هذا المقال متوفر أيضاُ باللغة: الإنجليزية

ﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎء ﻓﺘﺮﺓ ﺍﻟﺤﻴﺾ (MHH) ضرورية لرفاه وتمكين النساء والفتيات المراهقات. في المجمل هناك ما يقدر بنحو 500 مليون يفتقرون إلى الوصول إلى منتجات الدورة الشهرية والمرافق المناسبة لإدارة نظافة الدورة الشهرية (MHM) حول العالم.


من أجل إدارة الحيض بشكل فعال تحتاج الفتيات والنساء إلى الوصول إلى مرافق المياه والصرف الصحي والنظافة، ومواد النظافة الشهرية المناسبة والميسورة التكلفة ومعلومات عن الممارسات الجيدة وبيئة داعمة حيث يمكنهم إدارة الدورة الشهرية دون إحراج أو خجل.


يعتبر فقر الدورة الشهرية من المفاهيم السائدة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. يحدث هذا عندما ترتبط إدارة صحة الدورة الشهرية بالعديد من أهداف التنمية المستدامة، الصحة البدنية والرفاهية النفسية والإجتماعية، والتعليم الجيد والتمكين والمساواة بين الجنسين، والمياه والصرف الصحي، والمدن المستدامة والإستهلاك والإنتاج المسؤولان لموارد البيئة.


يستخدم النساء في المناطق فقيرة الموارد من بلدان المنطقة - بسبب عدم توافر المنتجات الكافية- الملابس القديمة والورق والقطن أو قطع الصوف وحتى أوراق الشجر لإدارة نزيف الحيض. هذا الوضع أسوأ بالنسبة لفتيات المدارس.


فريق مبادرة "أنا مهمة" يتبرع بالفوط الصحية لمدرسة في رواندا. المصدر: مبادرة "أنا مهمة"


مبادرة "أنا مهمة" التي تتقدم لدعم الفتيات اللاتي يذهبن للمدرسة


في عام 2019، ديفاين إنغابير، المديرة التنفيذية للمبادرة، قابلت سينثيا (ليس اسمها الحقيقي) كانت تبلغ من العمر 14 عامًا في ذلك الوقت وكانت تعيش مع عائلتها المكونة من ستة أفراد في منطقة كارونجي الريفية في رواندا. كانت سينثيا ملتحقة بمدرسة ثانوية حكومية قريبة حيث كانت تمشي لمدة ساعتين كل صباح لتصل إلى مدرستها.


على الرغم من المسافات الطويلة والصراعات الأسرية في المنزل، كانت سينثيا طالبة طموحة ومتحمسة حتى جاءت الدورة الشهرية وأجبرتها على التغيب عن المدرسة كثيرًا. تعتبر أيام الدورة الشهرية لسينثيا كابوسًا لأنها تضطر للبقاء في المنزل وتعاني أحيانًا من تقلصات شديدة، ولا يزال يتعين عليها رعاية أشقائها ومساعدة والديها.


ديفاين إنغابير مع أحد المستفيدين من مبادرة "أنا مهمة". المصدر: مبادرة "أنا مهمة"


يعمل والدا سينثيا في وظائف بسيطة ولا يمكنهم تحمل تكاليف الأشياء الأساسية مثل فوط الحيض. تعطيها والدتها 2000 فرنك رواندي أي ما يعادل 2 دولار في بداية الفصل الدراسي الذي يستمر لمدة ثلاثة أشهر، حيث تستخدم الطالبة النقود في شراء معدات مدرسية ولا يتبقى مالًا لشراء فوط الحيض.


كبديل اختارت سينثيا استخدام قطع الملابس القديمة كمناشف للدورة الشهرية. بعد بضعة أشهر عندما قابلت ديفاين إنغابير، مؤسسة مبادرة "أنا مهمة" التي تهدف إلى إنهاء فقر الدورة الشهرية في رواندا، أصيبت بعدوى من الملابس غير النظيفة التي كانت تستخدمها.


قالت إنغابير لأندريا في مقابلة: "عندما التقيتها كان قد أثر وضعها على دراستها وصحتها العقلية. كانت مكتئبة وخائفة ولم يكن لديها من تتحدث معه عما كانت تمر به. كانت أيضاً درجاتها في المدرسة تنخفض، فقد كانت عاجزة."


