هذا المقال متوفر أيضاُ باللغة English

نواصل ما إنقطع من حديث حول الرواية الشبابية السودانية،في المقال السابق كنا قد تطرقنا للرواية بصورة عامة و المؤسسين لها في السودان منذ حقبة بعيدة.
الجوائز الداخلية مثل جائزتي الطيب صالح: واحدة برعاية مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي، و الأخرى تحت رعاية شركة زين للإتصالات (و إن كانت الثانية إقليمية بصورة أكبر بسبب إنتشار فروع الشركة في عديد من الدول العربية و شروط الأولى التي تتضمن أن يكون الكاتب سودانياً) أثرت بشكل واضح في خروج العديد من الكتاب الشباب: مثل هشام آدم الذي فاز بجائزة الطيب صالح عن مركز عبد الكريم ميرغني عام 2009 بروايته “قونقليز” و عام 2015 عن شركة زين بروايته “كاجومي”. يمتلك آدم في رصيده غيرها أربعة روايات هي “أرتكاتا”، “السيدة الأولى”، “أرض الميت”، و “بترفوبيا”.
تخرّج من هذه الجوائز كتّاب يشار لهم بالبنان كعبد العزيز بركة ساكن الغني عن التعريف حالياً و الذي فاز بإحدى الدورات عن مركز عبد الكريم ميرغني و سارة حمزة الجاك القاصة التي فازت عن روايتها “خينائيذ”. تلعب الجائزة دور المفرخة التي تبيض ذهباً بالنسبة للقراء السودانيين و العرب بشكل أوسع. من الروائيين الشباب المميزين بشكل ملفت رانيا مأمون التي تمتلك روايتين “إبن شمس” و “فلاش أخضر” و كذلك مجموعة قصصية تحت اسم ” 13 شهر من إشراق الشمس” و تمت ترجمة عدة فصول من رواياتها إلى السويدية و الفارسية و الإنجليزية و كما تم منحها العديد من الجوائز المحلية و الإقليمية و عدد مقدر من المنح أهمها الورش الكتابية لجائزة البوكر العربية. حين نذكر البوكر العربية يرد إلى أذهاننا الروائي الأشهر اليوم بين الكتاب الشباب حمور زيادة و روايته “شوق الدرويش” التي فازت بجائزة نجيب محفوظ و ترشحت للقائمة القصيرة لجائزة البوكر و لديه غيرها مثل “الكونج” و هو يكتب قصص قصيرة بإنتظام في موقع “زائد 18” المصري.

undefined

Image Credit: Goodreads  

أما عماد الدين البليك روايته المشهورة “شاورما” و لعل أول ما يشدك للرواية إسمها الغريب، حيث تجد سرد ممتع و سلاسلة محببة إلى النفس فتتبع خطى هذا الكاتب فتكتشف أن لديه روايتين قد طبعهما معاً و حجزتا مكان في معرض أبوظبي للكتاب في دورة سنة 2003 . لديه أيضاً رواية “دماء في الخرطوم” التي نشرت عام 2008 و رواية “القط المقدس” التي نشرها في عام 2013 عن ثورة الشباب في فرنسا و كان قد كتبها في2010 وشارك بها في جائزة الطيب صالح. لم يكتفي عماد بدوره كروائي فإنتقل لمجال النقد الأدبي ليقدم لنا كتاب: “الرواية العربية – رحلة بحث عن المعنى”.

هنالك أيضا الروائية أميمة عبد الله التي صدرت لها أولاً المجموعة القصصية “مرافئ القمر” ثم “لحين إشعار آخر” ثم رواية “ذاكرة مشلولة” ثم “حبيبة طافية على رماد” وهي مجموعة قصصية عن دارفور ثم روايتى “أماديرا” و “نور القمر”. كما لا يمكننا تجاوز رمز مثل إستيلا قايتانو الأبنوسية ذات الحضور اللطيف التي برعت في سرد التفاصيل اليومية للمواطن السوداني بشتى قسميه الشمالي و الجنوبي من خلال كُتبها التي تحتوي على مجموعة من القصص القصيرة مثل كتاب “زهور ذابلة” و “العودة".

لا يفوتني أن أبدي أسفي لما جرى في آخر معرض للكتاب في الخرطوم و ما قامت به السلطات من مصادرة لروايات عدد من الكتاب الشباب أمثال مبارك أردول و روايته “ساعي الريال المقدود” و إيهاب عدلان و روايته “أسفل قاع المدينة”. إن ما تفعله السلطات ما هو إلا ذر الرماد في العيون فالرواية أو القصة حتى و إن كان سردها أو تماسكها اللغوي ضعيف لكنها تظل إنعكاس للواقع خصوصا أن معظم الكتاب السودانيين القدماء و الشباب هم أبناء بيئتهم بإمتياز، فلم ينفصلوا عن الواقع أو يتجاهلوا حقائق التاريخ اليومي المصنوع من قِبل الناس. السلطة ترى غير ذلك و تلك رؤية لن تفيد في تحسين الواقع فالكتاب ليسوا سبب أزمة و ليس هناك رواية يمكن أن تزيل سلطة لكن الديكتاتوريات على مختلف الأزمان كان تحاصر المبدعين، لذا تجد أغلب مبدعي البلاد متواجدين في بلاد المهجر.

في الجزء القادم و الأخير من هذه السلسلة سأحاول أن أتطرق لدور أكبر شبكات التواصل في تطوير مهارات بعض الكتاب. و سأناقش أيضاً بعض الكتاب الذين لديهم أعمال قيد الطباعة، و الذين يمتلكون مدونات خاصة آملاً في تسليط الضوء عليهم و دعمهم ليستمروا في عملية النشر الإلكتروني الذي يتميز بالكثير من الميزات التي يفقدها النشر الورقي.