الأمل – الأمل في الحب، السعادة والنجاح هي بعض الأشياء التي نحسها ونسعى إليها في حياتنا اليومية. في مسلسل درامي سوداني جديد، نرى كيف تلعب هذه المتغيرات الرئيسية دوراً مهماً في حياة نساء ورجال سودانيين في دول المهجر.
“عشم” الكلمة التي تعني الأمل، هي محور هذه الدراما السودانية، التي تصور حياة السودانيين في الخارج خاصة في الشرق الأوسط. “القصة تدور حول معنى العشم” يقول أحمد مهدي قرشي مدير الإنتاج وأحد المؤسسين الرئيسيين ل “عشم” مع المخرج محمد كمال والمنتج السعودي وسام الكاف. “ركزنا على المشاكل والتحديات التي تواجه السودانيين في الخارج، وعكسنا حياة السودانيين من مختلف الزوايا بما في ذلك العادات والتقاليد”. يضيف أحمد “فكرة عشم جاءت من إنعدام الأعمال الدرامية والمسرحية الشبابية السودانية”.
أول ثلاث حلقات من “عشم” تم عرضها على اليوتيوب في يوليو 2017 في رمضان. لكن أول ظهور للسلسلة كان في أبريل 2017 عندما تم عرض تريلر عبر فيسبوك. كل حلقة حصدت أكثر من 200,000 مشاهدة وكانت مدتها بين 13 – 255 دقيقة “نريد تشجيع السودانيين على متابعة اليوتيوب أكثر ” يقول أحمد. “اليوتيوب أصبح منصة جديدة للعرض السريع” يضيف.
المنتج السعودي وسام الكاف، والذي يلعب أيضاً دور كفيل سعودي يجلب العمال السودانيين من السودان إلى السعودية، يقوم حالياً بتمويل ورعاية السلسلة بالكامل. “إتفقنا معه على تمويل وإنتاج ثلاث حلقات، ثم بعدها سنجد تمويلاً. عدة جهات قدمت وعوداً بالتمويل من السعودية والإمارات لكن للأسف قاموا بالإنسحاب مما أصابنا بخيبة الأمل. لحسن الحظ قرر وسام الإستمرار بتمويل السلسلة خاصةً بعد أن لاقت نجاحاً وقبولاً من الناس ولأنه أراد دعمنا” يقول أحمد موضحاً أن السلسلة كلفت حتى الآن 30,000 دولار.
بعد الإعلان في وسائل التواصل الإجتماعي، بدأت تجارب الأداء للمثلين في “عشم” في فبراير 2017 في المملكة العربية السعودية حيث قدم 36 شخص فقط لتجارب الأداء. عدد المترشحين كان أكبر من عدد المترشحات كما قال أحمد، وبعض المترشحات اللآئي قمن بتجارب الأداء وحصلن على الأدوار اضطررن للإنسحاب لاحقاً لضغوط من الأسرة. “واجهتنا صعوبات شديدة في إقناع الأسر. مجتمعنا السوداني مجتمع محافظ جداً. أنا ومحمد كمال اضطررنا للحديث مع أهالي الممثلات المترشحات لإقناعهم أن هذا إنتاج للشباب، ليس له توجهات سياسية ولا يخل بالقيم والأخلاقيات. أوضحنا أن العمل يصور حياة الشباب السودانيين في الخارج” يقول أحمد موضحاً.
“العديد منهم كان متحمساً للفكرة، لكنهم أبدوا مخاوفاً بخصوص التصوير وهل هو قانوني أم لا، بالتأكيد كان لدينا تصاريح قانونية للتصوير لكننا اضطررنا إلى إطلاعهم على أذونات التصوير في المواقع المحددة. بعض الآباء لم يكونوا راضين عن طول فترة ساعات التصوير، في بعض الأحيان كانت الممثلات يعدن لمنازلهن في الواحدة أو الثانية بعد منتصف الليل، لكن تدريجياً إعتاد الأهل على الأمر” يقول أحمد متذكراً. حالياً يضم فريق “عشم” 30 شخصاً على الأقل منهم ممثلين وممثلات وفريق الإنتاج.
“نحن لسنا صانعي أفلام، ممثلين وممثلات وما إلى ذلك، نفعل ذلك فقط في أوقات فراغنا. أنا مهندس ومحمد كمال مهندس بترول. في الصباح نذهب إلى وظائفنا ونقوم بالتصوير في المساء وفي الغالب في نهاية الإسبوع: يومي الجمعة والسبت. إذا كان لدينا وقت أطول كنا سننجز العمل في فترة أقصر. المسئولية أصبحت أكبر وحتى أهالينا اصبحوا مهتمين بالأمر ويسألون عن تقدم “عشم”، يقول أحمد موضحاً.
“عشم” يحكي قصص العديدين، المسلسل الدرامي في الأصل يتابع قصة البطلة الأساسية “سلمى” التي تقوم بدورها “عبير الشيخ”، التي تجد نفسها في علاقة حب ثلاثية مع صديق الأسرة “وليد” الذي يقوم بدوره “حسن كسلا”، و أحد المعارف الجدد “عمار” الذي يقوم بدوره “ابراهيم ناجي”، وهو الذي يقوم بأداء أغنية “عشم” التي كتبت كلماتها “منال طه”. ليس هناك أكثر من ثلاث حلقات على يوتيوب فلازلنا نشاهد فقط بداية مثلث الحب.