توفر مبادرة "أنا مهمة" الآن لسينثيا عبوات من الفوط الصحية كل شهر، وهي قادرة على الذهاب إلى المدرسة كل يوم وتستعد للإمتحان الوطني العام المقبل. سينثيا هي واحدة من بين أكثر من 1500 فتاة من جميع أنحاء رواندا يحصلن على فوط صحية كل شهر من مبادرة إنغابير. لقد جعلت من مهمتها في الحياة التأكد من أن الفتيات لا يفوتن الفرص بسبب فقر الدورة الشهرية.


سؤال صحة الدورة الشهرية والنظافة


في حين أُثني على رواندا لسد الفجوة بين الجنسين بسرعة وإتاحة الفرص للفتيات والنساء، لا يزال فقر الدورة الشهرية يمثل عقبة حقيقية أمام الفتيات المنحدرات من أسر فقيرة. حيث يعيش أكثر من 30 في المائة من سكان رواندا البالغ عددهم 12.9 مليون نسمة تحت خط الفقر، وهذا ما يؤدي إلى تفاقم فقر الدورة الشهرية بين النساء والفتيات.


فريق مبادرة "أنا مهمة" خلال حملة ضد فقر الدورة الشهرية. المصدر: مبادرة "أنا مهمة"


لسوء الحظ، فقر الدورة الشهرية ليس خاصاً برواندا. وفقًا لبيانات اليونسكو واحدة من كل 10 فتيات في أفريقيا جنوب الصحراء تتغيب عن المدرسة بسبب فقر الدورة الشهرية. تمامًا مثلما شرعت إنغابير في عكس هذا الواقع، على الجانب الآخر في مقاطعة كاكاميغا بغرب كينيا اتخذت ميلدريد أوكوكو مدرسة لغة إنجليزية بمدرسة إبتدائية، مبادرة مماثلة.


في مدرسة قرية نامديرا الإبتدائية، أسست أوكوكو B2G ، مبادرة محو الأمية التي توفر فوط صحية قابلة لإعادة الاستخدام واستشارات ودعمًا نفسيًا اجتماعيًا للفتيات من سن 9 سنوات. أوكوكو وهي معلمة تبلغ من العمر 35 عامًا أخبرت أندريا أنها طورت شغفها بتمكين الفتيات بسبب قصتها الشخصية من الطفولة. مثل العديد من الفتيات في مقاطعتها في ذلك الوقت كادت أن تصبح ضحية لزواج الأطفال.


تروي أوكواكو: "حاول والدي تزويجي عندما كان عمري 14 عامًا. كان يعتقد أن الزواج أنبل شيء يمكن أن تفعله ابنته. ولكن لأنني كنت معروفة بكوني ذكية في فصلي فقد احتج أساتذتي ودافعوا عني أمام عائلتي. كنت أول امرأة تلتحق بالجامعة في قريتي في ذلك الوقت. لا أتمنى أبدًا أن تفوت الفتاة فرصة لمجرد كونها فتاة وينظر إليها أسرتها بازدراء."


عدم وجود دعم تجاه نظافة الدورة الشهرية


في مدرسة أوكواكو من بين 30 معلمًا، هناك 5 نساء فقط. فهي بالكاد تحصل على دعم من المدرسة أو السلطات المحلية على الرغم من أنها تمكنت من إعادة 78 فتاة إلى المدرسة بعد أن حملن وتوقفن عن الدراسة خلال جائحة كوفيد-19.


قالت أوكواكو: "إنه عمل كثير، بالإضافة إلى الفقر لا تزال أسر الفتيات لديها عقلية صعبة الإقناع. إن إقناعهم بأن الفتاة يجب أن تعود إلى المدرسة حتى بعد الولادة بدلاً من الزواج هو الجزء الأصعب. الدعم الإضافي سيجعل عملي أكثر فعالية".


أوكوكو تتفاعل مع تلاميذ مدرسة كاب الإبتدائية في كينيا. المصدر: B2G لمبادرة محو الأمية


تواصل أوكوكو السعي للحصول على الدعم والتمويل لتوسيع دعمها للفتيات. تنفق ما يقرب من 10 آلاف شلن كيني (82 دولارًا) شهريًا من راتبها الشهري البالغ 25 ألف شيلينغ كيني لشراء فوط صحية للفتيات في مبادرتها. مثلها تماماً، تكافح إنغابير من أجل دعم الفتيات مع استمرار ارتفاع أسعار الفوط الصحية وكل شيء آخر في كيغالي.


