الخدمات التالية (بالعملة المحلية):
رسوم الدخول لكل زائر.
رسوم وقوف السيارات.
رسوم الكاميرا.
رسوم السكن.
رسوم الحارس المرافق
رسوم إعداد الطعام بما أن هناك مطابخ في كل أماكن الإقامة (إختياري إذا كنت تود تحضير طعامك بنفسك).
رسوم الوقود. في حال نفد وقودك يمكن للحراس أن يجلبوا لك معهم من القرية مجاورة عندما يذهبون (كل يومين).
ما هو المتوقع رؤيته؟هناك خمسة مواقع رئيسية للزيارة داخل المحمية، ومعظمها مواقع الأراضي الرطبة حيث يمكن رؤية معظم أنواع الطيور. في الطريق إلى تلك المواقع الخمسة سترى بعض الأنواع الأخرى من الحيوانات كالجاموس، و الأسد، و النعام، و الخنازير، الظباء، البابون، القرود الحمراء و الخضراء و غيرها الكثير، فالقائمة طويلة تبعاً للمكان الذي ستزوره، ووقت الزيارة و مدة بقائك هناك.
عادة يتم تقسيم إستراتيجية الزيارة إلى رحلتين خلال اليوم؛ أول رحلة تبدأ في الصباح حوالي الثامنة صباحاً، وبعد ذلك تعود حوالي الثانية عشر ظهراً لإستراحة الغداء. الرحلة الثانية تبدأ حوالى الساعة الرابعة و النصف مساء وحتى قبل غروب الشمس.
من الأفضل التأكد من أن الحارس الذي يرافقك دائماً قريب لسلامتك، وتجنب التقرب الشديد للحيوانات البرية، خاصة الجاموس والأسود.
في العادة يمكنكم زيارة المواقع الرئيسية القريبة:
عبد الغني
أم قريريسة
راس أمير
عين الشمس
موسى
هذه المواقع مشهورة برؤية أعداد كبيرة من الطيور تمثل التنوع في المحمية. هناك أيضا أعداد كبيرة من الثعابين والزواحف الأخرى في المحمية، ولكن سيكون من الصعب أن تراهم كرؤية باقي الحيوانات الكبيرة حجماً. إمدادات الطاقة تتوقف خلال النهار من أجل المحافظة عليها ولكنها تُشغل في المساء حوالي الساعة السادسة حتى الصباح الباكر للسماح بشحن الهاتف أو الكاميرات و البطاريات حسب الحاجة.للسلامة ينصح بأن يكون الزوار حريصين داخل مخيم الإقامة أثناء الليل، و التأكد من عدم دخول ثعابين الكوبرا و العقارب و التأكد مرة و إثنين و ثلاثة خاصة إذا كان معكم أطفال. كنت مرة أبحث عن ثعبان في الخارج لمدة يوم كامل، و لم أستطع العثور عليه؛ ثم أخيراً وجدت ثعبان الرمل بطول 1.8 متر في غرفة نومي، ووجد زميلي العقارب هناك أيضاً. رأيت أيضا الكوبرا سوداء العنق الكبيرة في الخارج عند موقف السيارات أمام مخيم الإقامة.
العامل الرئيسي الذي يمكن أن يؤثر على إكتمال الرحلة هو الوقت الذي ستخصصونه للإستمتاع بالإقامة داخل المحمية. من المهم جداً أن تخططوا لفترة زمنية معقولة للإستمتاع بالمحمية وتنوعها البيولوجي الرائع. معظم البيانات المقدمة بشأن الوضع الحالي للتنوع البيولوجي نتيجة لعمل ضخم من موظفي مركز أبحاث الحياة البرية و المجتمع السوداني للمحافظة على الحياة البرية. الوقت الذي ستقضونه في المحمية فرصة لشكرهم جميعاً على الجهود التي لا تقدر بثمن من أجل الحفاظ على الحياة البرية و المناطق المحمية في السودان. حاولوا البقاء مطولاً لتستنشقوا مجد المحمية و ما ستقدمه لكم من عجائب