أقيم في مدينة جوبا في الفترة من الرابع وحتي التاسع من سبتمبر/ أيلول عام 2017م مهرجان جوبا السينمائي الثاني، الذي نظمته مبادرة جوبا فيلم فيستافيل (Juba Film Festival) للعام الثاني علي التوالي حيث كان الإنطلاق الاول في العام الماضي.
في هذه النسخة كانت المشاركات أكثر من سابقتها, من حيث الجودة وكمية المشاركات ليس من داخل جنوب السودان فقط وإنما من الخارج أيضاً, مما ينبئ بمستقبل جيد للمهرجان في الأعوام القادمة. وفتح هذا المهرجان الباب للحديث عن صناعة وتسويق الفيلم في جنوب السودان، ودلالة صناعة الفيلم بالمفهوم الثقافي والبعد القيمي بالنسبة للمنتجين الجنوبيين بالإضافة إلى المتلقين أو المستهدفين من الجمهور.
أختتمت النسخة الثانية بالإعلان عن فوز فيلم “وجع تا جنا” (Waja ta jana) للمخرج ليفتوس ليفي الذي فاز أيضا بجائزة افضل مخرج لهذه النسخة وقال أن الجوائز التي حصدها فيلمه بمثابة تحدي كبير بالنسبة له و المجموعة التي تعمل معه من أجل الحفاظ على المستوى و المحتوى القيم. بدأ ليفتوس ليفي حديثه معي وهو يذكر الصعوبات التى واجهته في إنتاج هذا العمل و التي كانت تتعلق بعدم فهم المجتمع في مريدي عن أهمية الفيلم، وعدم رضاهم بالتصوير في منازلهم. كما ذكر أيضاً مشكلة التصوير، بالرغم أن وزارة الثقافة والشباب والرياضة سهلت المهمة بإستخراج تصديق التصوير من قبل السلطات في ولاية مريدي. حدثني ليفي أيضاً عن صعوبة الإنتقال من موقع إلى آخر لكن في خاتمة المطاف تم تجاوز هذه العقبة بالإمكانيات البسيطة المتوفرة حتى يشارك الفيلم في مهرجان جوبا، كما كان الهدف الأول بالنسبة لفريق العمل. ومضى ليفي قائلاً “نحن سعداء لأن فيلم “وجع تا جنا” حاز على أفضل جائزة ،كما نلنا جائزة افضل مخرج و حصلنا على جائزة أفضل نص، إنه حصاد كبير لهذا العام، وهذه الجوائز تعتبر تحدي لنا وعلينا بذل مجهود من أجل المحافظة على الجائزة في المهرجان القادم”. ثم أضاف “أعتقد أن رسالة الفيلم كانت واضحة جداً للجمهور الذي شاهد الفيلم هنا في مركز نياكورين الثقافي، و حيث أردنا ان نشجع الشابات والشباب على التعليم ؛لأن الفيلم يتناول قضية الزواج المبكر كواحدة من المهددات التي تقف حجر عثرة في تقدم وتعليم المرأة في جنوب السودان، كما سلط الفيلم الضوء على مشاكل إدمان الخمور مما يؤدي إلى التفكك الأسري”.
من جانب آخر يقول السكرتير العام لإتحاد طلاب مدرسة سوبيري الثانوية الحائزة على جائزة أول مدرسة ثانوية في مهرجان جوبا ، الطالب فليب اوفكا “نحن سعداء جدا لهذا الفوز، وهذا شعور جميل أن تحاول فعل شئ ويعجب به الآخرين ويساعد في تغيير مفاهيم المجتمع”. قصة “مرة بطال” (Mara Batal) الفيلم الذي صنعه طلاب المدرسة، أراد ان يرسل رسالة واضحة للأمهات مفادها أنه لابد أن يكون هناك تفاهم بين الأب والأم وأطفالهم لكي تعيش الأسرة في تناغم، لأن رفض الأم توفير البيئة الأسرية التى يسودها الحب والحنان كارثة. يقول اوفكا “نعتقد أن “مرة” التي تتمثل في شخصية الأم هى الركيزة الأساسية للأسرة فبدونها تنهار العائلة. وإذا اصبحت المراة تصرخ في البيت ولا ترحب بالضيوف وتتشاجر مع زوجها على الدوام وترفص أن تعد الطعام لاطفالها بحجة أنها اكثر من تتعب في هذا البيت كما رأينا في فيلم “مرة بطال” هذه الاساليب تؤدي الى إنحراف في القيم والمبادئ الانسانية . لذا على أمهاتنا ان يكونوا أكثر إنسانية معنا نحن كأطفالهم لأنه ليس لدينا غيرهم في هذه الحياة”. وأشار قائلاً “أريد ان اخذ هذه الفرصة وأتقدم بالشكر للرب أولاً، و لشركة جوبا فيلم المحدودة من أجل تدريبنا عن كيفية صناعة الفيلم وكتابة السيناريو وفنون التصوير، وعلى تشجيعنا بالإستمرار حتى لحظة قيام المهرجان”.
