هذا المقال متوفر أيضاُ باللغة English

السودان، الذي كان يوماً أحد أكبر الأقطار في إفريقيا وأكثرها تنوعاً، إنقسم إلى دولتين في يوليو 2011 عندما صوّت أبناء جنوب السودان للإنفصال. يقع السودان شمال شرق إفريقيا ويشتهر بتنوعه الثقافي، تقطنه حوالي 597 مجموعة قبلية يتكلمون حوالي 400 لغة ولهجة محلية. كإحدى الدول النامية، فالسودان متأثر بصورة كبيرة بالتغيّر المناخي، الذي يزيده سوءاً أنظمة الحفاظ على البيئة المحدودة وضعف البنيات التحتية والاقتصاد.

أغالبية أراضي السودان معرّضة لتغيّر درجات الحرارة ومعدلات هطول الأمطار، و حوالي 65% من السكان يقطنون المناطق الريفية ويعتمدون مباشرة على موارد متأثرة بالتغير المناخي. الأمن الغذائي في تلك المناطق يعتمد أساساً على معدّلات هطول الأمطار؛ التي تتفاوت بصورة كبيرة من الشمال إلى الجنوب. متوسط درجة الحرارة سنوياً في السودان يقع بين 26 – 32 درجة مئوية، وفي بعض المناطق قد يصل إلى 47 درجة مئوية مما قد يسبب الكثير من الأمراض المرتبطة بالإرتفاع الشديد في درجات الحرارة. الإنخفاض في معدلات الأمطار السنوية في ال 60 سنة الماضية والإرتفاع في متغير نسب الأمطار يساهم في حدوث الجفاف في الكثير من المناطق في البلاد. للجفاف العديد من الآثار الإجتماعية والاقتصادية؛ كالعديد من الوفيات للبشر والحيوانات وكذلك هجرة ونزوح ملايين الناس، والأعداد في زيادة سنوياً. 

بالإضافة للجفاف، فقد عانى السودان من العديد من الفيضانات في العقود الماضية والعديد من الأحداث المناخية القاسية؛ مثل موجات الحرارة الشديدة، العواصف الترابية والعواصف الرعدية التي تهدد حياة الكثير من الناس. للتغيّر المناخي كذلك العديد من الآثار الإجتماعية المرتبطة به؛ على سبيل المثال في مواسم الفيضان أو الجفاف يضطر الكثيرون إلى النزوح إلى مناطق تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، مما يساعد على إنتشار الأمراض المعدية المهددة للحياة ويقود للزعزعة، مما يهدد الإستقرار والأمن. غالبية سكان السودان يعيشون تحت ظروف قاسية بينما مستوى الوعي بالعلاقة بين الكثير من المواضيع المهمة والتغيّر المناخي منخفض جداً.

جهود محدودة بُذلت لتعزيز الوعي بمخاطر المناخ على الأمن الغذائي، والتي في رأيي، الأثر الأكثر خطراً. بسبب عدم الإستقرار السياسي، فإن مؤسسات الدولة عُرضة للتغيير المستمر لذلك لديها مساهمات محدودة في الإتفاقيات متعددة الأطراف للمناخ مثل الإتفاقية الهيكلية للأمم المتحدة للتغيير المناخي (UNFCCC) .

undefined

Image Credit: Jiro Ose  

عانى السودان كثيراً من تداعيات التأثير المناخي، فحرب دارفور هي في الحقيقة أول حرب مناخية، فقد حدثت نتيجة للزيادة في حدة الكوارث الطبيعية على السودان، مما جعل منطقة شمال دارفور فقيرة للرعي، مما دفع رعاة شمال دارفور إلى النزوح جنوباً والإستقرار في أراضي المزارعين. لا شك أن عوامل أخرى كالصراع على القوة والقبلية ساهمت في تصعيد النزاع، ولكن، التغيّر المناخي يظل سبب رئيسي لهذا النزاع. في 2008، قدرت الأمم المتحدة عدد النازحين بسبب حرب دارفور بأكثر من مليون شخص، بينما توفي 300,000 آخرون. 

من وجهة نظر بيئية، فإن السودان من أقل الدول التي تساهم في إنبعاث غازات الإحتباس الحراري مما يقود إلى رفع درجة حرارة سطح الأرض محدثةً التغيّر المناخي. ولكن ذلك لا يعنى أن السودان لا يجب أن يشارك في محاربة التغيير المناخي. على العكس، فللدول النامية مثل السودان دور رئيسي في إنجاح مفاوضات التغيّر المناخي عالمياً وتبني الطاقات المتجددة.

على المستوى الإقليمي، يحتاج السودان البدء بمبادرات لتحقيق الأمن الغذائي وتعزيز المقدرة على التأقلم لدى صغار المزارعين والرعاة، زراعة الأحزمة الخضراء لخلق مناخات محلية ملائمة، تقليل إستهلاك المياه للوصول للإستدامة وحماية المزارع من الرياح والعواصف الرملية. بالإضافة إلى ذلك، يحتاج السودان إلى تطوير الزراعة العضوية والمروية بالتنقيط. كما يجب توفير مياه الشرب في المناطق النائية بإستخدام طلمبات تعمل بالطاقة الشمسية التي توفر الوقت وتمنح الأطفال الفرصة للإلتحاق بالدارسة بدلاً عن العمل في نقل المياه من الآبار إلى الديار، و تعزيز تمكين المرأة عبر دعم منظمات المرأة لرفع الوعي بأهمية دور المرأة في التنمية وصناعة القرارات.