هذا المقال متوفر أيضاُ باللغة English

 "دي شكالة شكل! غرابية دي؟!" هذه العبارة التي قالتها إحدى زميلاتي لصديقتي والتي صادف أنها من دارفور عندما كنا في المرحلة الثانوية. لم تكن مخطئة في وصفها من غرب السودان، ومع ذلك غضبت من استهزائها بثقافة قبيلتها. لم تكن تجربتي الغير مباشرة في العنصرية القبلية طوال فترة دراستي في المدرسة الثانوية أمرًا سهلاً. أذكر أنني كنت أرغب في الدفاع عن صديقتي والطلب منهم أن يتركوها بشأنها، ولكن بصفتي مراهقة لا تميل إلى المواجهة، كنت أخشى أن يتصاعد ذلك بسرعة إلى مناقشة محتدمة. على الرغم من مدى حيرتي وغضبي، إلا أنني لم أستطع أن أقول أي شيء، وأجبرني الأمر أن أتحمل هذا الإحباط طوال سنين حياتي.

في الوقت الحاضر، عملت مع اندريا على مشروع مع معمل السلام و التكتولوجيا وهو معهد أمريكي غير ربحي – و مبادرة سوديا لتطوير معجم عن خطاب الكراهية في السودان، في محاولة لاكتشاف أشكال خطاب الكراهية التي تمارس على الإنترنت و أرض الواقع وفهم سياق إمكانية حدوث الصراع خلال الانتقال السياسي نحو حكومة مدنية. بعد شهور طويلة من البحث وضيق المواعيد النهائية، وبينما كنت أنهي المشروع، ركزت عيناي فجأة على كلمة معينة واجهتها منذ سنوات وهي غرابي/ة. أعادتني الذكريات إلى أيام دراستي الثانوية لتلك الزميلة التي نادت صديقتي بسخرية، تصفها بأنها "غرابية". من الغريب أنني لم أتذكر تلك الحادثة منذ بدء المشروع ، ولكن في هذه الحظة المفاجئة، تمنيت لو دافعت عن صديقتي ووضعت حداً للتنمر والشتائم.  لقد خطر لي أن العمل في هذا المشروع كان أكثر من مجرد بحث، فقد كنت جزءاً من هذا البحث أيضًا.  يتحدث المعجم عن مصطلحات الكراهية وتحليلها عبر وسائط متعددة والأسباب الكامنة وراء استخدامها.  تستخدم المصطلحات، مثل المناداة في إطار الضحك أو الكراهية باسم القبيلة و تعتبرعلى أنها إهانة ، ويمكن الجزم أنه هو السبب الجذري للصراع في السودان.  ومن ثم، فإن ربط الكراهية بالنزاع من المهام التي علينا مناقشتها، و حلها في السودان.

undefined

المصدر: Reliefweb.com

إبراهيم الحاج، هو اختصاصي تنمية مجتمعية ولديه خبرة في خطاب الكراهية من خلال العمل على أرض الواقع مع مجتمعات دارفور، وقد ألهمني هذا للنقاش معه وفهم المزيد حول ممارسات خطاب الكراهية في منطقة دارفور. كما أنه ساعدنا بشكل كبير في مشروع المعجم من خلال البحث الميداني و تنظيم ورش لمناقشة نتائج البحث في الفاشر.

هند خير الله:  دارفور منطقة شاسعة تضم حوالي ستة وثلاثين مجموعة عرقية.  كيف تظهر الكراهية داخل المجتمع؟

 إبراهيم: دارفور بالفعل منطقة متنوعة ذات قبائل مختلفة وكل قبيلة فريدة بتقاليدها وثقافتها، لكنهم في الغالب معزولون.  ساهمت الحرب في انقسامهم الاجتماعي، ويعيشون منفصلين عن المجموعات العرقية الأخرى. أدى هذا النقص في التواصل إلى أن يعيشوا في عزلة ويشككون في أي دخيل يختلف عنهم. حيث أنهم يفضلون التفاعل مع أشخاص من نفس الخلفية.

هند:  ما هو سياق خطاب الكراهية في دارفور ومن يستخدمه؟

إبراهيم: بعد حرب دارفور، أصبحت هذه هي القاعدة، حيث وجد الناس صعوبة في الثقة أو بناء علاقة مع القبائل والأعراق الأخرى. وللأسف، انتقلت هذه العقلية إلى أطفالهم الذين يمارسون بدورهم الانقسام الاجتماعي والقبلي في المدرسة دون أن يكونوا على علم بذلك. وبالطبع في إقليم دارفور، يُترجم خطاب الكراهية إلى اللون والخلفية الجغرافية والقبيلة التي تنتمي إليها. لقد لاحظت هذا السلوك مع العديد من القبائل في دارفور، ولم تؤثر المسافة فقط على العلاقات بينهم، ولكن أيضًا إساءة استخدام اسم القبيلة إلى سمة خاطئة يحملها شخص بعينه وليست القبيلة.  مثل الفقر أو التحدث بلهجة عربية مكسورة.  لقد كان الأمر كذلك، حتى بدأوا مؤخرًا في إدراك الضرر الناجم عن استخدام لغة مسيئة ضد بعضهم البعض.