Source: Juba Film Festival on Facebook
حاز الممثل نيارسوك باتريك على جائزة افضل ممثل لهذا العام و صارح بأن هنالك مشكلة في تسويق الأفلام، وهذا الجانب مهم في عملية تطوير صناعة الأفلام بجنوب السودان. قال باتريك، والذي إبتدر مازحاً “إذا كنت تحمل السلاح هنا لا أحد يمنعك، لكن لو كنت تحمل كاميرا التصوير ستجد مجموعة من الناس يمنعونك لأنهم يعتقدون بأنك تريد أن ترسل الصور إلى الأجانب”. صرح أيضاً بالصعاب التي واجهها في مشكلة التمويل، لأن إيجار الكاميرا وأدوات التصوير غالي جداً. على الصعيد العملي أضاف “لم أتخيل إطلاقا بأنني سأفوز بجائزة افضل ممثل في المهرجان لانني لست ُ أفضل من بقية زملائي الممثلين ولا منتجين الأفلام التى شاركت في المهرجان. بكل هذه الظروف الصعبة نقوم بإنتاج فيلم و لكن لا لا نجد التسويق له، حتى الجمهور لا يساعد في ذلك بل يشترون أفلام أجنبية ويتوقعون أن نعرض لهم أفلامنا مجاناً و لكن هذا لا يعقل. نريد ترويج أفلامنا في جنوب السودان و أي مكان آخر”. وأضاف باتريك أنه شعور جميل أن تفوز في أي محفل مثل هذا المهرجان الذي جمع جنوب سودانيين مع بعضهم من أجل ترقية صناعة الأفلام،الأمر الذي يحتاج مجهود جبار من أجل الحفاظ عليه في العام القادم.
ويقول الصحفي أبراهام مليك ان فكرة تنظيم مهرجان كل عام مهم جدا ً وهذه بوابة مهمة لصناعة الأفلام بالبلاد، علما ً ان للأفلام أدوار مهمة في مخاطبة القضايا المحلية بطريقة سلسة. مضيفاً “ولكن اعتقد أن الجوائز المقدمة لا تكفي لإنتاج فيلم عالي الجودة في الوقت الذي يرعى عدد من المانحين هذا المهرجان، لذلك يجب مراجعة قيمة الجائزة فلا يمكن أن تمنح 300 دولار لأفضل فيلم في حين أن إنتاجه قد يصل إلى 1500 دولار، هذا غير منطقي. وهناك شئ خطير، فالأفلام التي فازت ببعض الجوائز بها مشاكل فنية كبيرة في اللقطات والنص وأشياء أخرى. وهذا يعني أن الذين يختارون الأفلام غير متخصصين في الصناعة و الإخراج وهم ليسوا بمخرجين معروف عنهم. يجب مراجعة هذا كله من أجل التطوير والجودة”.
أما الممثلة و المساهمة في تنظيم المهرجان جويس جون فكشفت عن ما كان يدور في خلدها خلال الترتيب وأيام إقامة المهرجان مشيرة لأنها تريد أن تشكر الرب على نجاح هذا المهرجان, لأن الميزانية التى وضعت لقيام المهرجان لم يتحصل عليها حتى شهر يونيو الماضي، لكن إجتهاد فريق المهرجان والإتصالات مع المانحين الذين يدعمون فكرة مهرجان جوبا إستطاعت أن تسد جوانب أخرى مالية. تلاحظ جويس أيضاً أن قيمة الجائزة تناقصت هذا العام من العام الماضي، ولكن مازال هناك مجهود من أجل التحسين وتجويد صناعة الفيلم في جنوب السودان. وأشارت جون بأن عامان من المهرجان كافية للتعلم، لأن المهرجان في العام القادم سيركز على جودة الأفلام والقدرة على الإبتكار بصورة علمية، لأن القائمين عليه يريدون من كتاب السيناريو ومنتجين الأفلام إنتاج فيلم بمستوى أعلى جودة من اجل المشاركة به في فعاليات عالمية. علقت جويس جون بأن فريق المهرجان سيعمل على تكثيف التدريب والتأهيل في الشهور القادمة من اجل ترقية مستوى الممثلين، و كتاب السيناريو، و المصورين، و المنتجين، و المخرجين حتى لا تكرر الأخطاء. وأعربت جويس جون عن شكرها لكل الذين شاركوا بالأفلام في هذا المهرجان ، وأضافت “علينا أيضا أن نشكر جمهورنا الذي حاز على الجائزة الأولى في إلتزامهم طوال ست أيام على التوالي في مركز نياكورين الثقافي، نعتبر ذلك في شركة جوبا فيلم دعم كبير بالنسبة لنا ،و نود الإستمرار بنفس الروح حتى يسود السلام في نفوسنا ومن ثم بلادنا” خاتمة بذلك الدورة الثانية بروح صافية و مستعدة للتقدم في العام القادم.
زوروا موقع المهرجان للمزيد من المعومات أو تابعوهم على فيسبوك.