هذا المقال متوفر أيضاُ باللغة English

يختلف الكثيرون في الرأي عند تصنيف مصطلح السمنة ، ليس هنا فحسب بل في جميع أرجاء العالم، حيث ارتبطت السمنة برمز الثراء و الرفاهية عبر التاريخ و هو ما زال سائداً عند بعض الدول إلى يومنا هذا. فهل يمكننا القول أن السمنة لا تمت لأمراض العصر بصلة ؟ و إذا صدق القول فما هي الطريقة الصحيحة لمعرفة ما إذا كنا نعاني من السمنة أو أننا في وزننا المثالي إلى حد ما؟ كل هذا و غيره سنكتشفه سوياً عند قراءة هذا المقال، و يستحب أن تجهز معك ورقة و قلم و شريط قياس للحساب.

في البداية ما هو التعريف الصحيح للسمنة ؟ تُعرّف السمنة بأنها حالة تراكم غير طبيعي أو مفرط للدهون في الأنسجة الدهنية، إلى الحد الذي تتأثر فيه صحة الفرد. حيث تتزايد كمية الدهون و يختلف توزيعها في الجسم إما حول الخصر أو حول الجسم بأكمله. و بشكل عام، ترتبط السمنة بمخاطر أكبر كمرض السكري من النوع الثاني (سبق و أن تطرقنا إليه) وأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية وأمراض القلب. هذا بالإضافة إلى مرض المرارة وبعض السرطانات (بطانة الرحم والثدي والبروستاتا والقولون) وغيرها من الأمراض بما في ذلك النقرس ، هشاشة العظام والعقم. وتحمل السمنة أيضًا تداعيات خطيرة على الصحة النفسية الاجتماعية، ويرجع ذلك أساسًا إلى التحيز المجتمعي ضد السمنة.

undefined

Source: everydayhealth.com

عندما نتحدث عن الإحصائيات المتعلقة بالسودان نجد أن هنالك دراسة أقيمت في نهاية عام 2017 حيث شملت 7239 فرداً (جميعهم بالغين) و عن طريق أخذ المعلومات اللازمة من المشاركين و حساب مؤشر كتلة الجسم و أخذ القياسات بما فيها وزن الجسم و الطول و محيط الخصر ، كان معدل انتشار السمنة 21.2%. أما السمنة المركزية ( أي المرتبطة بمنطقة البطن) لها انتشار أعلى بين النساء السودانيات و تعتبر هذه النسبة عالية، حيث ارتبطت السمنة و السمنة المركزية بالسكري و مرض ارتفاع ضغط الدم .

كيف أصنف وزني، اذا كان طبيعي أو غير طبيعي ؟

عن طريق حساب مؤشر كتلة الجسم أو ما يعرف ب( Body Mass Index ) أو BMI ، وهي قيمة مشتقة من الوزن و الطول تعطيك فكرة عن تصنيف كتلة جسمك فيما إذا كنت تعاني من السمنة أو تتمتع بوزن معتدل أو كنت تملك وزن أقل من الطبيعي و يعتمد هذا التصنيف على الطول المتري بشكل أساسي . حيث تنص المعادلة بقسمة الوزن بالكيلوجرام على الطول بالمتر مربع.

من المهم الإشارة إلى حقيقة أنه مجرد مؤشر لدرجة السمنة، فهو لا يأخذ مكونات الجسم ككثافة العظام أو كتلة العضلات أو توزيعها بعين الاعتبار. فعلى سبيل المثال: الأشخاص ذوي مستوى اللياقة العالية قد تكون قيمة مؤشر كتلة الجسم لديهم مرتفعة ، وذلك بسبب الزيادة في الكتلة العضلية و ليس الدهون المتراكمة. كما أن هذا المؤشر ينطبق على الأشخاص البالغين باستثناء السيدات الحوامل، المرضعات و الرياضيين المحترفين.

على ماذا تدل النتيجة التي حصلت عليها ؟

· إذا كانت قراءة المؤشر أقل عن 16 فوزنك ضعيف جداً

· و اذا كانت بين 16-18.5 فأنت ضعيف

· أما اذا كانت ما بين 18.5 إلى 25 فوزنك طبيعي

· أما اذا كانت بين 25-30 فأنت تعاني من وزن زائد

· أما إذا كان من 30-35 فأنت تعاني من السمنة

· و أما إذا كان أكثر من 35 فأنت تعاني من سمنة مفرطة

هنالك طريقة أخرى متبعة لقياس السمنة و ذلك عن طريق شريط القياس ، حيث يقوم بقياس محيط الخصر حيث أن الدهون المتراكمة حول الخصر أشد خطراً من الدهون الموجودة في محيط الأرداف أو في أي جزء آخر في الجسم. فتراجع قياس الخصر يعني تراجع أو انخفاض كمية الدهون في الجسم.