undefined

المصدر: Yahoo.com
 

هند: هل هناك أحداث معينة تحرض على خطاب الكراهية؟

 إبراهيم: يعتبر خطاب الكراهية أداة لإثارة العنف عندما يكون هناك صراع شخصي بين عضوين من قبيلتين مختلفتين، فإنهم يميلون إلى استخدام مصطلحات كراهية بينما ينادون قبائل بعضهم البعض، كسلاح لفظي لكسب النزاع.  الناس هناك يفتخرون باسم عائلاتهم، والإساءة إلى ذلك يعتبر إهانة كبيرة للكل من هذه القبيلة، بينما كان الخلاف الأصلي مع شخص واحد فقط.  يقال هذا بقصد التفوق والتحيز المعنوي على الآخر. يلاحظ أيضًا خطاب الكراهية في الزيجات بين الأعراق، حيث يُمارس التمييز وخطاب الكراهية كطريقة لرفض الآخر عن طريق إهانة قبيلتهم، وقطع كل محاولات الحفاظ على السلام الاجتماعي. مثال آخر: يمكن التحريض على العنف والتمييز في السوق التقليدي، حيث تحتكر بعض القبائل صناعة معينة وتفرض الهيمنة في السوق.  ليس هذا فحسب، بل يختارون البيع لأفراد قبيلتهم فقط وليس للآخرين.  وحتى لو باعوا للآخرين، فستكون البيعة بإعطاء منتج سيئ الجودة.

هند: هل تم القيام بأي عمل لمعالجة هذه القضية إقليمياً؟

إبراهيم:  كانت الحكومة السابقة بقيادة عمر البشير قد وضعت استراتيجية ركزت على تطوير دعاية الكراهية والانقسام للانتصار.  لسوء الحظ، سرعان ما وقع الناس في تطبيقه وشاركوا فيه طوال فترة الحكم. وبذلك، ظل السودانيون يعيشون تقسيم مدني ممتد وتاريخ طويل من حرب أهلية استمرت قرابة 3 عقود من الصراع بين شمال وجنوب السودان، الإبادة الجماعية في جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور.  بالإضافة إلى الاضطرابات الأخيرة التى حدثت بين قبيلة البني عامر والنوبة في شرق السودان.  نحاول معالجة ذلك عن طريق الانفتاح و تقبل الآخر.

بعض منظمات المجتمع المدني مثل عديلة تعمل على تعزيز السلام الاجتماعي من خلال جمع الشباب معًا من خلفيات مختلفة والسفر عبر مناطق عدة لفتح محادثات وحوارات حول السلام و الاستقرار الاجتماعي. هذا أقل ما يمكننا فعله، لكننا بحاجة إلى تنظيم المزيد من البرامج التي تركز على التمييز القبلي وخطاب الكراهية. في ملاحظة أخيرة ، أكد إبراهيم الحاج على أهمية تعليم الطلاب في المدارس حول السلام الاجتماعي، لكسر الأفكار النمطية الموروثة من الأجيال السابقة لإنهاء الصراعات المستقبلية.  إن تحدي خطاب الكراهية معركة طويلة، وتتطلب جهدًا هائلًا من كل واحد منا.  يمكن للحكومة فرض القوانين التي تدين الانتهاكات ويجب أن تحاسب المسؤولين عنها، ولكن من واجبنا أيضًا كأفراد أن ندرك أخطاءنا وأوجه قصورنا.  يجب فرض الاحترام على جميع الوسائط من خلال تحدي خطاب الكراهية سواء عبر الإنترنت أو خارج الإنترنت مع تقدير الاختلافات الطبيعية لدينا كسودانيين.

لمعرفة المزيد حول المصطلحات التي اكتشفتها الدراسة، قم بتنزيل معجم خطاب ومصطلحات الكراهية لقراءة المزيد عن تحليلاتها إذا كنت تريد المساهمة لوقف خطاب الكراهية، انضم إلى حملتنا #ما_تناديني وشاركنا أفكارك وتجاربك!

 


هند صالح

هند صالح مهندسة مسح مع خبرة عامين في تقديم العطاءات وتعزيز استراتيجيات الاتصال في مجال البناء. نمت هند شغفها في الكتابة والتوجيه الإبداعي في أندريا ، كما وجهت اهتمامها بحقوق المرأة والتنمية الذاتية.