"أتساءل عن عدد الفتيات اللواتي سنستطيع مساعدتهن إذا حصلنا على الدعم والتمويل"، قالت إنغابير من مبادرة "أنا مهمة". و أضافت أن فريقها قام بتوزيع صناديق التبرع في المتاجر ومراكز التسوق والصيدليات في جميع أنحاء كيغالي لتشجيع الناس على التبرع بالمال أو الفوط الصحية. حيث تقول أن التبرعات لا تزال منخفضة.


أشار تقييم سريع لحالة إدارة صحة الدورة الشهرية في رواندا أجراه المعهد السويسري للصحة الإستوائية والعامة (Swiss TPH) إلى أن تكلفة عبوة الفوط الصحية ذات الاستخدام الواحد تتراوح بين 700 فرنك سويسري (71 سنتًا أمريكيًا) 1000 فرنك رواندي (1 دولار أمريكي) تقريبًا، أجر يوم لكثير من النساء، مما يجعله بعيد المنال بالنسبة للكثيرين.


كما أشارت إلى أنه في بعض العائلات ومخيمات اللاجئين يعطي الآباء الأولوية للطعام على احتياجات إدارة الدورة الشهرية وهذا غالبًا ما يؤدي إلى شعور الفتيات بالإهمال ويدفع البعض إلى اللجوء إلى بيع الجنس مقابل الحصول على السلع. يظهر البحث أن مصنعي الفوط الصحية الرخيصة القابلة لإعادة الاستخدام قد أوقفوا أنشطتهم بسبب عدم وجود لوائح رسمية بشأن المعايير.


على الرغم من أن البحث لم يكن مكثفًا إلا أنه يمنح الدولة فرصة لإجراء بحث كمي أو نوعي لمعالجة الجوانب الأساسية، لا سيما القضايا المستمرة المتعلقة بارتفاع أسعار الفوط الصحية. حيث يعتبر الحيض من المحظورات ولا يشارك الرجال في دعم النساء أثناء فترات الحيض.


خاتمة


يستمر الفقر والخجل ووصمة العار والمعلومات الخاطئة المحيطة بالحيض في الإسهام في بواعث القلق الخطيرة المتعلقة بحقوق الإنسان للنساء والفتيات. يقوض عار الفترة والمعلومات المضللة رفاهية النساء والفتيات مما يجعلهن عرضة للتمييز بين الجنسين وزواج الأطفال والإقصاء والعنف والمشاكل الصحية غير المعالجة.


يمنع الخجل من الدورة الشهرية وووضعها ضمن المحظورات في بعض المجتمعات النساء والفتيات من لمس الماء أو الطبخ أو حضور الإحتفالات الدينية أو الإنخراط في الأنشطة المجتمعية. تعزز هذه الممارسات التمييز القائم على النوع الإجتماعي مما يديم فكرة أن الحائض من النساء والفتيات نجسات.


تتصور كل من أوكوكو وإنغابير عالماً يتم فيه تمكين الفتيات ومنحهن أرضية انطلاق متساوية مثل الأولاد لتحقيق إمكاناتهم الكاملة. مع القليل من الدعم الخارجي أو بدونه تمكنوا من تغيير حياة مئات الفتيات بعلبة من الفوط الصحية فقط.


قد تساهم تكلفة منتجات الدورة الشهرية أيضًا في تصور أن البنات مرهقات اقتصاديًا. تحتاج الحكومات وأصحاب المصلحة الآخرون إلى معالجة تكلفة منتجات الدورة الشهرية التي تؤثر في النهاية على صحة وسلامة النساء والفتيات المستضعفات.


تحتاج الحكومات في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى تمرير وتنفيذ السياسات واللوائح في محاولة لجعل منتجات الدورة الشهرية ميسورة التكلفة وسهلة الوصول إليها وآمنة. تكمل السياسات الفعالة الجهود الأوسع نطاقًا لتوسيع المعلومات والمعرفة حول صحة الدورة الشهرية والنظافة وتساعد على التغلب على وصمة العار ووضعها ضمن المحظورات.


أنجي إلايزا

أنجي إلايزا، صحفية وسائط متعددة مقيمة في كيغالي، رواندا. لديها خبرة في الصحافة المكتوبة وعملت في دور إعلامية كبرى في رواندا ومنطقة شرق إفريقيا. كانت إلايزا زميلة في زمالة مانديلا واشنطن 2022. وهي شغوفة بقصص الإهتمامات الإنسانية وإعداد التقارير حول قضايا تمكين المرأة والصحة والأعمال التجارية وحقوق الإنسان والعدالة.