بالرغم من أن الرومانسية هي الطابع الأساسي للمسلسل، لكن المشاهدين سيلمسون الصعوبات التي تواجه السودانيين المقيمين في دول الشرق الأوسط. على عكس السائد، يعكس المسلسل الصعوبات المالية التي يمر بها السودانيون في الخارج. في الحلقة التجريبية من “عشم”، يحدث مشهد مؤثر عندما يصاب والد “سلمى” بالمرض، وتجري مناقشة مع والدتها، تكشف عن عدم قدرتهم على التماس العلاج لأنهم غير قادرين على تحمل نفقات الرعاية الصحية. في مرحلة ما، تقترح “سلمى” العودة إلى السودان. لكن والدتها تخبرها أنه ليس لديهم ما يعودون إليه.
في أحدث حلقات “عشم”، الحلقة الثانية، تصل شخصية جديدة إلى المملكة العربية السعودية من السودان، يجلس وهو يلعب مع بعض الشباب ويصدم لسماع واقع المعيشة في الخارج. صاحب شهادة الماجستير، الشخصية الجديدة يخبر الآخرين كيف كان عليه أن يبيع حافلة صغيرة له، ما تسمى بال “أمجاد”، من أجل أن يستطيع تدبير تكاليف السفر. ويقابل ذلك بالضحك وعدم التصديق حيث يخبره أحدهم إنه يحاول أن يجمع ما يكفي لشراء “أمجاد”، في حين يبدأ الآخرين في التعبير عن خيبة أملهم، ويخبرونه كيف رضوا بوظائف منخفضة الدخل كالباعة، على الرغم من أنهم يحملون شهادات في القانون و الهندسة.
تم تصوير وإخراج العمل من قبل شركة الإنتاج السوداني وقناة سوديو في المملكة العربية السعودية. “عشم هو أول إنتاج سوداني من قناة سوديو” يقول أحمد “نحن ننتج الكثير من الأعمال السعودية، ولكن هذا هو أول إنتاج سوداني لنا”. وردا على سؤال ما إذا كانت قد واجهتهم أي عقبات أو قيود خاصة عند تصوير مشاهد مختلطة، أجاب أحمد نافياً، موضحا أن “المجتمع السعودي أصبح أكثر تقبلاً لوسائل الإعلام”.
مع قوانين الإقامة الجديدة في المملكة العربية السعودية، يعتقد أن حوالي 50,000 سوداني سيعودون إلى السودان. ووفقا لأحمد، فإن القوانين الجديدة كان لها تأثير على الفيلم. “واجه فريقنا بأكمله تحديات، ولسوء الحظ، اضطر ثلاثة من عناصرنا إلى مغادرة السعودية والعمل والعودة إلى السودان. أحدهم هو شخصية مهمة، محمد طاهر، الذي لعب المشهد مع الممثل السعودي “وسام الكاف”، ولعب دور السوداني الذي يصادق السعوديين ويتحدث باللهجة السعودية أكثر من السودانية، وهو شقيق حنان “سلمى الشيخ”. قمنا بتغيير السيناريو حيث يتم القبض عليه بسبب نشاط غير قانوني ويتم ترحيله إلى السودان “.
بعد نجاحه في يوتوب، تمكن “عشم” من توقيع عقد لمدة سنة مع إحدى القنوات التلفزيونية الأكثر شعبية في السودان، سودانية 24 (S24)، حيث سيتم قريبا عرضه للجمهور. تمكن “عشم” من إبرام صفقة S24 من خلال منظمة لوسائل التواصل الإجتماعية تدعى “تكوين”، المسؤولة عن وسائل التواصل الاجتماعية للعروض. “حاولوا أن يجدوا لنا راعياً، فلديهم وكيل في السودان يسمى “طارق الشيخ” فذهب إلى زين، MTN وغيرها للعثور على الرعاية ولكنه اخيراً وجد S24. عندما عرض عليهم الاقتراح، أخذوا بعض الوقت ثم وافقوا بعد مشاهدة صفحاتنا على وسائل التواصل الاجتماعية والحلقات” قال أحمد. وستوفر صفقة البث على S24 عرض 30 حلقة بما في ذلك حلقات يوتيوب الثلاثة الأولى. “بالتأكيد سيكون هناك تحسينات في التصوير والإنتاج. وسنرى شخصيات جديدة ” أضاف أحمد.
وبسبب هذا التطور الملحوظ، أجرى أحمد ومحمد ووسام عدد من البروفات وتمارين الأداء. “في المرة الثانية، كان لدينا ما لا يقل عن 100 شخص لتجارب الأداء. لقد فوجئنا بالإقبال لأننا كنا أولاً نكافح ونبحث عن ممثلين، والآن هم يبحثون عنا! وبعد إجراء التجارب والمقابلات، أضفنا شخصيات جديدة، ستة على الأقل” ذكر أحمد. مؤكدا أن الشخصيات الجديدة تضم أم ل”وليد” وأخ أصغر ل”عمار”. إختتم أحمد حديثه بقوله “سيكون هنالك 30 حلقة لذلك بالطبع نحن بحاجة إلى المزيد من الأحداث والدراما، لذلك نحاول تحقيق نجاحاً أكبر. سيكون التصوير بالكامل في السعودية، الموسم الأول بأكمله. إذا سارت الأمور بشكل جيد، قد نأخذ العرض إلى السودان. إذا كان هذا الموسم نجاحاً، سنضيف موسماً آخر “.
ووفقا لما ذكره أحمد، فإن “عشم”سوف يعود مرة أخرى وعلى الهواء على S24 في أواخر فصل الخريف.