هل فعلاً السمنة تعرض حياتنا للخطر؟

وفقاً لدراسة نشرت في مجلة New England Journal Of Medicine ، فإن السمنة تمثل أزمة صحية عامة و عالمية متزايدة و مثيرة للقلق. حيث أشار مدير معهد القياسات الصحية و التقييم بجامعة واشنطن الدكتور كريستوفر موراي : "ان الذين يتجاهلون زيادة الوزن يعرضون أنفسهم للخطر – خطر الإصابة بأمراض القلب و الأوعية الدموعية و السكري و السرطان و غيرها من الأمراض التي تهدد الحياة".

undefined

Source: buffalonews.com

هل هنالك أسباب للسمنة قد تجهلها؟

1- قلة النوم : فالتاثير الأول بديهي إذا بقينا مستيقظين حتى وقت متأخر، فان إحتمال تناول الوجبات الخفيفة في ساعات الليل المتاخرة يزيد بشكل ملحوظ. هذا الأمر سيزيد من إستهلاك السعرات الحرارية اليومية ومع مرور الوقت سوف يسبب السمنة.

السبب الثاني هو بيوكيميائي – عندما نحرم أنفسنا من النوم، تحدث تغيرات في مستويات الهرمونات التي تؤدي إلى زيادة الشعور بالجوع والشعور بأن نفس كمية الطعام التي نتناولها والتي عادة ما تجعلنا نشعر بالشبع، لا تملؤنا مثل السابق ، هذا الأمر يسبب زيادة في تناول الطعام .

2- الإجهاد : عندما تصبح الحياة مكثفة أكثر، يدخل الجسم إلى حالة من الدفاع حيث يطلق الجسم هرمون الكورتيزول، هرمون الاجهاد. مما يجعلنا نتلهف للاطعمة الغنية بالسعرات الحرارية والتي تسمى “الطعام المريح” – وهو ما يعد كالأرض الخصبة للسمنة.

3- تناول مضادات الإكتئاب .

4- قصور الدرقية .

ما هي طرق الوقاية من السمنة ؟

تقليل نسبة الأطعمة التي تسبب زيادة في الوزن و منها الأطعمة الجاهزة و الوجبات السريعة و الأطعمة المقلية.

التركيز على الأطعمة التي تحافظ على صحة الجسم، كونها تحتوي على كافة العناصر الغذائية مثل الفيتامينات و المعادن و الألياف و البروتين من مثل: الخضراوات و الفواكه، و الحبوب الكاملة، ومنتجات الألبان قليلة الدسم أو خالية الدسم.

اتباع الطرق الصحية في إعداد الطعام أثناء تحضيره في المنزل، ويعد السلق أو الشوي من أفضل هذه الطرق مع ضرورة الابتعاد أو التقليل قدر الإمكان من القلي.

التقليل من تناول كمية الطعام التي تتناولها خلال اليوم، على أن تكون الكمية التي تتناولها تحتوي على أعلى نسبة من الألياف و أقل نسبة من النشويات .

تجنب المشروبات الغازية و العصائر المعلبة، و تقليل العصائر الطبيعية كونها تحتوي أيضاً على نسبة من السكر، و استبدالها بعصائر الخصروات من مثل عصير الشمندر.

اتباع طريقة شرب الماء قبل تناول الطعام ، كونها تساعد في زيادة الشعور بالشبع و تقليل كمية الطعام .

ممارسة الرياضة أو الأنشطة الرياضية على إختلاف أنواعها ، كونها تساعد على حرق السعرات الحرارية الزائدة و تسهم في تقوية الجسم وزيادة الكتلة العضلية التي تحفز حرق الدهون في الجسم .

و أخيراً و ليس آخراً عدم التسوق أثناء الشعور بالجوع، تجنباً لشراء أطعمة غير صحية.

في الختام، يجب علينا التنبه لموضوع أوزاننا إن كنا نعاني من أي زيادة ، حيث ترتبط السمنة ارتباطاً وثيقاً بأمراض عديدة، و يجدر علينا التنبه لأطفالنا إن كانوا يعانون منها و الشروع في إدخالهم إلى برامج تقليل الوزن و تحفيزهم بتناول الطعام الصحي لتفادي تلك المشاكل في المستقبل.

ودمتم بصحة وعافية دائمة!

 
 


فاطمة الزهراء عوض

فاطمة درست الصيدلة و تهتم بكل ما يشمل صحة الأسرة